يحظي التطور السياسي في الصين ونموذجها التنموي باهتمام كبير فقد قال نابليون: «دع الصين نائمة فإنها إذا تحركت اهتز العالم بأسره»، وهذا يماثل المقولة الأخرى: «إذا عطست أمريكا أصيب العالم بالزكام».
من هنا انعقدت الآمال العربية على نهضة العملاق الصيني والتطلع لدوره في إعادة التوازن في السياسة الدولية. وبالنظر إلى أنه دائماً ما تجري عملية مراجعة كل خمس سنوات للأوضاع في الصين، مع انعقاد المؤتمر العام للحزب الشيوعي الصيني، فإن كثيراً من الأضواء تسلط على هذا الحدث المهم، وما يرتبط به من تغيرات أو تعديلات في المناصب القيادية العليا في الصين، وما يترتب على ذلك من سياسات داخلية أو خارجية. والصين في هذه المرحلة تواجه تحدياً أمريكياً كبيراً وليس أدل على ذلك من تخصيص مجلة «فورين افيرز» الأمريكية في عددها في يناير وفبراير، مقالين يحللان الأوضاع في الصين والولايات المتحدة. ولن نتعرض لذلك وإنما بصفتي متخصصاً في الدراسات الصينية يهمني أن أقدم عرضاً لخصائص النموذج التنموي الصيني في هذه المرحلة من التغير في العالم، خاصة في أكبر قوتين هما الولايات المتحدة والصين. ونركز هنا على النموذج التنموي الصيني الذي أصبح يطلق عليه المعجزة الصينية. ويستلزم فهم النموذج التنموي الصيني تحديد الإطار العام لهذا النموذج الذي اعتمد على تحديد واضح للهدف، وتحديد واضح للوسيلة، ومنهج فكري واضح في العمل، وركائز واضحة للعمل الداخلي والتعامل الدولي. وسوف نقدم تعريفاً موجزاً لهذه المصطلحات الثلاثة الأولى، أي الهدف والوسيلة والمنهج الفكري، ونترك الركائز الأخرى للتفصيل في البند اللاحق.
الهدف: هو نقل الصين من دولة فقيرة تعاني المجاعات لدولة متوسطة في مستوى المعيشة بحلول عام 2050 من خلال التحديثات الأربعة، الصناعة والزراعة والتكنولوجيا والقوات المسلحة.
الوسيلة: هي التي تؤدي إلى تحقيق الهدف، مقولة دنج سياو بنج «لا يهم لون القطة طالما تصطاد الفئران»، أي المرونة في الوسيلة وبعبارة أخرى البراغماتية.
المنهج الفكري: الاشتراكية بخصائص صينية، ومحورها الجمع بين 3 مقومات هي خصائص اشتراكية، ورأسمالية السوق، وتراث صيني تقليدي.
واعتمد النموذج على عدة ركائز ومتطلباته الداخلية والخارجية. وتتلخص في:
1 - القوة الدافعة للتطور التنموي، وهي ما أطلق عليه في الغرب «التنمية على أساس الاقتصاد الموجه للتصدير».
2 - الانطلاق من مبدأ النمو غير المتوازن بالتركيز على المناطق الشرقية كنماذج للتنمية ثم الاتجاه للغرب الصيني على أساس مبدأ التكافل والتكامل بين الأقاليم، أي بعبارة أخرى، يبدأ التطور الجغرافي للتنمية من المناطق الشرقية ثم الوسطى ثم مناطق الشمال الشرقي فالمناطق الغربية.
3 - السعي لاجتذاب الاستثمارات الأجنبية لتمويل المشروعات في إطار خطة مركزية عامة للدولة مع حرية في التنفيذ في الأقاليم الصينية المختلفة، وفي مجالات النشاط الاقتصادي فالمتنوعة وإتاحة الفرصة لها من خلال الأنواع الأربعة للملكية وهي:
1 - المشروعات ذات الملكية الخاصة كاملة.
2 - المشروعات ذات الملكية المختلطة «الدولة والقطاع الخاص».
3 - المشروعات ذات الملكية التعاونية.
4 - المشروعات المملوكة للدولة كاملة.
