بحلول ذكرى هذه المناسبة بالغة الأهمية ليس فقط في تاريخ البحرين بل في منطقة الخليج والعالم العربي ككل. هل في قولنا هذا أية مبالغة؟ نقول كلا وألف كلا. لقد أطلق حضرة صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة، عاهل البلاد المفدى، حفظه الله ورعاه، مبادرة الإصلاح الدستوري والسياسي والاقتصادي والاجتماعي، ولم يكن العالم العربي، ولا مجلس التعاون قد بادر بمثل هذا البرنامج بإصدار دستور جديد يتلاءم مع المتغيرات العالمية منذ توليه السلطة بعد انتقال الأمير الراحل المغفور له بإذن الله تعالى، صاحب السمو الشيخ عيسى بن سلمان آل خليفة طيب الله ثراه، ورحمه الله إلى الرفيق الأعلى.
واتسم برنامج الإصلاح هذا بثلاث سمات مهمة، أولها، المبادرة، وثانياً، التجاوب مع متطلبات التغيرات العالمية، وثالثها، الطابع السلمي. وبهذا فقد حفظ برنامج الإصلاح البحرين من الاندفاعات التي جاءت بعد مرحلة ما يسمى بـ»الربيع العربي» الذي انطلق عام 2011. وحقيقة الأمر أنه لم يكن ربيعاً بل خريفاً وشتاء قارصاً فالدول التي تأخرت عن القيام بمثل مبادرة الملك حمد بن عيسى أصبحت تعاني من الإرهاب وإراقة الدماء والتبعية للخارج بل لاتزال بعضها أو معظمها تعاني وليس لبعضها من مخرج واضح لمأساتها. والقيادات والشعوب التي أعلنت تبعيتها للخارج تعاني نخبها بوجه خاص من فقدان سيادتها الكاملة ومن انعدام تحقيق التقدم الاقتصادي والاستقرار السياسي والاجتماعي.
وقد تم استكمال البرنامج الإصلاحي لجلالة الملك بالمبادرة الكريمة المتمثلة في رؤية البحرين 2030 التي عبرت عن الوعي السياسي والاقتصادي بالمتغيرات الدولية وبمدى احتياجات الشعب والدولة وبخاصة رفعها مبادئ الاهتمام بالتعليم وخاصة الفني والتكنولوجي وبمبدأ التنافسية وبالبنية الأساسية وبالمواطن وباحتياجاته ورفاهيته.
وليس المجال في مقال موجز الدخول في تفاصيل الفكر الإصلاحي أو رؤية 2030 وإنما يهمنا الإشارة لبعض نتائجها وسماتها في النقاط التالية:
الأولى، تحقيق مبدأ سيادة الشعب وأولوية المبادئ السياسية في ميثاق العمل الوطني ثم الدستور الذي أطلق عام 2002 وتحولت بمقتضاه البحرين من إمارة إلى دولة ملكية مرجعها الدستور وما تضمنه من حقوق وواجبات وآليات تمثلت في مجلسي النواب والشورى وهذه الفلسفة المهمة والآليات الفاعلة حققت الاستقرار والتقدم فأصبحت البحرين في مقدمة الدول ذات التنمية البشرية العالية كما جاء في تقارير التنمية البشرية الصادرة عن الأمم المتحدة.
الثانية، تحقيق الاستقرار السياسي ومن ثم التمكن من تطوير البنية الأساسية، ولا نقول إن الاستقرار كان كاملاً وإنما كان راسخاً ومن خرج على تلك المبادئ إعمالاً لفكر من خارج الوطن أو تقليداً لما حدث في دول أخرى، تختلف ظروفها وسياساتها وقياداتها عن فكر مملكة البحرين وقيادتها الرشيدة والمبادرة، أصبح هؤلاء يندمون على تصرفاتهم وتهوراتهم واستنساخهم تجارب دول مختلفة عن البحرين وشعبها وتاريخها وفكر قيادتها الإصلاحي في مختلف المجالات.
الثالثة، اتجاه البحرين لتعزيز التنافسية إعمالاً للمبدأ العالمي الاقتصادي الرئيس بأن التنافس هو أساس الحياة والتقدم بل إعمالاً للفكر الإسلامي الصحيح بقول الله تعالى «وتعانوا على البر والتقوى ولا تعاونوا على الإثم والعدوان»، وهذا هو التنافس الصحيح الذي وضعت البحرين أسسه الفكرية ومبادئه العملية فشكراً للقيادة الرشيدة، لحضرة صاحب الجلالة عاهل البلاد المفدى، ولصاحب السمو الملكي رئيس الوزراء، ولصاحب السمو الملكي ولي العهد، وهي قيادة رشيدة وتعمل بتناغم وتفاهم وإنجاز مبني على مبدأ التكامل والتشاور، إعمالاً لما جاء في الإسلام، بقول الرسول، المؤيد بالقرآن الكريم وهو مبدأ الشورى وأمر الله للنبي محمد عليه الصلاة والسلام «وشاورهم في الأمر»، وقوله «وأمرهم شورى بينهم»، وهذا أبلغ رد على الانحرافات التي سادت في منطقة الشرق الأوسط والمنطقة العربية بوجه خاص عندما استبد بعض ذوي السلطان بشعوبهم ورفضوا التطور التدريجي وأصروا على تدمير أوطانهم وشعوبهم ورهنها للتبعية لدول إقليمية أو لقوى دولية وعالمية.
