نواصل في الجزء الثالث من المقال حديثنا عن مصطلحي مبلغ التأمين ومبلغ التعويض في عقد التأمين، وتأييداً لما سبق فإننا نورد الاختلافات التالية بين مبلغ التأمين ومبلغ التعويض في مجال التأمين من الأضرار:

‌أ- أ - إنهما يختلفان من حيث زمان تحديد المبلغين.

إن مبلغ التأمين يتم تحديده في معظم الحالات عند إبرام العقد فهو بالتالي يكون معروفاً ومحدداً قبل وقوع الخطر وتحقق التزام المؤمن. أما مبلغ التعويض «أداء المؤمن» فلا يحدد ابتداءً، بل لا بد لتحديده من معرفة قيمة الضرر بعد تحقق التزام المؤمن لأن مبلغ التعويض يجب أن يساوي الضرر الحاصل فقط ولا يتجاوز الأقل من بين مبلغ التأمين أو قيمة الشيء المؤمن عليه.

‌ب- ب - إنهما يختلفان من حيث مقدار كل من المبلغين.

ليس بالضرورة أن يتساوى مبلغ التأمين مع مبلغ التعويض فقد يكون الأول أكبر من الثاني، كما لو كان مبلغ التأمين 20000 دينار ويتسبب وقوع الخطر بضرر مقداره 5000 دينار، وفي هذه الحالة فإن مبلغ التعويض سيكون مساوياً للضرر الحاصل فقط. وبالتالي لن يكونا متساويين.

جـــ - من حيث الأساس الذي يتم بناء عليه تقدير كل منهما.

مبلغ التأمين يتم تحديده أصلاً بالاتفاق بين الطرفين أو على الأدق من قبل المؤمن له وموافقة المؤمن. ويحدد برقم ثابت لا يتغير، ما لم يتفق الطرفان على عدم تحديده، كأن يتفقا على أن يكون مساوياً لقيمة الضرر عند وقوعه، وفي هذه الحالة يكون مبلغ التعويض كما في التأمين على الأشخاص مساوياً لمبلغ التأمين. وهذا التأمين يسمى بالتأمين غير المحدد أو غير المحدود. أما مبلغ التعويض فيحدد بناء على اعتبارات متعددة هي: الضرر «الخسارة»، ومبلغ التأمين وقيمة الشيء المؤمن عليه.

د - من حيث الارتباط بين وجود كل منهما.

لا يختلف المبلغان من حيث إنهما لا يتعاصران دائماً فقط، بل من المـُتَـصَـوَّر وجود أحدهما دون وجود الآخر.

فقد يتفق الطرفان على مبلغ التأمين عند إبرام العقد، وتمر مدة العقد كاملة دون وقوع الخطر أو قد يقع الخطر ولا يقع ضرر، وفي هاتين الحالتين لن يلتزم المؤمن بأي تعويض. وبالتالي يكون مبلغ التأمين موجوداً بينما مبلغ التعويض غير موجود.

والعكس قد يحصل أيضاً، فقد لا يتفق الطرفان على مبلغ التأمين، ثم يتحقق الخطر ويقع ضرر ومن ثم يصبح المؤمن ملزماً بالتعويض. وفي هذه الحالة يكون مبلغ التعويض موجوداً بينما لا يكون مبلغ التأمين موجوداً. وهذا دليل على أنهما مختلفان، ولو كانا شيئاً واحداً لما وجد أحدهما دون الآخر.

وتجدر الإشارة في هذا الصدد إلى أن المشرع البحريني وقع في هذا الخلط بين المبلغين في بعض مواد القانون المدني، ومنها م 712 التي تنص على أن «يلتزم المؤمن عند تحقق الخطر المؤمن منه أو عند حلول الأجل المحدد في العقد، بأداء مبلغ التأمين....».

* أستاذ القانون الخاص المساعد - كلية الحقوق - جامعة البحرين