قلب الرئيس الأمريكي دونالد ترامب الطاولة على الجميع بعد إعلانه الانسحاب من الاتفاق النووي الإيراني الذي وقعته الدول الكبرى «5 + 1»‘ «أمريكا، وروسيا، والصين، وبريطانيا، وفرنسا، إضافة إلى ألمانيا»، مع إيران في يوليو 2015، ولم يكتفِ ترامب بذلك فقط بل أعاد فرض عقوبات قاسية على طهران، الأمر الذي أثار انزعاج الدول الأوروبية وقبلها إيران، كون شركاء الاتفاق لم يتوقعوا أن يقدم ترامب على تلك الخطوة الجريئة غير المسبوقة، وكأنهم كان يعتبرون تهديداته بتمزيق الاتفاق النووي مجرد تصريحات إعلامية من أجل زيادة الضغوط على إيران.
لا شك في أن قرار انسحاب ترامب من الاتفاق النووى سيؤدي بطبيعة الحال إلى سلسلة من النتائج السلبية السيئة على إيران، لعل أبرزها على الجانب الاقتصادي، حيث إن القرار سيشل حركة البنك المركزي الإيرانى، إضافة إلى قضية حظر التعامل مع الشركات التابعة للحرس الثوري الإيراني، وإدارج الشركات التي تتعامل مع إيران على قائمة العقوبات. وبعد ساعات من انسحاب ترامب من الاتفاق النووي الإيراني، أعلنت الولايات المتحدة فرض عقوبات على شبكة تمويل للحرس الثوري الإيراني، عملت على تحويل ملايين الدولارات من العملات الأجنبية بين الإمارات العربية المتحدة وإيران. وقد شملت تلك العقوبات كيانات وأفراداً، كانوا في إطار «شبكة واسعة لتبادل العملات الأجنبية حولت ملايين الدولارات إلى فيلق القدس التابع للحرس الثوري الإيراني، وكانت الأموال تستخدم لتمويل «الأنشطة الخبيثة» لفيلق القدس و«الجماعات الإقليمية المستخدمة بالوكالة»، وفقاً لبيان واشنطن.
ولا يتوقف الأمر عند الحظر فقط بل يمتد إلى العملة الإيرانية، حيث من المتوقع أن تواصل العملة الإيرانية تدهورها مع اقترابها من 8 آلاف وحدة «تومان» مقابل الدولار في السوق الموازية، بينما يعادل الدولار نحو 4200 «تومان» في السوق الرسمية. لذلك يرى مراقبون ومحللون أن إدارة الرئيس الإيراني حسن روحاني لديها مصلحة في إنقاذ ما تبقى من الاتفاق عبر إجراء مباحثات مع أوروبا والروس والصين وبالتالي محاولة ضبط التصعيد في سوريا قدر الإمكان وعدم المضي بعيداً في ردها، لأنها تواجه سلفاً تحديات سياسية واقتصادية في الداخل، ومن ثم فهي تحاول أن تنقذ اقتصادها لاسيما بعدما فرضت طهران مؤخراً قيوداً على التحويلات المالية إلى الاتحاد الأوروبي في محاولة لاحتواء التراجع الكبير في سعر صرف العملة، الأمر الذي تسبب بمشاكل كبيرة للجهات المستوردة. كما أن انسحاب ترامب من الاتفاق يعيد العقوبات الدولية على قطاع النفط، وبالتالي فإن إيران ستكون محرومة من حصتها السوقية النفطية في الأسواق العالمية ولن تستطيع بيع النفط بالطرق الرسمية ومن ثم وستضطر إلى العودة إلى طريق التجارة في النفط قبل توقيع الاتفاق بأن تبيع النفط بالآجل وبأسعار أقل من السعر العالمية «السوق السوداء» إلى دول مثل الهند والصين، الأمر الذي يكبد الاقتصاد الإيراني خسائر فادحة. وبعد فرض العقوبات الأمريكية على إيران لن تتردد واشنطن في تجميد الأصول ورؤس الأموال الإيرانية في البنوك الأمريكية.
