في لحظة تاريخية مليئة بالدلالات العميقة، عبّر صاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن حمد آل خليفة، ولي العهد رئيس مجلس الوزراء حفظه الله، عن الرؤية البحرينية الطموحة التي تنظر إلى المستقبل بثقة وتفاؤل، وتؤكد على قيم التعاون والحوار، وتضع التنمية والسلام في صميم أولوياتها.

جاءت كلمات سموه، نيابة عن حضرة صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة، ملك البلاد المعظم حفظه الله ورعاه، خلال زيارته الرسمية إلى ماليزيا ومشاركته الفاعلة في القمة الثانية لمجلس التعاون لدول الخليج العربية مع رابطة دول جنوب شرق آسيا (الآسيان)، والقمة الافتتاحية بين مجلس التعاون والآسيان وجمهورية الصين الشعبية، لتؤكد التزام البحرين العميق بنهج التعاون الدولي البنّاء، والدعوة إلى شراكات مستدامة تعزز التنمية الشاملة، وتدعم الأمن والاستقرار الإقليمي والدولي.

في كلمته، دعا سموه المجتمع الدولي إلى تبني رؤية مشتركة لمواجهة التحديات المعاصرة، بدءاً من تحقيق السلام العادل في الشرق الأوسط ودعم الحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني، إلى حماية الممرات الملاحية العالمية، ومكافحة الإرهاب والتطرف، ومنع انتشار أسلحة الدمار الشامل، مع التأكيد على إيصال المساعدات الإنسانية وإعادة إعمار غزة.

وفي ظل قيادة جلالة الملك المعظم، حملت هذه الزيارة الرسمية أبعاداً استراتيجية جديدة، حيث تم توقيع سبع مذكرات تفاهم مع ماليزيا في مجالات حيوية تشمل التشاور السياسي، وتطوير المناطق الصناعية، والتعليم العالي، وسيادة البيانات، والخدمات اللوجستية، والتعاون البحري والجوي، بما يعزز مسارات التنمية، ويرسّخ التعاون الثنائي بين البلدين.

ولم تكن هذه الزيارة مجرّد حدث دبلوماسي، بل مثلت نقلة نوعية في مسيرة البحرين نحو بناء شراكات اقتصادية وتجارية أوسع مع دول الآسيان والصين، فقد جاءت مشاركة سموه لتعكس دعم البحرين لإطلاق مفاوضات اتفاقية تجارة حرة مع هذه الدول، بما يسهم في تعزيز الأمن الغذائي، وتطوير الطاقة النظيفة، وتوسيع نطاق الابتكار الرقمي، ودفع عجلة التنمية المستدامة.

في عالم يشهد تحديات متشابكة، من أزمات اقتصادية إلى تغيرات مناخية واضطرابات جيوسياسية، برزت رؤية البحرين كأنموذج للتعاون القائم على الاحترام المتبادل والمصالح المشتركة، مع التأكيد على أهمية أن يستند التقدم التكنولوجي إلى قيم إنسانية وأخلاقية راسخة.

ولعل دعوة سمو ولي العهد رئيس مجلس الوزراء إلى إبرام معاهدة دولية لتنظيم الذكاء الاصطناعي بشكل مسؤول وأخلاقي، تعكس ريادة البحرين في السعي إلى صياغة مستقبل رقمي آمن ومستدام، بما يخدم البشرية جمعاء.

ولأن البحرين تؤمن بأن هذه الرؤية لا تتوقف عند حدود الدبلوماسية الكبرى، فقد جاءت كلمة سموه لتعبر أيضاً عن تطلّعات المواطن البحريني، الذي يرى في هذه الشراكات آفاقاً واعدة للاستثمار، وتوفير فرص عمل جديدة، وتعزيز مكانة المملكة كمركز إقليمي للتعليم والابتكار وريادة الأعمال، بما يسهم في تحسين حياة الناس، ويفتح أمام الشباب آفاقاً أوسع لتحقيق طموحاتهم.

وفي ختام هذه الزيارة التاريخية، يتجلّى دور سمو ولي العهد رئيس مجلس الوزراء حفظه الله، كقائد يحمل رؤية واضحة وطموحة، تجمع بين تعزيز السلام ودفع عجلة التنمية وتحقيق الأمن والاستقرار.

برؤية حكيمة وجهود دؤوبة، يواصل سموه ترسيخ مكانة البحرين كشريك موثوق وطموح، يفتح آفاقاً أرحب للتعاون، ويبني جسوراً متينة بين الشعوب، من أجل مستقبل يسوده السلام والازدهار والاستدامة، لتبقى البحرين دائماً منارة إقليمية وعالمية في العمل البنّاء والمثمر.

عبدالله إلهامي