تتجاوز العلاقات بين دول مجلس التعاون الخليجي وإدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب مفهوم «عدو عدوي.. صديقي» - في إشارة إلى إيران - لتبدو كأنها أقرب إلى عودة العلاقات الوطيدة بين الحلفاء، لكنها مشروطة ببرغماتية ومصالح مشتركة، لا تخلو من حذر مطلوب، تضعه دول الخليج نصب أعينها، وفي حساباتها، تجاه سيد البيت الأبيض.
وقد أبدت دول الخليج تفاؤلها حيال عودة التحالف القوي مع أمريكا بعدما تراجعت تلك العلاقة في عهد إدارة الرئيس الأمريكي السابق باراك أوباما، لاسيما وأن الأخير قد خذل حلفاءه الرئيسيين في المنطقة، في ملفات عدة، لعل أبرزها إبرام الاتفاق النووي مع إيران، دون تحجيم الأخيرة بالشكل المطلوب، وحصولها على عشرات المليارات من الدولارات نتيجة توقيع الاتفاق، فيما بدا اهتمام أوباما بالاتفاق النووي مع إيران على حساب علاقاته مع دول الخليج، وانسحابه الناعم من المنطقة في أعقاب ما يعرف بـ «الربيع العربي»، بالإضافة إلى عجزه الواضح عن وضع حد لتدخلات طهران في شؤون دول المنطقة، ودعمها ميليشيات إرهابية لعل أبرزها «حزب الله» في لبنان، و«الحشد الشعبي» في العراق، والمتمردين الحوثيين في اليمن. ولم يغب المشهد السوري عن الخلافات بين دول الخليج وأوباما، بعدما أعطى الفرصة على طبق من ذهب لروسيا بالتدخل في سوريا لصالح نظام دمشق، وفي ذات الوقت تقاعس عن دعم المعارضة السورية المعتدلة، الأمر الذي أدى إلى حسم معارك استراتيجية على الأرض لصالح نظام الرئيس بشار الأسد.
وقد حرص ترامب منذ اليوم الأول لتنصيبه رئيساً لأمريكا على التركيز على دعم العلاقات مع دول الخليج كحليف استراتيجي رئيس في المنطقة، منذ عقود، لذلك سارع إلى إجراء اتصالات هاتفية مع قادة بعض دول المجلس، حيث استهل ترامب تلك الاتصالات، بمباحثات هاتفية مع خادم الحرمين الشريفين العاهل السعودي الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود، واستمرت المباحثات الهاتفية بينهما أكثر من ساعة، تم خلالها مناقشة عدة ملفات مهمة، كان أبرزها تأييد الطرفين لإقامة مناطق آمنة في سوريا، ومواجهة أنشطة طهران في المنطقة، والاتفاق على ضرورة التصدي للدور الإيراني المزعزع لاستقرار المنطقة، والتطبيق الصارم للاتفاق النووي الإيراني، وتعزيز الجهود لمواجهة الإرهاب خاصة تنظيم الدولة «داعش» الإرهابي، والتزام أمريكا بحماية أمن المملكة، وفقاً للشراكة الاستراتيجية للقرن الحالي، وإشادة الرئيس الأمريكي برؤية السعودية 2030.
وعقب ذلك، أجرى ترامب مباحثات هاتفية مع ولي عهد دولة الإمارات العربية المتحدة، صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، وقد اتفقا خلالها أيضاً على دعم مبادرة إقامة المناطق الآمنة في سوريا، ومكافحة الإرهاب والتطرف والعنف ومحاربة التنظيمات الإرهابية.
وبعد يومين، أكد ولي ولي العهد السعودي ووزير الدفاع صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبد العزيز ووزير الدفاع الأمريكي جيمس ماتيس في مكالمة هاتفية معارضتهما تدخلات النظام الإيراني في شؤون المنطقة، ورفضهما الكامل للنشاطات المشبوهة وتدخلات وكلائه بهدف زعزعة الأمن والاستقرار فيها، مشددين على تطوير العلاقات الاستراتيجية بين البلدين الصديقين إلى مجالات أوسع.