الرابعة، الاهتمام بأهم أركان الدولة وهي قوة دفاع البحرين والشرطة والعدالة، وهي الأركان الأساسية الثلاثة لأية دولة عصرية.
الخامسة، النظر للمستقبل والتحرك نحوه بأسلوب تدريجي واضح الدلالة ولعل إنشاء مؤسسات مثل ديوان المظالم المشهور في التاريخ الحضاري الإسلامي وإعطاء المرأة حقوقها وتسلمها مناصب وزارية ومناصب عليا في جامعة البحرين وفي وزارة الخارجية وفي سفارات المملكة في الخارج، والقضاء، ومجلسي النواب والشورى، وإنشاء المجلس الأعلى للمرأة، وغيره من المؤسسات المهمة، وكانت البحرين سباقة في هذا الصدد عن دول كثيرة في المنطقة، والاهتمام بكافة قضايا حقوق الإنسان في إطار يعبر عن الخصوصية الوطنية والإقليمية والثقافية والظروف التاريخية والاقتصادية والبيئة الجيواستراتيجية، إنها ليست حقوق في الهواء وإنما هي حقوق تأخذ بمبدأ الواقعية والعقلانية والالتزام بالدستور وبمرحلة التطور التاريخي والسياسي والثقافي.
باختصار تلك ركائز النظام السياسي البحريني في ظل وثيقتين مهمتين، هما ميثاق العمل الوطني، والدستور الملكي، ناهيك عن أهم مبادئ جاءت في السياسة الإسلامية بموجب القرآن الكريم في الشورى وفي البر والتقوى، وليس في اجتهادات بعض الفقهاء التي ربما تتماشى مع ظروفهم التاريخية والسياسية وخصائص دولهم، لأنه لا اجتهاد سليماً مع النص الواضح الصريح في القرآن الكريم وفي الأحاديث الصحيحة للرسول الكريم.
ومن هنا نقول تحية للقيادة الرشيدة بقيادة حضرة صاحب الجلالة لهذه المبادرة في ذكرى صدور الميثاق وشكراً لكل من يستحقه وفي المقدمة حضرة صاحب الجلالة وأبناء الوطن الأبرار الأحرار الذين يعملون بصدق من أجل استقرار الوطن وتقدمه في المجالات التنموية العديدة في ظل مبادئ السياسة الرشيدة بحب الوطن والمواطنة والهوية الوطنية والعربية والإسلامية والإنسانية والتي جاءت ركائزها في ميثاق العمل الوطني والدستور.
* مستشار سياسي وخبير الدراسات الاستراتيجية
واتسم برنامج الإصلاح هذا بثلاث سمات مهمة، أولها، المبادرة، وثانياً، التجاوب مع متطلبات التغيرات العالمية، وثالثها، الطابع السلمي. وبهذا فقد حفظ برنامج الإصلاح البحرين من الاندفاعات التي جاءت بعد مرحلة ما يسمى بـ»الربيع العربي» الذي انطلق عام 2011. وحقيقة الأمر أنه لم يكن ربيعاً بل خريفاً وشتاء قارصاً فالدول التي تأخرت عن القيام بمثل مبادرة الملك حمد بن عيسى أصبحت تعاني من الإرهاب وإراقة الدماء والتبعية للخارج بل لاتزال بعضها أو معظمها تعاني وليس لبعضها من مخرج واضح لمأساتها. والقيادات والشعوب التي أعلنت تبعيتها للخارج تعاني نخبها بوجه خاص من فقدان سيادتها الكاملة ومن انعدام تحقيق التقدم الاقتصادي والاستقرار السياسي والاجتماعي.
وقد تم استكمال البرنامج الإصلاحي لجلالة الملك بالمبادرة الكريمة المتمثلة في رؤية البحرين 2030 التي عبرت عن الوعي السياسي والاقتصادي بالمتغيرات الدولية وبمدى احتياجات الشعب والدولة وبخاصة رفعها مبادئ الاهتمام بالتعليم وخاصة الفني والتكنولوجي وبمبدأ التنافسية وبالبنية الأساسية وبالمواطن وباحتياجاته ورفاهيته.
وليس المجال في مقال موجز الدخول في تفاصيل الفكر الإصلاحي أو رؤية 2030 وإنما يهمنا الإشارة لبعض نتائجها وسماتها في النقاط التالية:
الأولى، تحقيق مبدأ سيادة الشعب وأولوية المبادئ السياسية في ميثاق العمل الوطني ثم الدستور الذي أطلق عام 2002 وتحولت بمقتضاه البحرين من إمارة إلى دولة ملكية مرجعها الدستور وما تضمنه من حقوق وواجبات وآليات تمثلت في مجلسي النواب والشورى وهذه الفلسفة المهمة والآليات الفاعلة حققت الاستقرار والتقدم فأصبحت البحرين في مقدمة الدول ذات التنمية البشرية العالية كما جاء في تقارير التنمية البشرية الصادرة عن الأمم المتحدة.