من ناحية أخرى، فإن العقوبات الأمريكية على إيران سوف تخلف عواقب اقتصادية كبيرة على الأوروبيين الموقعين على الاتفاق النووي، خاصة وأن الشركات الأوروبية لن تتمكن من الاستثمار في إيران نتيجة العقوبات الأمريكية، وهذا ما يفسر تحرك الدول الأوروبية للإبقاء على الاتفاق النووي من أجل الحفاظ على مصالحها في إيران.
ولا يمكن تجاهل تصريح مستشار الأمن القومي في البيت الأبيض جون بولتون الذي شدد فيه على أن «فرض عقوبات أمريكية على الشركات الأوروبية التي تتعامل مع إيران بعد انسحاب أمريكا من الاتفاق النووي محتمل»، مضيفاً أن «هذا أمر محتمل، يتوقف على سلوك الحكومات الأخرى».
لذلك، بدأ وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف السبت جولة دبلوماسية في محاولة لإنقاذ الاتفاق النووي بعد مخاوف دولية أثارها التصعيد العسكري بين إيران وإسرائيل على الساحة السورية، حيث يزور بكين وموسكو وبروكسل مقر الاتحاد الأوروبي لإجراء محادثات حول الاتفاق النووي، في حين تحاول الدول الأخرى التي وقعته، وهي بريطانيا والصين وفرنسا وروسيا وألمانيا، الحفاظ عليه.
ومن هذا المنطلق، فإن الوضع الاقتصادي الإيراني الداخلي، إضافة إلى التطورات السياسية الخارجية الأخيرة، والتصعيد المتبادل بين تل أبيب وطهران في سوريا، ودعم إيران للمتمردين في اليمن، يضع الحكومة الإيرانية أمام خيارات محدودة، فإما أنها ستواصل برامجها النووية العسكرية في تصعيد سوف يكون كمن يقفز في الهواء أو يطلق النيران على قدميه، أو أن طهران ستقدم تنازلات وستخوض مفاوضات من أجل اتفاق نووي جديد يكبلها ويمنع امتلاكها للسلاح النووي وفق شروط لا بد وأن تكون خاضعة لموافقة أمريكا قبل شركاء الاتفاق، في حين أن هناك خلافات وانقسامات داخل البيت الإيراني، ما بين المحافظين المتشددين خاصة المرشد الإيراني علي خامنئي، الذين يرفضون الاتفاق جملة وتفصيلاً، وما بين الإصلاحيين البراغماتيين بقيادة روحاني ووزير خارجيته ظريف الذين يحاولون الحفاظ على الاتفاق من أجل الخروج بالاقتصاد الإيراني من عنق الزجاجة.
لكن يبدو أن إيران تختار طريق الدبلوماسية وهذا يبدو من الجولة المكوكية التي يقوم بها وزير الخارجية الإيراني مؤخراً من أجل المحافظة على الاتفاق.
ولا يمكن تجاهل أن الاتفاق النووي يشتمل على عدد من البنود منها الرفع التدريجي والمشروط للعقوبات مقابل ضمانات من طهران بعدم حيازة السلاح النووي، وبموجب الاتفاق وافقت إيران على خفض عدد أجهزة الطرد المركزي المستخدمة لتخصيب اليورانيوم، وتعهدت عدم تجاوز هذا العدد لمدة 10 سنوات، كما وافقت على تحويل مفاعل آراك الذي يعمل بالماء الثقيل كي لا يتمكن من إنتاج البلوتونيوم الذي يمكن استخدامه لأغراض عسكرية، وذلك تحت إشراف الأمم المتحدة من خلال تكليف الوكالة الدولية للطاقة الذرية القيام بانتظام بتفتيش المواقع النووية الإيرانية، وتم توسيع صلاحيات مفتشيها حيث يمكنهم أن يفحصوا على مدى 20 عاماً مقبلة إنتاج أجهزة الطرد المركزي.
