يعقد يوم السبت القادم صباحاً في مركز المعلومات للمرأة والطفل التابع لجمعية الرعاية والأمومة، مؤتمر كبير يتحدث عن دور التنشئة في تصاعد حدة الإرهاب والتطرف، يفتتحه الدكتور عمرو موسى وبحضور الدكتور عبداللطيف الزياني الأمين العام لمجلس التعاون.
ستقدم فيه دراسة قيمة قام بها مركز ابن خلدون للدراسات والبحوث، دراسة تغوص في عناصر و عوامل وحيثيات التنشئة المنزلية والتنشئة الاجتماعية من المحيط والبيئة التي ينمو فيها الإنسان إلى أن يكبر، وتبحث في أي منها يقوده إلى التطرف والعنف وكيف يصبح مهيأً إلى أن يتحول كإنسان يخرج من الفطرة ويصبح مشروع إرهابي قابل للتجنيد.
وكنت في مقالات الأسبوع الماضي أبحث عمن يفتح معي باباً محكماً إغلاقه، والأحكام ينطبق عليها وصف قارئة الفنجان «من يمسك يدها من يدنو من سور حديقتها مفقود مفقود مفقود». الكل خائف من التحدث عن أثر التنشئة والتربية والبيت، وعن أثر الموروث الشعبي وأثر الذاكرة المتخمة وبقية آثار التنشئة التي تجعل من الإنسان في الدولة خصم لا مواطن، ثائر لا مواطن، وتقف حائلاً بينه وبين الانخراط في العملية التنموية حتى قبل أن يدخل سوق العمل وقبل أن يطالب بحقوقه، نحن نتحدث عن تنشئة أطفال على أساس أن هذه الدولة التي تعيش في كنفها ليست دولتك ولا تنتمي لها، وأن النظام الموجود خصمك وعدوك، مرة لأنه غازي ومرة لأنه يزيدي!!! أثر تلك التنشئة على هذه المفاهيم في أحداث العنف المتكررة وفي حالة الخصام الدائم مع الدولة؟ وكيف نجا من تلك الحالة من نشأ في البيت وهو في حالة توافق مع الدولة تم غرسها في حليب الرضاعة، وفي أنشودة وترنيمة النوم، وفي الأخذ بيد الطفل حين يمس ممتلكات عامة وكيف يقف احتراماً للعلم، وينشد النشيد الوطني، ويحتفل بعيده الوطني. هناك من كسر الطوق وانسجم وتوافق مع الدولة، واستطاع أن يحقق طموحاته ضمن البيئة الطبيعية التي توافق معها، إنما هؤلاء منبوذون من الجماعة، محاربون معزولون.
نحن أمام بيئة تربوية تؤسس الطفل وتهيئه وتجعله قابلاً للتجنيد، بيئة ستحول بين الأجيال القادمة مثلما حالت بين الأجيال السابقة وبين الدولة، وتجعل التوافق مع «الدولة» بأي شكل من أشكال خيانة وعمالة للجماعة وللدين، لكنها بيئة تطالب هذه «الدولة» التي تنكرها بحقوقها كافة!!
تناقض مفزع مبني على مفاهيم خاطئة غرست كمسلمات سواء تلك المتعلقة بالذاكرة التاريخية وإسقاطاتها على الحاضر، أو حتى تلك المتلعقة بالمسألة الحقوقية واستحقاقات وثيقة حقوق الإنسان العالمية والمبنية على مبدأ القبول أولاً بوجود «دولة» كي تلبي تلك الحقوق.
ورغم أنه حديث يدور في الكواليس السنية والشيعية كذلك، لكن لا أحد يريد أن يجازف ويتحدث به علنا، لأنه يعلم «الإرهاب» الذي سيلقاه، ويعلم الطبيعة القذرة التي سيردع بها، ويعلم أن السنة المدافعين عن تلك الأحكام والأقفال والمغالق من أقذع الألسنة وأسوئها تربية، ويعلم حكم الإقصاء والعزلة الذي سيعاقب به إن كان من الجماعة، فيمسك نفسه ويربأ عن خوض تلك المعارك التي لن يخرج فيها دون جراح ونزف، وهكذا يستمر في اجترار وتكرار الأزمات الأمنية؛ لأننا لا نعالج ولا نتحدث ولا نقر إلا بالأعراض ولا أحد يريد أن يتحدث عن «بيت» الداء، أي عن أثر البيت و ما يدور فيه.
