اقرؤوا التصريحات في الصحف واحسبوا منذ بداية العام على الأقل، احسبوا كم مرة وردت كلمة «استراتيجية».
ستكتشفون أن كل قطاع في الدولة يقول بأن لديه «استراتيجية»، ومن يتحدثون باسم الدولة يكاد يستخدمون كلمة «استراتيجية» في أغلب التصريحات، حتى في الرياضة لدينا «استراتيجية»، ولدينا في اقتصادنا أخطر استراتيجية، ولا نستبعد إن سألت صاحب بقالة فإنه سيقول لك بأن لديه «استراتيجية»، ولربما الأخير هو الأصدق بشأن ذلك باعتبار أن استراتيجيته الموضوعة للبيع تؤتي أكلها من ناحية تحقيقه للأرباح.
المفارقة أنه في بلد الجميع يقول كلمة «استراتيجية» بلا استثناء، تجد أن المشاكل بدل أن تقل تأخذ في الازدياد، بدل أن تجد الميزان الاقتصادي يتجه تصاعدياً للأفضل تجد مؤشراته تتهاوى وتنذر بخطر، بل تجد مؤشرات محاربة الفساد وسياسة الإصلاح وتأهيل الكفاءات -وهي كلها موضوع لها استراتيجيات- تسير في طريق عكسي يفرض الاستغراب.
القصة ليست في التطريز الإعلامي لأي قطاع من خلال الإعلان عن وجود استراتيجية، بل القصة كلها تكمن في مدى إمكانية تحقيق هذه الاستراتيجية وتطبيقها، لا أن تظل حبراً على ورق.
السؤال هنا؛ كيف توضع استراتيجيات قطاعات الدولة، ومنها توضع الاستراتيجية العامة للدولة؟! رغم أن الأصح هو أن تبنى استراتيجيات القطاعات كلها من الاستراتيجية العامة للدولة!
قبل الإجابة على السؤال بشأن آلية وضع الاستراتيجيات، يحق لنا أن نتساءل أولاً: هل الدولة تملك -أصلاً- استراتيجية عامة؟! وإن كانت الإجابة بنعم، فهنا سنقول بأن أغلب الشعب البحريني لا يعرف بشأنها شيئاً، بل لا يعرف أنها موجودة، وهذا يعني وجود خلل كبير في إعلان هذه الاستراتيجية والكشف عن تفاصيلها الدقيقة، وهنا نسأل؛ من نلوم؟!
في شأن وضع الاستراتيجيات، ومن واقع خبرة عشناها خلال عملنا في مؤسسات الدولة وما نقف عليه، فإن واضعي الاستراتيجيات نادراً ما يكونون من الطاقات البحرينية أو من موظفي القطاع نفسه، إذ تعودنا على جلب شركات استشارية وخبراء أجانب أول ما يفعلون هو ضمان استلام الدفعة الأولى من المبلغ الضخم الذي يطلب، ونعم، هو مبلغ ضخم، فهنا نتحدث عن استراتيجية هي إطار عمل ويفترض أن يكون ثابتاً ويدوم.
بعض هذه الشركات تأخذ وقتها أولاً بعد استلام مبلغها الأولي فيما تسميه «دراسة وضعية القطاع المعني» بحيث تطلع على كل صغيرة وكبيرة، وفي النهاية تقوم بعضها بورش عمل تشرك فيها الموظفين وتبني الاستراتيجية التي ستقدمها في النهاية بناء على ما يخرج منهم من إجابات واجتهادات، أي أنها عملية «نصب محترمة»، نأخذ أفكارك ونتعرف على معاناتك في قطاع عملك، ثم نصيغ ما تقترحه من حلول بطريقتنا في النهاية نقدمها على أنها «خدمة» من «بيت الخبرة الاستشاري» الذي سيأخذ «الشيك» السمين الأخير، ثم يترك لكم الاستراتيجية المكتوبة على ورق.
طيب، سلمنا بالأمر، قبلنا بما هو مكتوب، ألا يحتاج ذلك خطوة أكثر أهمية معنية بكيفية تطبيق الاستراتيجية؟! ألا يحتاج لطاقات وأشخاص مؤهلين لتحويلها إلى واقع، بدلاً من أن تكون على هيئة كتيب نرفعه عالياً بالأيادي حينما يتم سؤالنا إن كنا نمتلك «استراتيجية» أو لدينا «رؤية» عامة للقطاع؟!
مشكلتنا أننا نؤمن دائماً بالتنظير، وإن كان أجنبياً فـ»أنعم وأكرم»، تستهوينا «البرزنتيشنات» وحبذا لو كانت ملونة وفيها حركات بالفيديو والمؤثرات، لكن حينما نأتي للواقع العملي نفشل فشلاً ذريعاً، ومن الأسباب أن الأدوات التي عليها التطبيق لا تملك القدرة على ذلك.
بدلاً من استراتيجيات لا حصر لها هي في حالها اليوم «ديكور» لا أكثر، يكفي هذا البلد رؤية عامة تحدد بنقاط بسيطة في عددها، لكنها مؤثرة إن طبقت على الأرض، نحتاج لرؤية تغير من واقع البشر أولاً حتى يتمكنوا بعدها من تغيير واقع المجتمع.
