تمثل زيارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب حدثاً تاريخياً فريداً في العلاقات الدولية والسياسة الأمريكية تجاه الشرق الأوسط، فالسوابق أن أول زيارة يقوم بها الرئيس الأمريكي لكندا والمكسيك ثم لدول «الناتو» وبعد ذلك أية دولة أخرى. وهنا تبرز أهمية مراكز الفكر والبحث الاستشرافي وما تقوم به قيادات أية دولة من لوبي. ونشير في هذا الصدد لثلاثة أمور: الأول، أن مملكة البحرين والخليج والمنطقة العربية والإسلامية تعيش الآن في مفترق طرق ولحظة حاسمة في مسيرتها المستقبلية وهذا يجعل الاهتمام بمراكز الدراسات والتفكير الاستراتيجي والاستشرافي مسألة رئيسة لتساعد صاحب القرار، والثاني، ان زيارة الرئيس ترامب للمنطقة تمثل علامة استراتيجية بارزة في علاقات أمريكا بالشرق الأوسط خصوصاً بالخليج وأمنه وما يتعرض له من تهديدات ذات خطورة بالغة وهو الذي تغير ثقله الدولي عن الماضي وهو ما سبق أن أطلقت عليه صعود الخليج في دراسة بدورية الدراسات الاستراتيجية عام 2007. بل إن دور النخب الشبابية والمفكرين والمرأة أصبح أكثر وضوحاً وأهمية عن ذي قبل. وهذا يحتاج لرؤى ودراسات استراتيجية، والثالث، ضرورة أن يستذكر المخطط الاستراتيجي وصانع القرار مصادر قوته وركائز حركته وإطار تحالفاته الإقليمية والدولية ومدى نجاعتها. وهنا دور مراكز الأبحاث والتفكير الاستشرافي من خارج الصندوق. فالقرآن الكريم يقول «فذكر إنما أنت مذكر* لست عليهم بمسيطر»، «سورة الغاشية: الآية 22،21»، ويقول الله تعالى «وذكِر فإِن الذِكرى تنفع المؤمِنِين»، «سورة الذاريات: الآية: 55»، فالباحث والمخطط الاستراتيجي عليه واجب التذكرة وصانع السياسة مسؤوليته اتخاذ القرار. ومن هنا نستذكر أنه في عام 2004 أنشأ مركز البحرين للدراسات والبحوث برنامجاً للدراسات الاستراتيجية الدولية وحوار الحضارات. وفي إطار ذلك البرنامج صدرت 6 كتب سنوية بعنوان «نظرة استراتيجية على مملكة البحرين والمنطقة العربية في إطار دولي»، كما صدرت دورية فصلية محكمة باللغتين العربية والإنجليزية بعنوان مجلة «دراسات استراتيجية Journal of Strategic Studies» أصدرت «19» عدداً، حيث خصصت بعض الأعداد لمحاور معينة ذات أهمية في حينه. بالإضافة للدراسات الأخرى أو التقارير ذات الأهمية الاستراتيجية للبحرين ودول الخليج العربي. ويهمني الإشارة لثلاث ملاحظات ذات الصلة بالأحداث الجارية وخاصة زيارة الرئيس ترامب والقمم الثلاث التي ستعقد خلال الزيارة في هذه الفترة القصيرة وارتباط ذلك بمراكز الأبحاث والتفكير. الأولى، أن الكتاب السنوي الأول المشار إليه تضمن عشرة فصول، التاسع بعنوان رئاسة البحرين للقمة العربية بين إدارة الأزمات وتفعيل العمل العربي المشترك. والعاشر بعنوان «نحو رؤية استراتيجية لمملكة البحرين»، وكان مؤلف هذه الكتب السنوية الدكتور محمد بن جاسم الغتم رئيس مجلس أمناء المركز والدكتور محمد نعمان جلال مستشار رئيس مجلس الأمناء المشرف على برنامج الدراسات الدولية الاستراتيجية وحوار الحضارات. الثانية، أن العدد الأول من مجلة الدراسات الاستراتيجية صدر في أبريل 2005، والتاسع عشر الأخير صدر في يونيه 2010. وكان البحث الأول في العدد الأول بعنوان «القوى السياسية وقضايا التغيير الديمقراطي في البحرين»، وكانت الدراسة في ضوء المشروع الإصلاحي الذي أطلقه حضرة صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسي آل خليفة، عاهل البلاد المفدى، حفظه الله ورعاه، وخصص العدد التاسع لوثائق استقلال البحرين. والحادي عشر خصص لمنتدى التعاون الصيني العربي حيث كان سيعقد اجتماعه الوزاري الرابع في البحرين.