حتى مقالات هذا الأسبوع لقيت من الجانب الآخر تعليقات محبطة كلها تدور حول (الخرابة) التي أحاول الأذان فيها، أحدهم قال لي (حتى زلزال عشرة ريختر لن يوقظهم، فإن كان الضرر الذي لحق بهم بعد الأزمة الأخيرة وعزلتهم التي أصبحت خليجية لا بحرينية لم توقظ مفكريهم ومثقفيهم كي يأخذوا زمام المبادرة فمتى إذاً؟.. لا تتعبي نفسك، إنهم حالة ميؤوس منها) وآخر يقول لي إذا كانت محاولتك التي تنشدين منها إنقاذ ما يمكن إنقاذه تحور وتفسر على أنها اضطهاد وظلم لهم وحساباتهم على وسائل التواصل الاجتماعي لم تبق ولم تذر سباً وقذفاً وأوصافاً ونيلاً منك، فهل تظنين أن أحداً آخر سيجازف بدخول تلك العزلة ليناله ما نالك؟
قارئة من الجماعة تقول إنك تقلبين المرأة وتجعلينها في مواجهتنا وذلك سلوك لم نعتده، لم نعتد أن نحاول رؤية دورنا ومسؤوليتنا فيما يحدث لنا من أزمات متكررة مع الدولة، المرآة عندنا دائماً مسلطة على الدولة، نحن نرى وبوضوح إخفاقها في استمالتنا وعجزها عن إقناعنا بأحقيتها، لكننا لم ندر تلك المرآة يوماً لنرى إن كنا نقر ونعترف بتلك «الدولة» أصلاً حتى نطالبها بحقوقنا؟
البحرين التي نقر بها أرضاً ومورداً، لنا أحقية فيها، أما البحرين «الدولة» فلا زلنا في خصام معها، فهل نشأنا على هذا الخصام؟ أم أن سلوك الدولة هو ما ولد هذا الخصام؟
قلت لها أنا راضية أن يكون هذا السؤال فقط مفتاحاً لطرحه.. إنما بشقيه، وبما أنكم أشبعتم الشق الثاني بحثاً فهل يمكن أن تبدؤوا بطرح الشق الأول على الأقل؟!
ستقدم فيه دراسة قيمة قام بها مركز ابن خلدون للدراسات والبحوث، دراسة تغوص في عناصر و عوامل وحيثيات التنشئة المنزلية والتنشئة الاجتماعية من المحيط والبيئة التي ينمو فيها الإنسان إلى أن يكبر، وتبحث في أي منها يقوده إلى التطرف والعنف وكيف يصبح مهيأً إلى أن يتحول كإنسان يخرج من الفطرة ويصبح مشروع إرهابي قابل للتجنيد.
وكنت في مقالات الأسبوع الماضي أبحث عمن يفتح معي باباً محكماً إغلاقه، والأحكام ينطبق عليها وصف قارئة الفنجان «من يمسك يدها من يدنو من سور حديقتها مفقود مفقود مفقود». الكل خائف من التحدث عن أثر التنشئة والتربية والبيت، وعن أثر الموروث الشعبي وأثر الذاكرة المتخمة وبقية آثار التنشئة التي تجعل من الإنسان في الدولة خصم لا مواطن، ثائر لا مواطن، وتقف حائلاً بينه وبين الانخراط في العملية التنموية حتى قبل أن يدخل سوق العمل وقبل أن يطالب بحقوقه، نحن نتحدث عن تنشئة أطفال على أساس أن هذه الدولة التي تعيش في كنفها ليست دولتك ولا تنتمي لها، وأن النظام الموجود خصمك وعدوك، مرة لأنه غازي ومرة لأنه يزيدي!!! أثر تلك التنشئة على هذه المفاهيم في أحداث العنف المتكررة وفي حالة الخصام الدائم مع الدولة؟ وكيف نجا من تلك الحالة من نشأ في البيت وهو في حالة توافق مع الدولة تم غرسها في حليب الرضاعة، وفي أنشودة وترنيمة النوم، وفي الأخذ بيد الطفل حين يمس ممتلكات عامة وكيف يقف احتراماً للعلم، وينشد النشيد الوطني، ويحتفل بعيده الوطني. هناك من كسر الطوق وانسجم وتوافق مع الدولة، واستطاع أن يحقق طموحاته ضمن البيئة الطبيعية التي توافق معها، إنما هؤلاء منبوذون من الجماعة، محاربون معزولون.
