تشق مملكة البحرين طريقها بثبات نحو قلب صنع القرار العالمي، ساعيةً لعضوية مجلس الأمن الدولي. وفي صميم هذا الطموح، تقف قصة أخرى، قصة متشابكة بعمق مع الأولى، هي قصة تمكين المرأة البحرينية التي تمثل ركيزة جوهرية في رؤية البحرين، وأحد أقوى أدواتها الدبلوماسية في تعزيز مكانتها الدولية.

انطلق المسار الرسمي لهذا التمكين مع تأسيس المجلس الأعلى للمرأة عام 2001 برئاسة صاحبة السمو الملكي الأميرة سبيكة بنت إبراهيم آل خليفة قرينة جلالة الملك المعظم، علامة فارقة جسدت التزام القيادة الرشيدة بجعل المرأة شريكاً أساسياً في رسم السياسات وصنع المستقبل.

كان بذرة أينعت ثماراً ملموسة غيرت وجه المجتمع. ففي سوق العمل، أصبحت المرأة البحرينية تشكل 42.8% من القوى العاملة الوطنية، حضوراً نشطاً يدفع عجلة التنمية.

وفي المجال التشريعي، يشكل وجود المرأة 20% من مقاعد مجلس النواب، صوتاً مسموعاً يساهم في تشكيل القوانين. حتى في ساحات القضاء، حيث كانت الأدوار محصورة، تتقدم القاضيات البحرينيات بنسبة 11%، حاملات راية العدل.

لكن الأكثر لفتاً في سياق الطموح الدولي هو الحضور النسائي المتميز في السلك الدبلوماسي، حيث تبلغ نسبتهن 37%. وهو ما يمثل ترجمة عملية لكفاءات المرأة البحرينية وقدرتها على تمثيل وطنها بفعالية على أرقى المنصات العالمية.

لقد أثبتن جدارتهن، وبلغت هذه الجدارة ذروتها عندما ارتقت معالي الشيخة هيا بنت راشد آل خليفة لترأس الدورة الحادية والستين للجمعية العامة للأمم المتحدة، لتصبح أول امرأة عربية وثالث امرأة عالمياً تتولى هذا المنصب الرفيع، محققةً إنجازاً تاريخياً للبحرين وللمرأة العربية بأسرها.

وقد حظيت جهود البحرين في هذا المجال بتقدير دولي واسع، تجلى في مبادرات نوعية مثل «جائزة الأميرة سبيكة بنت إبراهيم آل خليفة العالمية لتمكين المرأة»، بالتعاون مع هيئة الأمم المتحدة للمرأة. هذه الجائزة التي وضعت البحرين على خارطة الجهود العالمية الداعمة للمرأة، معززةً صورتها كدولة رائدة في هذا المضمار.

وهنا يلتقي طموح البحرين لمقعد في مجلس الأمن، وقصة تمكين المرأة التي أصبحت أحد أهم أرصدة الترشح لهذا المقعد. فالبحرين لا تأتي إلى هذا المقعد بوعود عامة فقط، بل بمشروع مجتمعي حيوي أثبت نجاحه، وبخبرة ملموسة تتبناها وتطمح لمشاركتها على نطاق أوسع.

إنها تدرك أن الأمن والسلام المستدامين لا يتحققان دون مشاركة كاملة وفاعلة للمرأة. لذا، تعلن البحرين التزامها الصريح، في حال فازت بعضوية مجلس الأمن، بدمج منظور المرأة في جميع أعمال المجلس الحيوية، وتعزيز دورها في عمليات حفظ السلام وبناء السلام، ساعيةً نحو بناء مجتمعات أكثر شمولاً واستدامة للجميع.

إن سعي البحرين لمجلس الأمن هو، في جوهره، تتويج لمسار تنموي شامل وضع الإنسان، رجلاً وامرأة، في قلبه. وقصة نجاح المرأة البحرينية، بقيادتها وكفاءتها وحضورها المتنامي محلياً هي أحد أقوى الأدلة على أن البحرين تحمل رؤية وتجربة قيّمة يمكنها أن تثري عمل مجلس الأمن وتعزز فعاليته في معالجة التحديات المعقدة التي تواجه عالمنا اليوم.

فهي تأتي بمشروع مجتمعي حيوي، وبسجل حافل في مجال أساسي من مجالات حقوق الإنسان والتنمية المستدامة، مستعدةً لترجمة هذا النموذج إلى إسهام ملموس في السلام والأمن الدوليين.