الثانية، تحقيق الاستقرار السياسي ومن ثم التمكن من تطوير البنية الأساسية، ولا نقول إن الاستقرار كان كاملاً وإنما كان راسخاً ومن خرج على تلك المبادئ إعمالاً لفكر من خارج الوطن أو تقليداً لما حدث في دول أخرى، تختلف ظروفها وسياساتها وقياداتها عن فكر مملكة البحرين وقيادتها الرشيدة والمبادرة، أصبح هؤلاء يندمون على تصرفاتهم وتهوراتهم واستنساخهم تجارب دول مختلفة عن البحرين وشعبها وتاريخها وفكر قيادتها الإصلاحي في مختلف المجالات.
الثالثة، اتجاه البحرين لتعزيز التنافسية إعمالاً للمبدأ العالمي الاقتصادي الرئيس بأن التنافس هو أساس الحياة والتقدم بل إعمالاً للفكر الإسلامي الصحيح بقول الله تعالى «وتعانوا على البر والتقوى ولا تعاونوا على الإثم والعدوان»، وهذا هو التنافس الصحيح الذي وضعت البحرين أسسه الفكرية ومبادئه العملية فشكراً للقيادة الرشيدة، لحضرة صاحب الجلالة عاهل البلاد المفدى، ولصاحب السمو الملكي رئيس الوزراء، ولصاحب السمو الملكي ولي العهد، وهي قيادة رشيدة وتعمل بتناغم وتفاهم وإنجاز مبني على مبدأ التكامل والتشاور، إعمالاً لما جاء في الإسلام، بقول الرسول، المؤيد بالقرآن الكريم وهو مبدأ الشورى وأمر الله للنبي محمد عليه الصلاة والسلام «وشاورهم في الأمر»، وقوله «وأمرهم شورى بينهم»، وهذا أبلغ رد على الانحرافات التي سادت في منطقة الشرق الأوسط والمنطقة العربية بوجه خاص عندما استبد بعض ذوي السلطان بشعوبهم ورفضوا التطور التدريجي وأصروا على تدمير أوطانهم وشعوبهم ورهنها للتبعية لدول إقليمية أو لقوى دولية وعالمية.
الرابعة، الاهتمام بأهم أركان الدولة وهي قوة دفاع البحرين والشرطة والعدالة، وهي الأركان الأساسية الثلاثة لأية دولة عصرية.
الخامسة، النظر للمستقبل والتحرك نحوه بأسلوب تدريجي واضح الدلالة ولعل إنشاء مؤسسات مثل ديوان المظالم المشهور في التاريخ الحضاري الإسلامي وإعطاء المرأة حقوقها وتسلمها مناصب وزارية ومناصب عليا في جامعة البحرين وفي وزارة الخارجية وفي سفارات المملكة في الخارج، والقضاء، ومجلسي النواب والشورى، وإنشاء المجلس الأعلى للمرأة، وغيره من المؤسسات المهمة، وكانت البحرين سباقة في هذا الصدد عن دول كثيرة في المنطقة، والاهتمام بكافة قضايا حقوق الإنسان في إطار يعبر عن الخصوصية الوطنية والإقليمية والثقافية والظروف التاريخية والاقتصادية والبيئة الجيواستراتيجية، إنها ليست حقوق في الهواء وإنما هي حقوق تأخذ بمبدأ الواقعية والعقلانية والالتزام بالدستور وبمرحلة التطور التاريخي والسياسي والثقافي.
باختصار تلك ركائز النظام السياسي البحريني في ظل وثيقتين مهمتين، هما ميثاق العمل الوطني، والدستور الملكي، ناهيك عن أهم مبادئ جاءت في السياسة الإسلامية بموجب القرآن الكريم في الشورى وفي البر والتقوى، وليس في اجتهادات بعض الفقهاء التي ربما تتماشى مع ظروفهم التاريخية والسياسية وخصائص دولهم، لأنه لا اجتهاد سليماً مع النص الواضح الصريح في القرآن الكريم وفي الأحاديث الصحيحة للرسول الكريم.
ومن هنا نقول تحية للقيادة الرشيدة بقيادة حضرة صاحب الجلالة لهذه المبادرة في ذكرى صدور الميثاق وشكراً لكل من يستحقه وفي المقدمة حضرة صاحب الجلالة وأبناء الوطن الأبرار الأحرار الذين يعملون بصدق من أجل استقرار الوطن وتقدمه في المجالات التنموية العديدة في ظل مبادئ السياسة الرشيدة بحب الوطن والمواطنة والهوية الوطنية والعربية والإسلامية والإنسانية والتي جاءت ركائزها في ميثاق العمل الوطني والدستور.
* مستشار سياسي وخبير الدراسات الاستراتيجية