نحن أمام بيئة تربوية تؤسس الطفل وتهيئه وتجعله قابلاً للتجنيد، بيئة ستحول بين الأجيال القادمة مثلما حالت بين الأجيال السابقة وبين الدولة، وتجعل التوافق مع «الدولة» بأي شكل من أشكال خيانة وعمالة للجماعة وللدين، لكنها بيئة تطالب هذه «الدولة» التي تنكرها بحقوقها كافة!!
تناقض مفزع مبني على مفاهيم خاطئة غرست كمسلمات سواء تلك المتعلقة بالذاكرة التاريخية وإسقاطاتها على الحاضر، أو حتى تلك المتلعقة بالمسألة الحقوقية واستحقاقات وثيقة حقوق الإنسان العالمية والمبنية على مبدأ القبول أولاً بوجود «دولة» كي تلبي تلك الحقوق.
ورغم أنه حديث يدور في الكواليس السنية والشيعية كذلك، لكن لا أحد يريد أن يجازف ويتحدث به علنا، لأنه يعلم «الإرهاب» الذي سيلقاه، ويعلم الطبيعة القذرة التي سيردع بها، ويعلم أن السنة المدافعين عن تلك الأحكام والأقفال والمغالق من أقذع الألسنة وأسوئها تربية، ويعلم حكم الإقصاء والعزلة الذي سيعاقب به إن كان من الجماعة، فيمسك نفسه ويربأ عن خوض تلك المعارك التي لن يخرج فيها دون جراح ونزف، وهكذا يستمر في اجترار وتكرار الأزمات الأمنية؛ لأننا لا نعالج ولا نتحدث ولا نقر إلا بالأعراض ولا أحد يريد أن يتحدث عن «بيت» الداء، أي عن أثر البيت و ما يدور فيه.
حتى مقالات هذا الأسبوع لقيت من الجانب الآخر تعليقات محبطة كلها تدور حول (الخرابة) التي أحاول الأذان فيها، أحدهم قال لي (حتى زلزال عشرة ريختر لن يوقظهم، فإن كان الضرر الذي لحق بهم بعد الأزمة الأخيرة وعزلتهم التي أصبحت خليجية لا بحرينية لم توقظ مفكريهم ومثقفيهم كي يأخذوا زمام المبادرة فمتى إذاً؟.. لا تتعبي نفسك، إنهم حالة ميؤوس منها) وآخر يقول لي إذا كانت محاولتك التي تنشدين منها إنقاذ ما يمكن إنقاذه تحور وتفسر على أنها اضطهاد وظلم لهم وحساباتهم على وسائل التواصل الاجتماعي لم تبق ولم تذر سباً وقذفاً وأوصافاً ونيلاً منك، فهل تظنين أن أحداً آخر سيجازف بدخول تلك العزلة ليناله ما نالك؟
قارئة من الجماعة تقول إنك تقلبين المرأة وتجعلينها في مواجهتنا وذلك سلوك لم نعتده، لم نعتد أن نحاول رؤية دورنا ومسؤوليتنا فيما يحدث لنا من أزمات متكررة مع الدولة، المرآة عندنا دائماً مسلطة على الدولة، نحن نرى وبوضوح إخفاقها في استمالتنا وعجزها عن إقناعنا بأحقيتها، لكننا لم ندر تلك المرآة يوماً لنرى إن كنا نقر ونعترف بتلك «الدولة» أصلاً حتى نطالبها بحقوقنا؟
البحرين التي نقر بها أرضاً ومورداً، لنا أحقية فيها، أما البحرين «الدولة» فلا زلنا في خصام معها، فهل نشأنا على هذا الخصام؟ أم أن سلوك الدولة هو ما ولد هذا الخصام؟
قلت لها أنا راضية أن يكون هذا السؤال فقط مفتاحاً لطرحه.. إنما بشقيه، وبما أنكم أشبعتم الشق الثاني بحثاً فهل يمكن أن تبدؤوا بطرح الشق الأول على الأقل؟!