كانوا يتشوقون في لحظات حياتهم الأولى إلى تلك الأصوات الطفولية البريئة التي تملأ حياتهم حباً وعطفاً وحناناً وسعادة، ويحلمون بأنامل الطفولة وهي تمسح رؤوسهم، وتتفنن في اللعب معهم.. كانوا يشاهدون مناظر الحب في حياة آبائهم، والتجربة الأسرية الرائعة التي عاشوا في كنفها، فأصبحوا متشوقين إلى بناء أسرة جديدة.. وإلى أبناء يمطرون حياتهم بالحب والحنان..ثم تحول الحلم إلى حقيقة، وباتوا يحسون رويداً رويداً بحجم تلك التضحيات والمسؤوليات التي حملها الآباء والأمهات على عاتقهم في مسيرة تربية الأجيال.. أضحوا اليوم يخطون بعرق جبينهم أروع كلمات المحبة، ويعدون العدة لبناء جيل صالح سوي يعشق الخير ويرتمي في أحضانه.. باتوا يفكرون ألف مرة قبل كل خطوة يقبلون عليها في حياتهم من أجل أن يوفروا الحياة الرغيدة لفلذات الأكباد..اليوم باتوا يكتبون عبارات النصح والإرشاد لأبنائهم حتى لا ينجرفوا وراء تيارات المدنية والانفتاح وباتوا من خلالها لقمة سهلة في أفواه المتربصين..يا ولدي لا تبتعد قيد أنملة عن أذرع من كانوا سبباً في وجودك على أرض الحياة، فكن باراً بهم وارحم ضعفهم وجازهم بإحسانهم إحساناً وكرماً..يا ولدي كنت ومازلت القلب النابض الذي يعيشون به، فلا تفكر لحظة واحدة بأنهم سيبتعدون عنك، وإن قست عليهم الحياة..يا ولدي كن رحيماً عطوفاً بإخوانك الذين خرجوا من نفس الرحم التي خرجت منها، وهم في الغد سيرتحلون إلى أسرهم الجديدة، وسيبتعدون عن بيت آواهم واحتضن أحلامهم وذكرياتهم..يا ولدي إياك ثم إياك أن تغرك الدنيا ببهرجتها ومفاتنها، فهي تسحبك إلى وادي النسيان، وترديك عرضة لأنياب الشيطان، فالزم الاستظلال بسحائب الرحمن، واحفظ نفسك بالصلاة والذكر وقراءة القرآن..يا ولدي صاحب رفقاء الخير والصلاح والهداية، واشغل نفسك معهم في كل خير ينمي من إيمانك بالمولى الكريم.. واحذر من رفقاء السوء والغواية، فهم من سيبعدون خطواتك إلى الجنان..يا ولدي كن سباقاً ومسارعاً في الخيرات، وبادر إلى جنة عرضها السموات والأرض أعدت للمتقين.. ولا تفتر لحظة واحدة عن ميدان الخير.. فإنما اللحظات الغاليات إذا مرت ستندم عليها طيلة حياتك.. ولا تربط عمل الخير بدنانير الدنيا الفانية..يا ولدي لا تغرق في أوهام العالم الإلكتروني الافتراضي.. فإنك ستكون من خلاله مجرد ألعوبة ضاحكة تتقاذفك أيادي الشهوات..إشراقة:لأننا نحبك يا ولدي.. فلن تفتر نظراتنا الحانية إليك لحظة واحدة.. حفظك المولى ورعاك وجعلك من دعاته المخلصين.