ودعمت الدبلوماسية السعودية الأمر ذاته من خلال تأكيد وزير الخارجية السعودي عادل الجبير أن «الرئيس الأمريكي عين أشخاصاً يتميزون بكفاءة عالية وخبرة واسعة في إدارته الجديدة»، مؤكداً «تفاؤله بإدارة ترامب وتطلعه للعمل الوثيق مع إدارته للتعاطي مع التحديات العديدة، على مستوى المنطقة والعالم»، لافتاً إلى أن «إدارة ترامب ستكون أكثر انخراطاً في الشرق الأوسط وخاصة في احتواء إيران».
ورغم تعهد الرئيس الأمريكي، في خطته لقطاع الطاقة الأمريكي بالعمل مع حلفاء أمريكا بالخليج، من أجل تطوير علاقات إيجابية بالطاقة، إلا أن دول الخليج تأمل أن يكون ترامب رئيساً قوياً يعزز دور واشنطن كشريك أساسي استراتيجي لهم في منطقة مهمة لأمن أمريكا ومصالحها في مجال الطاقة، متطلعين إلى أن يكون ترامب حازماً في قراراته المتعلقة بأمن المنطقة، ولا ينهج درب سلفه، ومن ثم لا يمكنه وإدارته اتخاذ موقف سلبي، خاصة عدم كبح جماح حكومة إيران وحلفائها في العراق وسوريا ولبنان واليمن، وأن تترجم حقيقة أن دول الخليج حلفاء رئيسيين بالنسبة إلى أمريكا، إلى حقائق على الأرض، وليست مجرد شعارات.
بدورها أظهرت دول الخليج ضمنياً، عدم معارضتها لقرارات ترامب المتعلقة بالهجرة، ومنع ترامب مواطني 7 دول شرق أوسطية من دخول أمريكا، من منطلق أنه شأن سيادي وقرار داخلي أمريكي يحفظ أمن واستقرار الأمريكيين، مع الأخذ في الاعتبار أن تلك القرارات لا تضر دول الخليج ولا تمس سياساتها أو مواطنيها، خاصة أن حظر السفر لا يتعلق بالدول التي تقيم أمريكا معها علاقات عسكرية واستخباراتية خاصة في مجال مكافحة الإرهاب. وهو ما ظهر جلياً في تصريحات وزير خارجية الإمارات الشيخ عبدالله بن زايد آل نهيان الذي قال إن مرسوم ترامب «سيادي» وغير موجه ضد الإسلام. واستنكر وزير خارجية الإمارات «محاولات لإعطاء انطباع أن القرار موجه ضد ديانة معينة»، معتبراً أن «الكلام غير صحيح». وقال إن «الغالبية العظمى من المسلمين في الدول المسلمة لم يشملها القرار». ورأى أن بعض الدول التي شملها القرار «تواجه تحديات هيكلية»، معتبراً أن على هذه الدول «أن تحاول معالجة هذه الأوضاع والظروف». بدوره، اعتبر وزير الطاقة السعودي خالد الفالح أن «من حق الولايات المتحدة ضمان سلامة شعبها»، مشيراً إلى أن «لكل دولة الحق في القضاء على المخاطر التي يتعرض لها شعبها».
وفي الوقت الذي يرى فيه بعض المحللين تشابهاً سياسياً بين ترامب والرئيس الأمريكي الأسبق رونالد ريجان الذي رفع أيضاً شعار «اجعلوا أمريكا عظيمة مجدداً»، تبقى ملفات رئيسة، لن تتوانى دول الخليج عن اتخاذ مواقف صريحة وواضحة تجاهها، إذا حاول ترامب عدم حسمها، لعل أبرزها، شعور دول الخليج بهجوم مبطن على الإسلام من خلال تصريحات لترامب وإدارته، وهو ما يعيد إلى الأذهان ما تردد حول حملة بوش الابن «الصليبية» ضد الإسلام، إضافة إلى عزم ترامب نقل السفارة الأمريكية إلى القدس المحتلة، وعدم اتخاذ قرار فاعل بشأن قانون «العدالة ضد رعاة الإرهاب - جاستا».
