يمر علينا يومياً عديدٌ من النصائح والمثاليات، سواء برغبتنا أو رغماً عنا!
كثيرون يملأون حساباتهم الشخصية في مواقع التواصل الاجتماعي بها، بل البعض يبالغ في نشر كم هائل يجعلك تفكر: "كم حكمة يبتكرها أو فعل مثالي يطبقه فلان بشكل يومي"؟!
ألم تتساءل ذات يوم: "كم مثالياً ونموذجياً" من أصحابي ومعارفي أمتلك؟!
ولربما يهولك وتنصدم بعدد "الناصحين" و"المثاليين" عبر حساباتهم. لكن طبعاً ستدرك أن كثيراً من هذه الحكم والنصائح التي تُنشر هي إما "منقولة دون ذكر المصدر"، بالتالي هي اقتباس غير متكمل، أو "نحل" غير حميد، أي "نقل واستخدام" دون إفصاح عن أصل المنبع. وعليه ستدرك أن كثيراً من المنشورات أو الأدبيات والأمثلة الشهيرة ليست سوى "كوبي وبيست" أي نسخ ولصق.
كل هذا يحصل، وليس بخطأ إن أعجبتك مقولة أو نصيحة أو أمثلة تتضمن أخلاقيات وطرائق ونصائح مميزة وعميقة في تأثيرها، فتقوم بنشرها في حساباتك، لكن القصة تكمن كلها في الدوافع.
ما يشخصه علماء السلوكيات البشرية وعلم النفس، ولربما هذا تلخيص سريع لما قد تجدونه يُشرح في كتب وأبحاث مطولة، هو أن الغالبية تُعجبها مثاليات وأقوال يرونها إما تكمل النواقص فيهم، أو يرونها مستوى أعلى لسلوك يودون الوصول إليه، أو أخلاقيات تجعلهم بمستوى الكمال أو المثالية بنسبتها العليا تمثلاً فيهم كأشخاص.
كل هذا لا عيب فيه ولا انتقاص، إذ حتى "أفلاطون" سعى لـ"الكمال" في الأخلاقيات والسلوكيات وكل شيء يمارسه الفرد، فابتكر "يوتوبيا"، رغم إدراكه أنه لا توجد "مدينة فاضلة"، ولسبب بسيط جداً، وهو تباين البشر واختلافهم؛ إذ لو وجدت الصالحين والأخيار ستجد مقابلهم الفاسدين والأشرار، بالتالي الفضيلة هي بمثابة "قطعة ناصعة البيضاء" لا تشوهها "نقطة سوداء" صغيرة، وهذه من الاستحالة حدوثها، فالبشر بعضهم يقارع إبليس في "مناكره".
بشأن تلكم المثاليات، وتقمص البعض دور أرسطو وسقراط وأفلاطون، المصيبة والكارثة العظمى هنا، أنك لو تعرف هذا الفلان أو العلان، وتعرف سلوكياته وقناعاته ومبادئه، وذلك بحكم مخالطتك إياه وتعاملك معه، الكارثة أنك ستدرك أن أقواله وأفعاله هي "نقيض" ما ينشره من مثاليات ونصائح وفلسفات إدارية أو حياتية! ستدرك أنها حالة "انفصام" مرضي، أو "تجمل متصنع"، وباستخدام مثاليات اخترعها البعض، أو أدبيات تأرخت زمنياً نقلاً عن مفكرين وفلاسفة وعلماء، بل ستُفاجأ كيف ينقل البعض آيات من القرآن وأحاديث عن الرسول بمضامين هو يطبق عكسها تماماً!
لا تكن كهؤلاء، فهم من تنطبق عليهم الآية الكريمة: "وأنهم يقولون ما لا يفعلون"، وهي في شرح ابن كثير نقلاً عن ابن عباس، في توصيف الآية إسقاط على الشعراء، بأنهم "يتبجحون بأقوال وأفعال لم تصدر منهم ولا عنهم، فيتكثرون بما ليس لهم".
طبعاً هناك استثناءات، لكن للأسف الاستثناءات لا تُبنى عليها القواعد، لكن يجوز القول إن من رحمة رب العالمين ولطفه بنا وبمجتمعاتنا يوجد من الأشخاص من ينشر المعرفة والنصائح المنقولة ويذكر بها، يذكر نفسه قبل غيره، يذكر مصدرها وأصلها، ويحاول أن يكون هو أولاً أنموذجاً لها قبل أن ينصح أو يذكر بها الناس.
المبادئ والأخلاقيات والمثاليات ليست "كلمات" منقولة تُكتب هكذا، أو نسجاً من الحروف يُصاغ بهدف "التجمل" أو "الاستعلاء" على البشر. المبادئ هي ثوابت لا تتزحزح، الأخلاق هي محددات لسلوكك حتى لا تنجرف أو تظلم أو تسيء للآخرين، والمثاليات هي السعي للكمال بهدف تحقيق الرضا الداخلي. وكل من يستخدم هذه الأمور دون إيمان أو تمثل بها، فهو للأسف يخدع نفسه قبل الآخرين.