وهذا النموذج القائم على ضبط الأسعار وضبط الأجور مع السماح بالابتعاد عن مفهوم الاقتصاد الاشتراكي التقليدي حيث كون الدولة مسؤولة عن الفرد من ميلاده حتى وفاته، وترك الأمر إلى حد كبير للفكر الاقتصادي الليبرالي القائم على حريات «التنافس - الربح - البيع والشراء - والحصول على مقومات الحياة من «مسكن – ملبس – تعليم – رعاية صحية»، وإتاحة الفرصة للبحث عن العمل مع ضوابط تضمن الحد الأدنى من كل هذه المقومات أي السير على قدمين «العام والخاص»، بخطى متوازية وليست بالضرورة متساوية، أما أبرز التوجهات الداخلية للنموذج فهي:
1- أن يقوم بناء النموذج بالجمع بين القديم والحديث، بمعنى الانفتاح على التكنولوجيا المتقدمة، من أية دولة في العالم، وفي الوقت نفسه تطوير الصناعات القائمة منذ الخمسينات.
2 - إطلاق الحرية الاقتصادية للأقاليم في التعامل مع الخارج في التجارة، والقروض واجتذاب الاستثمارات الأجنبية علي أساس مبدأ تنافس الأقاليم المختلفة.
3- الانفتاح والتحرير التدريجي في التجارة والصناعة وأسعار السلع والعمالة والتأمينات والمصارف وأسعار العملة وفي السياسة الزراعية وفي اللا مركزية الإدارية وفي تطور البورصة.
4- الانفتاح والتحرر والتنوع الاقتصادي والثقافي مع ضبط الحركة والتطور السياسي من خلال الحزب الشيوعي، بعبارة أخرى تتبع الصين ما يمكن أن نسميه الإدارة والرقابة المزدوجة «الحكومة والحزب أي المسؤول الحكومي والمسؤول الحزبي الأول للتنفيذ والثاني للرقابة».
5- إعطاء أولوية للاستقرار السياسي والاجتماعي، والإنتاجية الاقتصادية، والرفاهية العامة، مع تطوير فلسفة الحزب الشيوعي بإضافات جديدة باستمرار وفقاً لما تسفر عنه الممارسة العملية التي تقوم أحياناً على التجربة والخطأ، حيث بدأ الانفتاح بإنشاء عدد محدود من المناطق الاقتصادية الخاصة، ثم زيادتها والتوسع فيها من حيث العدد، والمساحة والمناطق الجغرافية، مع مضي الوقت، ومع ثبوت نجاحها وتحقيقها للأهداف المرجوة، كما تم تطوير دستور الحزب بإضافة دور للطبقة المتوسطة والقطاع الخاص ودور للتكنولوجيا والمعرفة، ليعكس الواقع في المجتمع. يتبع.
من هنا انعقدت الآمال العربية على نهضة العملاق الصيني والتطلع لدوره في إعادة التوازن في السياسة الدولية. وبالنظر إلى أنه دائماً ما تجري عملية مراجعة كل خمس سنوات للأوضاع في الصين، مع انعقاد المؤتمر العام للحزب الشيوعي الصيني، فإن كثيراً من الأضواء تسلط على هذا الحدث المهم، وما يرتبط به من تغيرات أو تعديلات في المناصب القيادية العليا في الصين، وما يترتب على ذلك من سياسات داخلية أو خارجية. والصين في هذه المرحلة تواجه تحدياً أمريكياً كبيراً وليس أدل على ذلك من تخصيص مجلة «فورين افيرز» الأمريكية في عددها في يناير وفبراير، مقالين يحللان الأوضاع في الصين والولايات المتحدة. ولن نتعرض لذلك وإنما بصفتي متخصصاً في الدراسات الصينية يهمني أن أقدم عرضاً لخصائص النموذج التنموي الصيني في هذه المرحلة من التغير في العالم، خاصة في أكبر قوتين هما الولايات المتحدة والصين. ونركز هنا على النموذج التنموي الصيني الذي أصبح يطلق عليه المعجزة الصينية. ويستلزم فهم النموذج التنموي الصيني تحديد الإطار العام لهذا النموذج الذي اعتمد على تحديد واضح للهدف، وتحديد واضح للوسيلة، ومنهج فكري واضح في العمل، وركائز واضحة للعمل الداخلي والتعامل الدولي. وسوف نقدم تعريفاً موجزاً لهذه المصطلحات الثلاثة الأولى، أي الهدف والوسيلة والمنهج الفكري، ونترك الركائز الأخرى للتفصيل في البند اللاحق.
الهدف: هو نقل الصين من دولة فقيرة تعاني المجاعات لدولة متوسطة في مستوى المعيشة بحلول عام 2050 من خلال التحديثات الأربعة، الصناعة والزراعة والتكنولوجيا والقوات المسلحة.