وبالعدد مقال تحليلي للشيخ خالد بن أحمد بن محمد آل خليفة وزير الخارجية بصفته رئيس المؤتمر. وتضمن العدد موضوعاً بعنوان «الصين والخليج قوتان صاعدتان» وقد أثار ذلك اهتمامات وتساؤلات إذ تصور البعض أن البحث به مبالغة لأن صعود الصين آنذاك كان واضحاً أما صعود الخليج فلم يكن في عام 2007 بالوضوح الذي هو عليه الآن عام 2017. ولكن الباحث كان يقدم رؤية استشرافية وقام المركز بتوزيع نسخ الدورية على كافة الوفود المشاركة في المنتدى. والعدد السابع من الدورية تضمن محورين من المنظور الاستشرافي احدهما عن البيئة والثاني عن المصارف الإسلامية وعقد عدة مؤتمرات وأصدر المركز كتباً عن الموضوعين. وكانت الرؤية الاستراتيجية حاضرة لدى إدارة المركز والدورية بالنسبة للعمل ولاهتمامات البحرين دون تجاهل للقضايا العربية أو الدولية. الرابع عشر، تضمن دراسة هامة عن أمن الخليج للدكتور محمد بن جاسم الغتم بعنوان «إيران وأمن الخليج ما بين التصريحات والكتابات الإيرانية والواقع السياسي: تحليل مضمون»، وكان هذا المنهج العلمي هو السائد في كافة أنشطة المركز وتقديم الرؤية لصانع القرار بالخيارات ومزايا ومخاطر كل منها. الثالثة، أصدر المركز عددين بعنوان «التقرير الاستراتيجي البحريني» تناولا الأوضاع السياسية والاقتصادية والاجتماعية في البحرين وعلاقاتها بدوائر سياستها الخارجية وأولوياتها ومصالحها.
* خبير الدراسات الاستراتيجية الدولية
وبالعدد مقال تحليلي للشيخ خالد بن أحمد بن محمد آل خليفة وزير الخارجية بصفته رئيس المؤتمر. وتضمن العدد موضوعاً بعنوان «الصين والخليج قوتان صاعدتان» وقد أثار ذلك اهتمامات وتساؤلات إذ تصور البعض أن البحث به مبالغة لأن صعود الصين آنذاك كان واضحاً أما صعود الخليج فلم يكن في عام 2007 بالوضوح الذي هو عليه الآن عام 2017. ولكن الباحث كان يقدم رؤية استشرافية وقام المركز بتوزيع نسخ الدورية على كافة الوفود المشاركة في المنتدى. والعدد السابع من الدورية تضمن محورين من المنظور الاستشرافي احدهما عن البيئة والثاني عن المصارف الإسلامية وعقد عدة مؤتمرات وأصدر المركز كتباً عن الموضوعين. وكانت الرؤية الاستراتيجية حاضرة لدى إدارة المركز والدورية بالنسبة للعمل ولاهتمامات البحرين دون تجاهل للقضايا العربية أو الدولية. الرابع عشر، تضمن دراسة هامة عن أمن الخليج للدكتور محمد بن جاسم الغتم بعنوان «إيران وأمن الخليج ما بين التصريحات والكتابات الإيرانية والواقع السياسي: تحليل مضمون»، وكان هذا المنهج العلمي هو السائد في كافة أنشطة المركز وتقديم الرؤية لصانع القرار بالخيارات ومزايا ومخاطر كل منها. الثالثة، أصدر المركز عددين بعنوان «التقرير الاستراتيجي البحريني» تناولا الأوضاع السياسية والاقتصادية والاجتماعية في البحرين وعلاقاتها بدوائر سياستها الخارجية وأولوياتها ومصالحها.
* خبير الدراسات الاستراتيجية الدولية