* وقفة:
تبدو الخيارات محدودة أمام طهران في التعامل مع الانسحاب الأمريكي من الاتفاق النووي لذلك سارع روحاني إلى نهج دبلوماسي بجولة مكوكية لوزير خارجيته في محاولة لمنع المحافظين من إطلاق النار على قدمي بلاده!!
لا شك في أن قرار انسحاب ترامب من الاتفاق النووى سيؤدي بطبيعة الحال إلى سلسلة من النتائج السلبية السيئة على إيران، لعل أبرزها على الجانب الاقتصادي، حيث إن القرار سيشل حركة البنك المركزي الإيرانى، إضافة إلى قضية حظر التعامل مع الشركات التابعة للحرس الثوري الإيراني، وإدارج الشركات التي تتعامل مع إيران على قائمة العقوبات. وبعد ساعات من انسحاب ترامب من الاتفاق النووي الإيراني، أعلنت الولايات المتحدة فرض عقوبات على شبكة تمويل للحرس الثوري الإيراني، عملت على تحويل ملايين الدولارات من العملات الأجنبية بين الإمارات العربية المتحدة وإيران. وقد شملت تلك العقوبات كيانات وأفراداً، كانوا في إطار «شبكة واسعة لتبادل العملات الأجنبية حولت ملايين الدولارات إلى فيلق القدس التابع للحرس الثوري الإيراني، وكانت الأموال تستخدم لتمويل «الأنشطة الخبيثة» لفيلق القدس و«الجماعات الإقليمية المستخدمة بالوكالة»، وفقاً لبيان واشنطن.
ولا يتوقف الأمر عند الحظر فقط بل يمتد إلى العملة الإيرانية، حيث من المتوقع أن تواصل العملة الإيرانية تدهورها مع اقترابها من 8 آلاف وحدة «تومان» مقابل الدولار في السوق الموازية، بينما يعادل الدولار نحو 4200 «تومان» في السوق الرسمية. لذلك يرى مراقبون ومحللون أن إدارة الرئيس الإيراني حسن روحاني لديها مصلحة في إنقاذ ما تبقى من الاتفاق عبر إجراء مباحثات مع أوروبا والروس والصين وبالتالي محاولة ضبط التصعيد في سوريا قدر الإمكان وعدم المضي بعيداً في ردها، لأنها تواجه سلفاً تحديات سياسية واقتصادية في الداخل، ومن ثم فهي تحاول أن تنقذ اقتصادها لاسيما بعدما فرضت طهران مؤخراً قيوداً على التحويلات المالية إلى الاتحاد الأوروبي في محاولة لاحتواء التراجع الكبير في سعر صرف العملة، الأمر الذي تسبب بمشاكل كبيرة للجهات المستوردة. كما أن انسحاب ترامب من الاتفاق يعيد العقوبات الدولية على قطاع النفط، وبالتالي فإن إيران ستكون محرومة من حصتها السوقية النفطية في الأسواق العالمية ولن تستطيع بيع النفط بالطرق الرسمية ومن ثم وستضطر إلى العودة إلى طريق التجارة في النفط قبل توقيع الاتفاق بأن تبيع النفط بالآجل وبأسعار أقل من السعر العالمية «السوق السوداء» إلى دول مثل الهند والصين، الأمر الذي يكبد الاقتصاد الإيراني خسائر فادحة. وبعد فرض العقوبات الأمريكية على إيران لن تتردد واشنطن في تجميد الأصول ورؤس الأموال الإيرانية في البنوك الأمريكية.
من ناحية أخرى، فإن العقوبات الأمريكية على إيران سوف تخلف عواقب اقتصادية كبيرة على الأوروبيين الموقعين على الاتفاق النووي، خاصة وأن الشركات الأوروبية لن تتمكن من الاستثمار في إيران نتيجة العقوبات الأمريكية، وهذا ما يفسر تحرك الدول الأوروبية للإبقاء على الاتفاق النووي من أجل الحفاظ على مصالحها في إيران.
