لطالما كانت دبلوماسية مملكة البحرين، دائماً وأبداً، تمثل صوت الحكمة والاعتدال، والدعوة إلى السلام، ونبذ الكراهية والعنف، ومكافحة الإرهاب والتطرف، في كافة المستويات، وعلى مختلف الأصعدة، خليجياً وإقليمياً وعربياً ودولياً، تنفيذاً للرؤى الحكيمة لحضرة صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة ملك البلاد المعظم، وبتوجيه ومتابعة حثيثة من صاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن حمد آل خليفة ولي العهد رئيس مجلس الوزراء حفظه الله.
من هذا المنطلق كان تقدم مملكة البحرين للترشح لعضوية غير دائمة في مجلس الأمن للأمم المتحدة للفترة 2026-2027، انطلاقاً من التزامها الراسخ بالسلم والأمن الدوليين، وتحقيقاً للأهداف السابق ذكرها، حيث تلعب المملكة من خلال عضويتها في المنظمات الخليجية والإقليمية والعربية والدولية، دوراً محورياً، يسعى إلى تغليب لغة الحوار والتفاوض، والوصول إلى نقاط الاتفاق وليس الاختلاف.
لذلك، ترتكز رؤية مملكة البحرين من خلال عضويتها على مبدأ «بناء جسور السلام من أجل الحاضر والمستقبل»، بالإضافة إلى الإيمان بترسيخ السلام والاستقرار، ومواجهة التهديدات الأمنية التقليدية والناشئة، وضمان الشمولية والمشاركة، وتعزيز التعددية، خاصة وأن لدى المملكة مجموعة من الأولويات الرئيسة خلال فترة العضوية، لعل أبرزها، ترسيخ ثقافة السلام والتعايش، وتعزيز القانون الدولي والعمل الإنساني، ومكافحة الإرهاب والتطرف، ودعم الأمن السيبراني، وتمكين الشباب والمرأة، ومواجهة التحديات المناخية والبحرية، وتفعيل دور المنظمات الإقليمية وتطوير أساليب عمل مجلس الأمن.
وتستند مملكة البحرين في الترشح لعضوية غير دائمة في مجلس الأمن للأمم المتحدة للفترة 2026-2027، إلى تاريخ مشرف سطرته من خلال العضوية غير الدائمة في مجلس الأمن خلال الفترة 1998-1999، حيث قدمت نموذجاً حضارياً في دعم جهود المجتمع الدولي، حيث تبع ذلك مباشرة عضوية مملكة البحرين في المجلس الاقتصادي والاجتماعي للأمم المتحدة خلال الفترة من 2000-2003، استناداً إلى جهود كبيرة قام بها الطاقم الدبلوماسي لمملكة البحرين بقيادة سعادة السفير الدكتور جاسم محمد بوعلاي أثناء عمله كمندوب دائم لمملكة البحرين لدى الأمم المتحدة في نيويورك، في فترة تولي الممثل الخاص لجلالة الملك المعظم، سمو الشيخ محمد بن مبارك آل خليفة، منصب وزير الخارجية آنذاك.
ولقد جاءت دعوة جلالة الملك المعظم حفظه الله ورعاه، لمؤتمر دولي للسلام في الشرق الأوسط، وذلك خلال اجتماع مجلس جامعة الدول العربية على مستوى القمة في دورته العادية الثالثة والثلاثين، والتي استضافتها مملكة البحرين في مايو 2024، لتمثل إنجازاً دبلوماسياً وسياسياً تاريخياً يحسب للمملكة بفضل الرؤى الحكيمة لجلالة الملك المعظم، حيث تبرهن تلك الدعوة المباركة إلى نهج المملكة في ضرورة التكاتف والتضامن وتعزيز العمل الجماعي من أجل التغلب على التحديات وإيجاد حلول حقيقية للقضايا الإقليمية والدولية المختلفة.
ولا يفوتنا في هذا المقام، التنويه والإشادة بالجهود الكبيرة لوزارة الخارجية وكوادرها المتميزة تحت قيادة وزير الخارجية د. عبداللطيف بن راشد الزياني، حيث تنهج الدبلوماسية البحرينية نهجاً حكيماً ومؤثراً يشدد على ضرورة دعم رؤية عالم آمن ومستقر ومترابط.
إن حصول مملكة البحرين على العضوية غير الدائمة في مجلس الأمن للأمم المتحدة للفترة 2026-2027، يمثل انتصاراً لصوت الحكمة، والعقل الراجح، والاعتدال، وتغليب لغة الحوار، داخل المجلس، في ظل التحديات الإقليمية والدولية التي تواجه دول العالم، وفي محاولة جادة لإيقاف الحروب والصراعات والأزمات حول العالم.