في زمنٍ باتت فيه الأرقامُ هي لغة الاعتراف الحقيقي بالمنجزات، يطلّ علينا التقرير الوطني الذي أعدّه المجلس الأعلى للمرأة في البحرين، لا كوثيقة روتينية، بل كمرآة شفافة تعكس حصاد سنين من العمل الجاد، والرؤية البعيدة، والاستثمار العميق في الكفاءة النسائية البحرينية، إنه ليس مجرد تقرير، بل هو بيان حالة، وإعلان نضج مؤسسي، وإثبات أن التخطيط الدقيق والتكامل المؤسسي قادران على تحويل القضايا إلى مسارات تنموية مستدامة.من خلال هذا التقرير، تتجلى تلك المتابعة السديدة التي ينتهجها المجلس الأعلى للمرأة، ليس كجهة دعائية أو بروتوكولية، بل كجهاز وطني استراتيجي يعيد صياغة حضور المرأة في الدولة، بلغةٍ علمية دقيقة، تنسج خيوط المستقبل بقراءة واعية للواقع. فكل رقم في هذا التقرير ليس مجرد قيمة إحصائية، بل هو نبض لتقدمٍ حقيقي، وحرفٌ في سردية نهوض المرأة البحرينية كمكون أساسي في البناء التنموي، لا كعنصر بشري فقط، بل كأداة تأثير وقيادة في صياغة السياسات الوطنية.واللافت أن هذا التقرير لا يكتفي بتوثيق الإنجاز، بل يفتح بوابات نحو الأفق، فيُبرز مواطن القوة، ويضيء على مكامن التحدي، كرسالة موجهة إلى مؤسسات الدولة للالتفات الجاد إلى بعض القطاعات التي ما زالت تعاني من قلة في الحضور النسائي، مثل المجالين الدبلوماسي والقضائي، هنا، لا يُطرح النقد بلغة اللوم، وإنما بلغة البناء، بدعوة ذكية لصناع القرار لدمج المرأة أكثر في عمق خطط التوسعة والإصلاح المؤسسي، لتكون خططاً وطنية متكاملة لا تقتصر على المجلس الأعلى للمرأة، بل تتماهى مع رؤية تنموية شاملة للدولة بأكملها.في ضوء هذه القراءة، لا بد أن نستوعب أن هذا التقرير ليس نهاية الطريق، بل بدايته المتجددة. إنه وثيقة حية، تحمل داخلها ديناميكية الطموح، وذكاء التخطيط، وصدق الانتماء، وهو في جوهره، دليل على أن تمكين المرأة البحرينية لم يعد شعاراً، بل أصبح مساراً وطنياً يحتذى به، هكذا تصنع الأرقام قفزاتٍ تنموية، وتكتب المرأة البحرينية فصولاً جديدة من قصة وطن يمضي بثقة نحو المستقبل.* إعلامية وباحثة أكاديمية
مؤشرات ورؤية.. ضوء لا يعرف التراجع
الناصية
د. سهير بنت سند المهندي
د. سهير بنت سند المهندي