ولا يمكن تجاهل تصريح مستشار الأمن القومي في البيت الأبيض جون بولتون الذي شدد فيه على أن «فرض عقوبات أمريكية على الشركات الأوروبية التي تتعامل مع إيران بعد انسحاب أمريكا من الاتفاق النووي محتمل»، مضيفاً أن «هذا أمر محتمل، يتوقف على سلوك الحكومات الأخرى».
لذلك، بدأ وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف السبت جولة دبلوماسية في محاولة لإنقاذ الاتفاق النووي بعد مخاوف دولية أثارها التصعيد العسكري بين إيران وإسرائيل على الساحة السورية، حيث يزور بكين وموسكو وبروكسل مقر الاتحاد الأوروبي لإجراء محادثات حول الاتفاق النووي، في حين تحاول الدول الأخرى التي وقعته، وهي بريطانيا والصين وفرنسا وروسيا وألمانيا، الحفاظ عليه.
ومن هذا المنطلق، فإن الوضع الاقتصادي الإيراني الداخلي، إضافة إلى التطورات السياسية الخارجية الأخيرة، والتصعيد المتبادل بين تل أبيب وطهران في سوريا، ودعم إيران للمتمردين في اليمن، يضع الحكومة الإيرانية أمام خيارات محدودة، فإما أنها ستواصل برامجها النووية العسكرية في تصعيد سوف يكون كمن يقفز في الهواء أو يطلق النيران على قدميه، أو أن طهران ستقدم تنازلات وستخوض مفاوضات من أجل اتفاق نووي جديد يكبلها ويمنع امتلاكها للسلاح النووي وفق شروط لا بد وأن تكون خاضعة لموافقة أمريكا قبل شركاء الاتفاق، في حين أن هناك خلافات وانقسامات داخل البيت الإيراني، ما بين المحافظين المتشددين خاصة المرشد الإيراني علي خامنئي، الذين يرفضون الاتفاق جملة وتفصيلاً، وما بين الإصلاحيين البراغماتيين بقيادة روحاني ووزير خارجيته ظريف الذين يحاولون الحفاظ على الاتفاق من أجل الخروج بالاقتصاد الإيراني من عنق الزجاجة.
لكن يبدو أن إيران تختار طريق الدبلوماسية وهذا يبدو من الجولة المكوكية التي يقوم بها وزير الخارجية الإيراني مؤخراً من أجل المحافظة على الاتفاق.
ولا يمكن تجاهل أن الاتفاق النووي يشتمل على عدد من البنود منها الرفع التدريجي والمشروط للعقوبات مقابل ضمانات من طهران بعدم حيازة السلاح النووي، وبموجب الاتفاق وافقت إيران على خفض عدد أجهزة الطرد المركزي المستخدمة لتخصيب اليورانيوم، وتعهدت عدم تجاوز هذا العدد لمدة 10 سنوات، كما وافقت على تحويل مفاعل آراك الذي يعمل بالماء الثقيل كي لا يتمكن من إنتاج البلوتونيوم الذي يمكن استخدامه لأغراض عسكرية، وذلك تحت إشراف الأمم المتحدة من خلال تكليف الوكالة الدولية للطاقة الذرية القيام بانتظام بتفتيش المواقع النووية الإيرانية، وتم توسيع صلاحيات مفتشيها حيث يمكنهم أن يفحصوا على مدى 20 عاماً مقبلة إنتاج أجهزة الطرد المركزي.
* وقفة:
تبدو الخيارات محدودة أمام طهران في التعامل مع الانسحاب الأمريكي من الاتفاق النووي لذلك سارع روحاني إلى نهج دبلوماسي بجولة مكوكية لوزير خارجيته في محاولة لمنع المحافظين من إطلاق النار على قدمي بلاده!!