* وقفة:
تتجاوز العلاقات بين دول الخليج وترامب مفهوم «عدو عدوي.. صديقي» - في إشارة إلى إيران - لتبدو قائمة أقرب على عودة العلاقات الوطيدة بين الحلفاء لكنها مشروطة ببرغماتية ومصالح مشتركة لا تخلو من حذر مطلوب.
وقد أبدت دول الخليج تفاؤلها حيال عودة التحالف القوي مع أمريكا بعدما تراجعت تلك العلاقة في عهد إدارة الرئيس الأمريكي السابق باراك أوباما، لاسيما وأن الأخير قد خذل حلفاءه الرئيسيين في المنطقة، في ملفات عدة، لعل أبرزها إبرام الاتفاق النووي مع إيران، دون تحجيم الأخيرة بالشكل المطلوب، وحصولها على عشرات المليارات من الدولارات نتيجة توقيع الاتفاق، فيما بدا اهتمام أوباما بالاتفاق النووي مع إيران على حساب علاقاته مع دول الخليج، وانسحابه الناعم من المنطقة في أعقاب ما يعرف بـ «الربيع العربي»، بالإضافة إلى عجزه الواضح عن وضع حد لتدخلات طهران في شؤون دول المنطقة، ودعمها ميليشيات إرهابية لعل أبرزها «حزب الله» في لبنان، و«الحشد الشعبي» في العراق، والمتمردين الحوثيين في اليمن. ولم يغب المشهد السوري عن الخلافات بين دول الخليج وأوباما، بعدما أعطى الفرصة على طبق من ذهب لروسيا بالتدخل في سوريا لصالح نظام دمشق، وفي ذات الوقت تقاعس عن دعم المعارضة السورية المعتدلة، الأمر الذي أدى إلى حسم معارك استراتيجية على الأرض لصالح نظام الرئيس بشار الأسد.
وقد حرص ترامب منذ اليوم الأول لتنصيبه رئيساً لأمريكا على التركيز على دعم العلاقات مع دول الخليج كحليف استراتيجي رئيس في المنطقة، منذ عقود، لذلك سارع إلى إجراء اتصالات هاتفية مع قادة بعض دول المجلس، حيث استهل ترامب تلك الاتصالات، بمباحثات هاتفية مع خادم الحرمين الشريفين العاهل السعودي الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود، واستمرت المباحثات الهاتفية بينهما أكثر من ساعة، تم خلالها مناقشة عدة ملفات مهمة، كان أبرزها تأييد الطرفين لإقامة مناطق آمنة في سوريا، ومواجهة أنشطة طهران في المنطقة، والاتفاق على ضرورة التصدي للدور الإيراني المزعزع لاستقرار المنطقة، والتطبيق الصارم للاتفاق النووي الإيراني، وتعزيز الجهود لمواجهة الإرهاب خاصة تنظيم الدولة «داعش» الإرهابي، والتزام أمريكا بحماية أمن المملكة، وفقاً للشراكة الاستراتيجية للقرن الحالي، وإشادة الرئيس الأمريكي برؤية السعودية 2030.
وعقب ذلك، أجرى ترامب مباحثات هاتفية مع ولي عهد دولة الإمارات العربية المتحدة، صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، وقد اتفقا خلالها أيضاً على دعم مبادرة إقامة المناطق الآمنة في سوريا، ومكافحة الإرهاب والتطرف والعنف ومحاربة التنظيمات الإرهابية.
وبعد يومين، أكد ولي ولي العهد السعودي ووزير الدفاع صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبد العزيز ووزير الدفاع الأمريكي جيمس ماتيس في مكالمة هاتفية معارضتهما تدخلات النظام الإيراني في شؤون المنطقة، ورفضهما الكامل للنشاطات المشبوهة وتدخلات وكلائه بهدف زعزعة الأمن والاستقرار فيها، مشددين على تطوير العلاقات الاستراتيجية بين البلدين الصديقين إلى مجالات أوسع.
ودعمت الدبلوماسية السعودية الأمر ذاته من خلال تأكيد وزير الخارجية السعودي عادل الجبير أن «الرئيس الأمريكي عين أشخاصاً يتميزون بكفاءة عالية وخبرة واسعة في إدارته الجديدة»، مؤكداً «تفاؤله بإدارة ترامب وتطلعه للعمل الوثيق مع إدارته للتعاطي مع التحديات العديدة، على مستوى المنطقة والعالم»، لافتاً إلى أن «إدارة ترامب ستكون أكثر انخراطاً في الشرق الأوسط وخاصة في احتواء إيران».
