في عالم متغير، من يصنع التغيير، ومن يطلق الشرارة الأولى، أم من يتبنى الفكرة ويحولها إلى واقع ملموس؟ هذه الديناميكية المعقدة تتأثر طردياً بجوانب اجتماعية وثقافية ونفسية، لتشكيل عملية اتخاذ القرار وأثرها في تشكيل المجتمعات، فالمبادرون بالتغيير هم القوة الدافعة للمجتمعات، وهم من يملكون رؤية تتجاوز الواقع الحالي، ويجرؤون على اتخاذ الخطوة الأولى، والقادة هم الذين يبدؤون هذا التغيير ويلهمون الآخرين ويحفزونهم على إحداث الفارق.
المبادرون هم الشرارة الأولى، والشرارة الأولى للتغيير قد تكون فكرة، أو مبادرة اجتماعية، أو حتى قرار جريء، ووفقاً لنظرية التأثير الاجتماعي، فإن من يتخذ القرارات الحاسمة يؤثرون في الآخرين، كما والقرارات التي تؤدي إلى تغيير حقيقي غالباً ما تكون جريئة.
فكرة التغيير راودتني أثناء متابعة عرض معالي الشيخ سلمان بن خليفة آل خليفة وزير المالية والاقتصاد الوطني، في منتدى «نحو تنمية اقتصادية شاملة ومستدامة»، إذ جاء توضيح الخطط الوطنية التي تواكب المتغيرات الاقتصادية ومن أبرزها خطة التعافي الاقتصادي التي أعلن عنها في أواخر 2021، والتي تم إنجاز أكثر من 80% من برامجها.
توقفت كثيراً أمام أحد أهم الأوليات في المستهدفات وهي توظيف 20 ألف بحريني في الاقتصاد وتدريب 10 آلاف بحريني سنويا حتى عام 2024، وفي العرض جاءت نتائج هذا البند لتتجاوز التوقعات بتوظيف أكثر من 86.675 من عام 2022 إلى 2024، كما تم تدريب 41.281، كما ونمت القطاعات الواعدة في المجال غير النفطي ب 7.7% عام 2022.
وفي المنتدى الذي عكس وجه التغير الذي يحدث، تم استعراض مشاريع تنموية كبرى ذات طابع استراتيجي في مختلف القطاعات مثل منطقة البحرين العالمية الاستثمارية، ومحطة الدور 2 لإنتاج الكهرباء والماء، ومنطقة البحرين اللوجستية، ومشروع خط الصهر السادس، وخط الأنابيب النفطي، ومصفاة بابكو الجديدة، مع الإشارة لأهمية مركز البحرين العالمي للمعارض ومسرح بيون الدانة، وإقامة مشاريع إسكان جديدة وغيرها، وكل ذلك يشكل واقعاً جديداً فعلاً.
حسب سعادة رئيس مجلس الشورى علي الصالح في افتتاح المنتدى، أوضح أن مملكة البحرين دخلت في مرحلة جديدة من النمو الاقتصادي المستدام، بعد أن نجحت خلال السنوات الماضية في تعزيز مؤشرات النمو وتنويع مصادر الدخل، وذلك بفضل رؤية ملكية واضحة ومتابعة حكومية فعالة، فالتحول الاقتصادي الذي تشهده المملكة يستند إلى تطوير هيكلي شامل يراعي مبادئ الاستدامة، والعدالة، وتكافؤ الفرص.
وفي ظل وجود وجه مشرق يتشكل، يبقى الأمل دائماً بتحقيق المزيد من المكتسبات لصالح المواطنين، وتحسين مستوى المعيشة وتعزيز جودة الحياة للأفراد، مع توفير فرص متساوية وعادلة للجميع في مجالات مختلفة مثل توفير المزيد من الوظائف الكافية والمحفزة، ورفع الرعاية الصحية ذات الجودة، وضمان التعليم الجامعي للجميع، وتوفير خيارات السكن الملائم، ورفع الحماية الاجتماعية للفئات الضعيفة والمحتاجة، فالتطلعات الاجتماعية تتجه دائماً لتوفير حياة كريمة ومستدامة، وبرفاهية ملموسة ومعاشة.