ستكتشفون أن كل قطاع في الدولة يقول بأن لديه «استراتيجية»، ومن يتحدثون باسم الدولة يكاد يستخدمون كلمة «استراتيجية» في أغلب التصريحات، حتى في الرياضة لدينا «استراتيجية»، ولدينا في اقتصادنا أخطر استراتيجية، ولا نستبعد إن سألت صاحب بقالة فإنه سيقول لك بأن لديه «استراتيجية»، ولربما الأخير هو الأصدق بشأن ذلك باعتبار أن استراتيجيته الموضوعة للبيع تؤتي أكلها من ناحية تحقيقه للأرباح.
المفارقة أنه في بلد الجميع يقول كلمة «استراتيجية» بلا استثناء، تجد أن المشاكل بدل أن تقل تأخذ في الازدياد، بدل أن تجد الميزان الاقتصادي يتجه تصاعدياً للأفضل تجد مؤشراته تتهاوى وتنذر بخطر، بل تجد مؤشرات محاربة الفساد وسياسة الإصلاح وتأهيل الكفاءات -وهي كلها موضوع لها استراتيجيات- تسير في طريق عكسي يفرض الاستغراب.
القصة ليست في التطريز الإعلامي لأي قطاع من خلال الإعلان عن وجود استراتيجية، بل القصة كلها تكمن في مدى إمكانية تحقيق هذه الاستراتيجية وتطبيقها، لا أن تظل حبراً على ورق.
السؤال هنا؛ كيف توضع استراتيجيات قطاعات الدولة، ومنها توضع الاستراتيجية العامة للدولة؟! رغم أن الأصح هو أن تبنى استراتيجيات القطاعات كلها من الاستراتيجية العامة للدولة!
قبل الإجابة على السؤال بشأن آلية وضع الاستراتيجيات، يحق لنا أن نتساءل أولاً: هل الدولة تملك -أصلاً- استراتيجية عامة؟! وإن كانت الإجابة بنعم، فهنا سنقول بأن أغلب الشعب البحريني لا يعرف بشأنها شيئاً، بل لا يعرف أنها موجودة، وهذا يعني وجود خلل كبير في إعلان هذه الاستراتيجية والكشف عن تفاصيلها الدقيقة، وهنا نسأل؛ من نلوم؟!
في شأن وضع الاستراتيجيات، ومن واقع خبرة عشناها خلال عملنا في مؤسسات الدولة وما نقف عليه، فإن واضعي الاستراتيجيات نادراً ما يكونون من الطاقات البحرينية أو من موظفي القطاع نفسه، إذ تعودنا على جلب شركات استشارية وخبراء أجانب أول ما يفعلون هو ضمان استلام الدفعة الأولى من المبلغ الضخم الذي يطلب، ونعم، هو مبلغ ضخم، فهنا نتحدث عن استراتيجية هي إطار عمل ويفترض أن يكون ثابتاً ويدوم.
بعض هذه الشركات تأخذ وقتها أولاً بعد استلام مبلغها الأولي فيما تسميه «دراسة وضعية القطاع المعني» بحيث تطلع على كل صغيرة وكبيرة، وفي النهاية تقوم بعضها بورش عمل تشرك فيها الموظفين وتبني الاستراتيجية التي ستقدمها في النهاية بناء على ما يخرج منهم من إجابات واجتهادات، أي أنها عملية «نصب محترمة»، نأخذ أفكارك ونتعرف على معاناتك في قطاع عملك، ثم نصيغ ما تقترحه من حلول بطريقتنا في النهاية نقدمها على أنها «خدمة» من «بيت الخبرة الاستشاري» الذي سيأخذ «الشيك» السمين الأخير، ثم يترك لكم الاستراتيجية المكتوبة على ورق.
طيب، سلمنا بالأمر، قبلنا بما هو مكتوب، ألا يحتاج ذلك خطوة أكثر أهمية معنية بكيفية تطبيق الاستراتيجية؟! ألا يحتاج لطاقات وأشخاص مؤهلين لتحويلها إلى واقع، بدلاً من أن تكون على هيئة كتيب نرفعه عالياً بالأيادي حينما يتم سؤالنا إن كنا نمتلك «استراتيجية» أو لدينا «رؤية» عامة للقطاع؟!
مشكلتنا أننا نؤمن دائماً بالتنظير، وإن كان أجنبياً فـ»أنعم وأكرم»، تستهوينا «البرزنتيشنات» وحبذا لو كانت ملونة وفيها حركات بالفيديو والمؤثرات، لكن حينما نأتي للواقع العملي نفشل فشلاً ذريعاً، ومن الأسباب أن الأدوات التي عليها التطبيق لا تملك القدرة على ذلك.
بدلاً من استراتيجيات لا حصر لها هي في حالها اليوم «ديكور» لا أكثر، يكفي هذا البلد رؤية عامة تحدد بنقاط بسيطة في عددها، لكنها مؤثرة إن طبقت على الأرض، نحتاج لرؤية تغير من واقع البشر أولاً حتى يتمكنوا بعدها من تغيير واقع المجتمع.