من منا لا يعلم أن البحرين هي أول دولة خليجية بدأ فيها التعليم النظامي، ومن منا لا يشهد أن البحرين بلد تكاد تخلو من الأمية، حتى بات طلب العلم سمة من سمات الشباب البحريني فهم ورثوا الطموح في طلب العلم أباً عن جد، ومما لاشك فيه أن جميع مقومات نشر العلم والتشجيع على الثقافة مهيأة للشباب في مملكة البحرين، لتكون مملكة البحرين ذات مناخ مشجع على طلب العلم، من هنا نجد أن نسبة كبيرة من الشباب البحرينيين قد أكملوا الدراسات العليا، فحصلوا على درجة الماجستير، ودرجة الدكتوراه في تخصصات مختلفة، وبطبيعة الحال فقد أعدوا دراسات وبحوثاً كمتطلب لنيل هذه الدرجة العلمية.
ومن الأمور التي تعزز المناخ العلمي والثقافي في مملكة البحرين، إنشاء المكتبات العامة، والموجودة على جميع محافظات البحرين، ليسهل للباحثين والطلبة الوصول للمكتبات، فتكون قريبة من أماكن سكنهم، ليتمكنوا من الاستفادة من خدمات تلك المكتبات سواء بتوفر الكتب والدراسات، أو أجهزة الحواسيب وما تتضمنه من التطبيقات الإلكترونية، وغيرها من الخدمات.
وعلى الرغم من إتاحة الكتب والمراجع والدراسات إلكترونياً حيث تجدها متاحة في العديد من المواقع الإلكترونية فيسهل الوصول لها، إلا أن دور المكتبات العامة لم يغب بعد، فلازال الباحثون يقصدون هذه المكتبات للحصول على المراجع مثل: الكتب والدوريات ودراسات الماجستير، والدكتوراه، والدوريات العلمية، بالإضافة إلى المخطوطات.
ومما لاشك فيه أن المكتبات العامة في مملكة البحرين لازالت نشطة وتقوم بدورها لخدمة طلبة العلم والباحثين والمثقفين، ويقصدها الباحثون والطلبة، ولازلت أذكر إحدى الممارسات الإيجابية التي تقوم بها إدارة المكتبات العامة في السنوات السابقة بأنها تلزم خريجي الماجستير والدكتوراه بتزويد المكتبات العامة بنسخ من دراساتهم، حيث تسلم تلك النسخ لإدارة المكتبات العامة وتقوم الإدارة بتوزيع نسخ الدراسة على جميع المكتبات، تلك الممارسة لها فائدة كبيرة إذ توفر الدراسات المعدة من قبل حملة مؤهلي الدراسات العليا البحرينيين، فيستفيد جميع الباحثين من تلك الدراسات السابقة، كما تحفظ للباحثين دراساتهم في من الضياع.
وقبل بضعة أيام راجعت إحدى المكتبات العامة لطلب نسخة من إحدى دراسات الماجستير بغرض البحث والاطلاع، إلا أنني فوجئت برد الأخصائيات بالمكتبة أن جميع النسخ من دراسات الماجستير والدكتوراه قد سحبتها الإدارة العامة للمكتبات من المكتبات الموزعة على جميع المحافظات واكتفت بإيداعها في المكتبة العامة الرئيسية في المنامة.
فطلبت رابطاً للمكتبة الإلكترونية التابعة لإدارة المكتبات إن وجدت، فلم أجد سوى رابط إلكتروني متواضع يتضمن عدداً من عناوين الكتب، وبعض الدراسات.
هناك أسئلة تفرض نفسها على واقع المكتبات العامة، هي، أين نجد تلك الدراسات السابقة؟ وكيف يمكن الاستفادة منها الرجوع لها؟ ولماذا سحبت تلك الدراسات من المكتبات العامة وجعلها مركزية يشق على الباحثين الوصول لها؟ ولماذا غابت الدوريات الحديثة عن رفوف المكتبات العامة؟ والسؤال الأهم لماذا غابت المكتبات الرقمية على الرغم من سهولة تنفيذها وقلة كلفتها المالية؟ فكل ما تتطلبه أجهزة حاسوب يتم تسهيل الوصول للمكتبات الرقمية المتاحة، وتدريب أخصائي المكتبات على تسهيل استخدام المكتبات الرقمية، تلك التسهيلات مهمة لتسهيل وصول الباحثين للدراسات وحفظها وتوثيقها، وكل أمانينا عدم تجريد المكتبات من الدراسات سواء رسائل ماجستير أو دكتوراه أو دوريات حديثة، ورقية كانت أم إلكترونية، والاكتفاء بالكتب فقط، لذلك نتمنى إعادة النظر في هذا الموضوع كي لا تتجرد المكتبات من الدراسات..
ودمتم سالمين.