كثيرون يملأون حساباتهم الشخصية في مواقع التواصل الاجتماعي بها، بل البعض يبالغ في نشر كم هائل يجعلك تفكر: "كم حكمة يبتكرها أو فعل مثالي يطبقه فلان بشكل يومي"؟!
ألم تتساءل ذات يوم: "كم مثالياً ونموذجياً" من أصحابي ومعارفي أمتلك؟!
ولربما يهولك وتنصدم بعدد "الناصحين" و"المثاليين" عبر حساباتهم. لكن طبعاً ستدرك أن كثيراً من هذه الحكم والنصائح التي تُنشر هي إما "منقولة دون ذكر المصدر"، بالتالي هي اقتباس غير متكمل، أو "نحل" غير حميد، أي "نقل واستخدام" دون إفصاح عن أصل المنبع. وعليه ستدرك أن كثيراً من المنشورات أو الأدبيات والأمثلة الشهيرة ليست سوى "كوبي وبيست" أي نسخ ولصق.
كل هذا يحصل، وليس بخطأ إن أعجبتك مقولة أو نصيحة أو أمثلة تتضمن أخلاقيات وطرائق ونصائح مميزة وعميقة في تأثيرها، فتقوم بنشرها في حساباتك، لكن القصة تكمن كلها في الدوافع.
ما يشخصه علماء السلوكيات البشرية وعلم النفس، ولربما هذا تلخيص سريع لما قد تجدونه يُشرح في كتب وأبحاث مطولة، هو أن الغالبية تُعجبها مثاليات وأقوال يرونها إما تكمل النواقص فيهم، أو يرونها مستوى أعلى لسلوك يودون الوصول إليه، أو أخلاقيات تجعلهم بمستوى الكمال أو المثالية بنسبتها العليا تمثلاً فيهم كأشخاص.
كل هذا لا عيب فيه ولا انتقاص، إذ حتى "أفلاطون" سعى لـ"الكمال" في الأخلاقيات والسلوكيات وكل شيء يمارسه الفرد، فابتكر "يوتوبيا"، رغم إدراكه أنه لا توجد "مدينة فاضلة"، ولسبب بسيط جداً، وهو تباين البشر واختلافهم؛ إذ لو وجدت الصالحين والأخيار ستجد مقابلهم الفاسدين والأشرار، بالتالي الفضيلة هي بمثابة "قطعة ناصعة البيضاء" لا تشوهها "نقطة سوداء" صغيرة، وهذه من الاستحالة حدوثها، فالبشر بعضهم يقارع إبليس في "مناكره".
بشأن تلكم المثاليات، وتقمص البعض دور أرسطو وسقراط وأفلاطون، المصيبة والكارثة العظمى هنا، أنك لو تعرف هذا الفلان أو العلان، وتعرف سلوكياته وقناعاته ومبادئه، وذلك بحكم مخالطتك إياه وتعاملك معه، الكارثة أنك ستدرك أن أقواله وأفعاله هي "نقيض" ما ينشره من مثاليات ونصائح وفلسفات إدارية أو حياتية! ستدرك أنها حالة "انفصام" مرضي، أو "تجمل متصنع"، وباستخدام مثاليات اخترعها البعض، أو أدبيات تأرخت زمنياً نقلاً عن مفكرين وفلاسفة وعلماء، بل ستُفاجأ كيف ينقل البعض آيات من القرآن وأحاديث عن الرسول بمضامين هو يطبق عكسها تماماً!
لا تكن كهؤلاء، فهم من تنطبق عليهم الآية الكريمة: "وأنهم يقولون ما لا يفعلون"، وهي في شرح ابن كثير نقلاً عن ابن عباس، في توصيف الآية إسقاط على الشعراء، بأنهم "يتبجحون بأقوال وأفعال لم تصدر منهم ولا عنهم، فيتكثرون بما ليس لهم".
طبعاً هناك استثناءات، لكن للأسف الاستثناءات لا تُبنى عليها القواعد، لكن يجوز القول إن من رحمة رب العالمين ولطفه بنا وبمجتمعاتنا يوجد من الأشخاص من ينشر المعرفة والنصائح المنقولة ويذكر بها، يذكر نفسه قبل غيره، يذكر مصدرها وأصلها، ويحاول أن يكون هو أولاً أنموذجاً لها قبل أن ينصح أو يذكر بها الناس.
المبادئ والأخلاقيات والمثاليات ليست "كلمات" منقولة تُكتب هكذا، أو نسجاً من الحروف يُصاغ بهدف "التجمل" أو "الاستعلاء" على البشر. المبادئ هي ثوابت لا تتزحزح، الأخلاق هي محددات لسلوكك حتى لا تنجرف أو تظلم أو تسيء للآخرين، والمثاليات هي السعي للكمال بهدف تحقيق الرضا الداخلي. وكل من يستخدم هذه الأمور دون إيمان أو تمثل بها، فهو للأسف يخدع نفسه قبل الآخرين.