الوسيلة: هي التي تؤدي إلى تحقيق الهدف، مقولة دنج سياو بنج «لا يهم لون القطة طالما تصطاد الفئران»، أي المرونة في الوسيلة وبعبارة أخرى البراغماتية.
المنهج الفكري: الاشتراكية بخصائص صينية، ومحورها الجمع بين 3 مقومات هي خصائص اشتراكية، ورأسمالية السوق، وتراث صيني تقليدي.
واعتمد النموذج على عدة ركائز ومتطلباته الداخلية والخارجية. وتتلخص في:
1 - القوة الدافعة للتطور التنموي، وهي ما أطلق عليه في الغرب «التنمية على أساس الاقتصاد الموجه للتصدير».
2 - الانطلاق من مبدأ النمو غير المتوازن بالتركيز على المناطق الشرقية كنماذج للتنمية ثم الاتجاه للغرب الصيني على أساس مبدأ التكافل والتكامل بين الأقاليم، أي بعبارة أخرى، يبدأ التطور الجغرافي للتنمية من المناطق الشرقية ثم الوسطى ثم مناطق الشمال الشرقي فالمناطق الغربية.
3 - السعي لاجتذاب الاستثمارات الأجنبية لتمويل المشروعات في إطار خطة مركزية عامة للدولة مع حرية في التنفيذ في الأقاليم الصينية المختلفة، وفي مجالات النشاط الاقتصادي فالمتنوعة وإتاحة الفرصة لها من خلال الأنواع الأربعة للملكية وهي:
1 - المشروعات ذات الملكية الخاصة كاملة.
2 - المشروعات ذات الملكية المختلطة «الدولة والقطاع الخاص».
3 - المشروعات ذات الملكية التعاونية.
4 - المشروعات المملوكة للدولة كاملة.
وهذا النموذج القائم على ضبط الأسعار وضبط الأجور مع السماح بالابتعاد عن مفهوم الاقتصاد الاشتراكي التقليدي حيث كون الدولة مسؤولة عن الفرد من ميلاده حتى وفاته، وترك الأمر إلى حد كبير للفكر الاقتصادي الليبرالي القائم على حريات «التنافس - الربح - البيع والشراء - والحصول على مقومات الحياة من «مسكن – ملبس – تعليم – رعاية صحية»، وإتاحة الفرصة للبحث عن العمل مع ضوابط تضمن الحد الأدنى من كل هذه المقومات أي السير على قدمين «العام والخاص»، بخطى متوازية وليست بالضرورة متساوية، أما أبرز التوجهات الداخلية للنموذج فهي:
1- أن يقوم بناء النموذج بالجمع بين القديم والحديث، بمعنى الانفتاح على التكنولوجيا المتقدمة، من أية دولة في العالم، وفي الوقت نفسه تطوير الصناعات القائمة منذ الخمسينات.
2 - إطلاق الحرية الاقتصادية للأقاليم في التعامل مع الخارج في التجارة، والقروض واجتذاب الاستثمارات الأجنبية علي أساس مبدأ تنافس الأقاليم المختلفة.
3- الانفتاح والتحرير التدريجي في التجارة والصناعة وأسعار السلع والعمالة والتأمينات والمصارف وأسعار العملة وفي السياسة الزراعية وفي اللا مركزية الإدارية وفي تطور البورصة.
4- الانفتاح والتحرر والتنوع الاقتصادي والثقافي مع ضبط الحركة والتطور السياسي من خلال الحزب الشيوعي، بعبارة أخرى تتبع الصين ما يمكن أن نسميه الإدارة والرقابة المزدوجة «الحكومة والحزب أي المسؤول الحكومي والمسؤول الحزبي الأول للتنفيذ والثاني للرقابة».
5- إعطاء أولوية للاستقرار السياسي والاجتماعي، والإنتاجية الاقتصادية، والرفاهية العامة، مع تطوير فلسفة الحزب الشيوعي بإضافات جديدة باستمرار وفقاً لما تسفر عنه الممارسة العملية التي تقوم أحياناً على التجربة والخطأ، حيث بدأ الانفتاح بإنشاء عدد محدود من المناطق الاقتصادية الخاصة، ثم زيادتها والتوسع فيها من حيث العدد، والمساحة والمناطق الجغرافية، مع مضي الوقت، ومع ثبوت نجاحها وتحقيقها للأهداف المرجوة، كما تم تطوير دستور الحزب بإضافة دور للطبقة المتوسطة والقطاع الخاص ودور للتكنولوجيا والمعرفة، ليعكس الواقع في المجتمع. يتبع.