حالفني الحظ منذ بدء افتتاح سوق المزارعين لهذا العام في نسخته الحادية عشرة أن أقوم بزيارتين الأولى كانت سريعة، ورسمية، ولم أحظَ بالتمعن بما هو موجود لكون الزيارة كانت رسمية، والمكان مزدحم بأصحاب المحلات وعائلاتهم؛ ولكن في الزيارة الثانية أتيحت لي فرصة التنقل بين كبائن السوق وما يتم عرضه من محتويات، وبرامج أعدها واشتغل عليها المزارعون والحرفيون، وأصحاب المحلات المتنوعة؛ بأهداف ورسائل وطنية بالغة حملها المتواجدون لزوارهم المتنقلين بخطواتهم في كل اتجاهات وممرات وأزقة سوق المزارعين.
سوق المزارعين لم يعد كما كان في نسخته الأولى بل أصبح اليوم وجهة سياحية ينتظرها السواح قبل المواطنين، ومحط أنظار الكثير من المهتمين بنوعية هذا السوق، لما يحتويه من فعاليات متنوعة وبرامج مختلفة ولفئات عمرية متعددة تفي بذائقة الجميع.
إن أي عمل وطني يتميز نجاحه بوجود روح الفريق الواحد والعمل المتكامل، وهذا فعلياً ما لمسته حينما تواجدت في الزيارة الثانية ومنذ بدء افتتاح السوق في الثامن عشر من ديسمبر 2023 حيث لم تتوقف زيارات المسؤولين للسوق ومنهم وزير شؤون البلديات والزراعة، ووزيرة السياحة ووزيرة الصحة وغيرهم، جميعهم كانت لهم اهتمامات لتطوير المكان من واقع مجال عملهم والتزاماتهم مما ساهم بشكل كبير في نجاعة هذا السوق الذي تغير كثيراً عن نسخته الأولى حيث أصبحت المرافق الصحية المطورة وزاوية المقاهي والمأكولات والمشروبات الغنية بالحيوية والنظافة البيئية مع توفر العمالة التي تحرص على نظافة المكان بشكل دقيق وسريع ومرن، وغيره من الزوايا التي خصصت لألعاب الأطفال وما يخصهم لإدماجهم في حضارة تاريخ البحرين وعادته وتقاليده التراثية الوطنية الشعبية بأسلوب يتناسب وأعمارهم الطفولية، وغيرها من الكبائن التي خصصت للخضراوات والفواكة والمشغولات والمنتجات الزراعية والملابس الشعبية والحرف اليدوية التي تجعل كل زائر مع أصدقائه أو عائلته وأطفاله يعيشون أجواء سياحية كالفراش المتنقل بين زهور الربيع، وزاوية المطاعم والمأكولات الشعبية، والمقاهي، والجلسات التي خصصت للعائلات والأصدقاء لفطور شعبي تراثي وغيره من زوايا لفنانين كان لكاميراتهم لوحات فنية جميلة وثقت شخصيات من المزارعين الذين صدحت أنغام روحهم الوطنية بحبهم للأرض والخضرة وغيره من التنظيم لمنظمين مهرة متمكنين من استقبال ضيوفهم كل سبت بابتسامة عنوانها التميز من مواقف السيارات والأماكن الداخلية له ومن موظفين ومنظمين مهرة متمكنين من استقبال ضيوفهم كل سبت بابتسامة وطيبة بحرينية.
سوق المزارعين حمل بين طياته الكثير من الرسائل الوطنية المعبرة الهادفة منها: روح العائلة المرحة، اللمة الشعبية، الألفة الوطنية، الشراكة المجتمعية، التعاون الوطني، الاستمتاع بالأجواء الوطنية بعيداً عن الأماكن المغلقة، حيث قضاء يوم من السعادة على مائدة إفطار عائلية بوجبات شعبية بحرينية.
مقترح يساهم في زيادة التميز
زاد عدد زوار سوق المزارعين المقبلين عليه من بداية اليوم والذين يقضون فيه يوماً كاملاً مما ترتب على ذلك زيادة الزوار ومنها ازدحام الشارع مقابل البوابة الرئيسة ومواقف السيارات، وعليه نقترح لو يتم تخصيص موقع واسع قريب لمواقف السيارات يكون جزءاً من الجانب السياحي للموقع، بجانب استغلال المواقع الفارغة من المنطقة الداخلية لسوق المزارعين في فعاليات أخرى وطنية تقدمها جهات مؤسسية أو قطاع خاص أو حتى جمعيات وتكون هناك عروض ومحاضرات ومسابقات وجوائز.
* إعلامية وباحثة أكاديمية