في لقاء تلفزيوني مع الممثلة الهندية ديبيكا بادكون سألتها المذيعة لو إنها لم تقم بتأدية دورها العظيم في فيلم بادمافاتي فمن من الممثلات الهنديات كانت ستؤديه بشكل جميل ومتقن؟ جاءت إجابة السؤال بسيطة جداً، لكنها عميقة استوقفتني كثيراً، قالت ديبيكا ببساطة وبصوت واثق: لا أحد! نعم لا أحد..لا أحد يستطيع لعب دور كُتب لك، لا أحد يستطيع السير في طريق فُتح لك، ولا أحد سيعيش حياة كُتبت لك، لا أحد سيعيش في بيتك ولا أحد سيواجه ظروفك ولا أحد سيقع في مشاكلك، تعاستك، سعادتك ونجاحك غيرك أنت. عندما خُلقنا، خلقنا الله وأقدارنا بيده وحده، ولكلٍ منا حياة وقدر يختلف عن الآخر لا أحد سيحل يوماً مكان أحد أو سيأخذ مكان أحد، لكل منا طريق وحياة كتبت له وحده، ولكل منا ظروف خلقت له وحده، ولكل منا قدر سيعيشه، ولن يستطيع أحد إيقاف هذه الأقدار وتبديل الأدوار، نحن خلقنا لنكون نحن وليس شخصاً آخر. كلنا خُلقنا من تراب، وكلنا نُفخ فينا من روح الله.لكل منا طريق اختار أن يمشيه وإن تشابهت الطرق فلكل منا أسلوب اختار أن يعبر به ذلك الطريق، البعض اختار المرور سريعاً والبعض اختار أن يقف أمام كل منعطف، والبعض الآخر منا اختار ذلك الطريق المختصر، في حين اختار البعض الطريق ذا العثرات، وإن تعددت الطرق فلا بد لها من نهاية واحدة وهي الرجوع إلى الله.نضيع قليلاً عندما تشتد علينا الأعباء والضغوط، لكن لابد لنا من عودة عندما نعي أن ما كتبه الله لنا لن يكون لغيرنا، خوفنا المستمر من أن نفقد ما نملك لصالح شخص آخر هو وهم، طريقنا أبداً لن يكون لغيرنا، وإن رحلنا نحن ستتوقف الرحلة هنا، كثيرون هم من يعيشون تحت ضغط فقد وظيفة أو مكانة اجتماعية أو علاوة أو ربما ترقية لصالح أشخاص آخرين فيقعون في وهم الخوف؛ مما يؤدي بهم في النهاية إلى الدخول في حرب للحفاظ على ما يملكونه أو ما ظنوا عبثاً أنهم يملكونه الوظيفة ليست دائمة، والمكانة الاجتماعية التي ترافقها أيضاً ليست دائمة، عندما يُعين موظف جديد لا يعني أنه جاء ليأخذ مكاني في العمل، عندما تُعطى الترقية لزميل لي لا يعني ذلك أنه أخذها بالحيلة والمكر، عندما يحصل ابن جارنا على وظيفة ولا يحصل عليها ابننا لا يعني ذلك أنه حصل عليها متفوقاً بعلاقات والديه، علينا أن نقف ونعي أن الطرق والأرزاق والأقدار هي بيد الله وحده فقط وليست بيد أحد آخر، وأننا عندما ندخل في دوامة وهم الخوف سيكون الخروج منها صعباً.تيقن دائماً أنك خُلقت في هذه الحياة متفرداً متميزاً فقط بكونك أنت، وجودك ليس عبثاً ودورك في الحياة لا يقتصر على وظيفة أو ترقية أو مكانة، مكانتك الاجتماعية الحقيقية لا تخلقها الوظيفة بل أنت من يفعل، نجاحك وإنجازاتك وثقتك بنفسك لا ترتبط بترقية أو علاوة أو زيادة في الراتب، عدم حصولك على وظيفة أحلامك تعني أنها لم تكن لك من الأساس، وأن الله أغلق بابها، وفتح لك باباً آخر نحو طريق عبدت دروبه لك، توقف قليلاً وانظر في كل الاتجاهات لتعرف أي الطرق هو طريقك حقاً، كفاك نظراً للطريق الذي يمشيه صديقك وجارك وزميلك ظناً منك أنه طريقك الذي سُلب منك، كفاك عبثاً بوقتك وطاقتك اعمل واجتهد في عملك وإن تعثرت مرة انهض واستمر تأكد دائماً إن عثراتك ماهي إلا دروس ستبني شخصيتك وتؤهلك للارتقاء فنحن لا نصعد السلم من الأعلى.الخلاصة: كثر هم من كرسوا حياتهم لخدمة تلك الأوهام التي تسيطر على تفكيرهم طوال الوقت ينسون أو يتناسون أن وجودنا في هذه الحياة هو مؤقت وأن لا شيء فيها دائم، علينا أن نعمل ونجتهد ونسعى وما هو دون ذلك اتركه لله مقسم الأرزاق وواهب النعم، ركز في طريقك وأزل منه العقبات التي تقف بين وبين تحقيق ذاتك وأحلامك، اطرق تلك الأبواب التي أمامك وإن أغلق أمامك باب سارع في فتح باب آخر، تذكر دائماً أن الأدوار لا تتبدل، وأن النص الذي كتب لك لن يتقنه أحدٌ غيرك.
كُتب النص لي وليس لك
هالة فردان
هالة فردان