ورغم تعهد الرئيس الأمريكي، في خطته لقطاع الطاقة الأمريكي بالعمل مع حلفاء أمريكا بالخليج، من أجل تطوير علاقات إيجابية بالطاقة، إلا أن دول الخليج تأمل أن يكون ترامب رئيساً قوياً يعزز دور واشنطن كشريك أساسي استراتيجي لهم في منطقة مهمة لأمن أمريكا ومصالحها في مجال الطاقة، متطلعين إلى أن يكون ترامب حازماً في قراراته المتعلقة بأمن المنطقة، ولا ينهج درب سلفه، ومن ثم لا يمكنه وإدارته اتخاذ موقف سلبي، خاصة عدم كبح جماح حكومة إيران وحلفائها في العراق وسوريا ولبنان واليمن، وأن تترجم حقيقة أن دول الخليج حلفاء رئيسيين بالنسبة إلى أمريكا، إلى حقائق على الأرض، وليست مجرد شعارات.
بدورها أظهرت دول الخليج ضمنياً، عدم معارضتها لقرارات ترامب المتعلقة بالهجرة، ومنع ترامب مواطني 7 دول شرق أوسطية من دخول أمريكا، من منطلق أنه شأن سيادي وقرار داخلي أمريكي يحفظ أمن واستقرار الأمريكيين، مع الأخذ في الاعتبار أن تلك القرارات لا تضر دول الخليج ولا تمس سياساتها أو مواطنيها، خاصة أن حظر السفر لا يتعلق بالدول التي تقيم أمريكا معها علاقات عسكرية واستخباراتية خاصة في مجال مكافحة الإرهاب. وهو ما ظهر جلياً في تصريحات وزير خارجية الإمارات الشيخ عبدالله بن زايد آل نهيان الذي قال إن مرسوم ترامب «سيادي» وغير موجه ضد الإسلام. واستنكر وزير خارجية الإمارات «محاولات لإعطاء انطباع أن القرار موجه ضد ديانة معينة»، معتبراً أن «الكلام غير صحيح». وقال إن «الغالبية العظمى من المسلمين في الدول المسلمة لم يشملها القرار». ورأى أن بعض الدول التي شملها القرار «تواجه تحديات هيكلية»، معتبراً أن على هذه الدول «أن تحاول معالجة هذه الأوضاع والظروف». بدوره، اعتبر وزير الطاقة السعودي خالد الفالح أن «من حق الولايات المتحدة ضمان سلامة شعبها»، مشيراً إلى أن «لكل دولة الحق في القضاء على المخاطر التي يتعرض لها شعبها».
وفي الوقت الذي يرى فيه بعض المحللين تشابهاً سياسياً بين ترامب والرئيس الأمريكي الأسبق رونالد ريجان الذي رفع أيضاً شعار «اجعلوا أمريكا عظيمة مجدداً»، تبقى ملفات رئيسة، لن تتوانى دول الخليج عن اتخاذ مواقف صريحة وواضحة تجاهها، إذا حاول ترامب عدم حسمها، لعل أبرزها، شعور دول الخليج بهجوم مبطن على الإسلام من خلال تصريحات لترامب وإدارته، وهو ما يعيد إلى الأذهان ما تردد حول حملة بوش الابن «الصليبية» ضد الإسلام، إضافة إلى عزم ترامب نقل السفارة الأمريكية إلى القدس المحتلة، وعدم اتخاذ قرار فاعل بشأن قانون «العدالة ضد رعاة الإرهاب - جاستا».
* وقفة:
تتجاوز العلاقات بين دول الخليج وترامب مفهوم «عدو عدوي.. صديقي» - في إشارة إلى إيران - لتبدو قائمة أقرب على عودة العلاقات الوطيدة بين الحلفاء لكنها مشروطة ببرغماتية ومصالح مشتركة لا تخلو من حذر مطلوب.