بطولة خليجي 26 عُقدت تحت شعار "التفوق بشرف" لم يكن هناك مجال للنزاعات أوالخلافات في المنافسة على اللقب بل كانت منصة للفرح والبهجة بروح رياضية أسهمت في تعزيز التواصل والتلاحم بين الشعوب الخليجية، مما أضفى عليها طابعاً إنسانياً وثقافياً لا ينسى في الكويت وفي منطقة "المباركية" تحديداً التي كانت مركزا للأجواء الاحتفائية التي اكتسحت ساحات التواصل الاجتماعي وجذبت متابعة واسعة من مختلف أنحاء العالم حيث الهوية الوطنية الخليجية.

بطولة خليجي 26 لم تكن منافسة رياضية، بل كانت مدرسة جمعت بين الثقافات الخليجية المتنوعة في بضعة أيام دون الحاجة إلى تخطيط مسبق، من الملابس التقليدية إلى الأطعمة الشهية، تجلت الهوية الثقافية الخليجية، وخاصة عندما بلغت البطولة نصف النهائي حيث ترددت عبارات مثل "من يفوز: الحلوة البحرينية أم الحلوة العمانية؟". هذا التوجه الفكاهي والمحبب نقل المنافسة من الملعب إلى القلوب والبطون، ليصبح تشجيع الحلوة البحرينية رمزاً لدعم المنتخب البحريني، وسط أجواء من المرح والتآخي.

ولا يمكننا أن ننسى بطل البطولة، حارس المرمى البحريني لطف الله "وكلمة جوعان بعد اللعب والمجبوس" ترند البطولة، الذي لقب "بالمتين"...المتين بمهارته الاستثنائية في حماية المرمى، ولروحه المرحة التي جعلت من المتين متين بأخلاقه وقيمه الوطنية العالية التي كانت جوهر سلوكياته وتصرفاته داخل وخارج الملعب وخلف الكواليس وأمام الكاميرات ففي رأينا انه استحق هذا اللقب ليس بمعنى السمين وإنما في المبادئ الإنسانية الراقية، احترام الوالدين وقوة الترابط الأسري، المتين بلطفه في مواجهة التنمر وتحويله إلى رمز يحتذى به من خلال الرسائل المهمة التي رسمها في هذا المحيط الرياضي لتكون الرياضة وسيلة لتعزيز الأخلاق والقيم بجانب المهارات، "المتين" بحد ذاته تحدى التنمر وحقق الإنجاز وبقية أفراد المنتخب ليكون الفوز التاريخي المتين.

"بطولة خليجي 26" المشهد الذي لن ينسى أو يمحى من الذاكرة لأنه مشهد حمل الكثير من المعاني الوطنية والقيم الخليجية مشهد عزز عمق التميز للسلوك الرياضي الذي يدرس في الجامعات التخصصية سنوات طويلة حيث الروح الرياضة والحماس والدافعية والمنافسة الشريفة الراقية والالتزام بالأخلاقيات والسلوكيات التي تعكس القيم الإنسانية لتكون هي الصورة المشرفة لمملكة البحرين وأهلها الطيببين وغيرهم من أهل الخليج الصغير منهم والكبير في البطولة من اللاعبين والجماهير والإداريين والفنيين وغيرهم من الإعلاميين والمنظمين حيث شاهدنا اللقاءات والردود على أي أسئلة إعلامية حرصت في مضمونها على عدم تجريح أو الإساءة لأي فريق فكانت الردود الراقية والمحفزة التي لا تفقد قوة الترابط والتلاحم أو تحدث نزاع أو خلاف، كما كانت المشاهد الظريفة والخفيفة التي تبث السعادة والمرح على الجميع، ما أجملها من مشاهد ومن عبارات ومن أمنيات رسمت وعززت الحب والتلاحم والترابط بين الجماهير الخليجية ولاعبيهم فتحية لكل إعلامي فهم الرسالة الإنسانية التي تسعى لها منطقتنا الخليجية في تحقيق الوحدة العربية.

بطولة خليجي 26 أكثر من حدث رياضي بل قصة إنسانية تبرز الروح الرياضية الحقيقية حيث الحماس والمنافسة الشريفة والالتزام بالقيم، تركت بصمة للتاريخ لتقول: "نعم، نحن هنا، ونلعب بروح رياضية واحدة نغرس القيم للأجيال القادمة ونبني جسور التواصل والتفاهم، ومعبراً للعواطف والمشاعر التي توحد الشعوب، والبحرين بأبطالها الشباب أثبتت أنها موطن للإنجازات الرياضية بفريق وطني أكثر تماسكا وقوة ومتانة ليكون نموذجاً يحتذى به في الساحة الرياضية بكل قيمه ومبادئه والذي برز في لحظة التتويج حيث سطعت سماء الكويت بحقيقة الرؤية الوطنية لمملكة البحرين في المجال الرياضي والتي لخصت كل الجهود المبذولة التي قامت عليها قيادات الرياضة في المملكة لتكون إنموذجاً يحتذى به على رأسهم جلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة ملك البلاد المعظم - الرياضي الأول- والسياسة الاستراتيجية الحكيمة لولي العهد ورئيس مجلس الوزراء الأمير سلمان بن حمد آل خليفة والقيادة الشبابية سمو الشيخ ناصر بن حمد آل خليفة ممثل جلالة الملك للأعمال الإنسانية وشؤون الشباب رئيس المجلس الأعلى للشباب والرياضة وسمو الشيخ خالد بن حمد آل خليفة النائب الأول لرئيس المجلس الأعلى للشباب والرياضة رئيس الهيئة العامة للرياضة ورئيس اللجنة الأولمبية.

وبعد هذا الإنجاز وهذه البطولة العريقة التاريخية نقول ماذا بعد... ؟ إنها الفرصة الثمينة للاستفادة من الدروس التي قدمتها هذه البطولة وهذا الإنجاز الوطني العريق التاريخي الأصيل للتأكيد على مدى أهمية العلاقة ما بين الرياضة والتربية النهج الذي يدعو له جلالة الملك حفظه الله ورعاه دوماً في تربيته لأبنائه وفي نهجة لهذا الوطن مؤكداً على أهمية الرياضة بأنواعها ودورها في تعزيز القيم الوطنية والإنسانية والتربوية وما تصنعه لخلق كيان وطني متميز في المجتمع الدولي لتستمر الإنجازات بنفس المشهد التاريخي الذي شهدته البحرين في يوم السبت الرابع من يناير 2025 حيث تبني الرياضة المهارات الفكرية والوجدانية والسلوكية.