منذ أيام انتهيت من قراءة كتاب «أين كانوا يكتبون.. بيوت الكُتّاب والأدباء في العالم».. من تأليف الصحفية الفرنسية «فرانسيسكا بريمولي».. هذا الكتاب ذو الغلاف الأنيق.. والذي يحمل بين صفحاته صور بيوت الأدباء من أنحاء العالم.. كتّاب أمتعونا برواياتهم وقصصهم.. والأروع أن المنازل التي عاشوا وكتبوا فيها إبداعاتهم مازالت محتفظة بكل أثاثها ومقتنياتها ولم تهدم برحيلهم.. بل أصبحت مزاراً لكل المعجبين من أنحاء العالم، وبعضها حوّلت إلى متاحف.
ومن الجميل أن المؤلفة «فرانسيسكا» قامت بزيارة بيوت بعض الكُتّاب وتصويرها ليكتشف القارىء بيوتهم التي سكنوها.. وما هي طقوسهم في الكتابة.. وما هي مصادر إلهامهم.. وكيف كتبوا أعمالهم الجميلة في تلك البيوت؟ بالإضافة إلى التعرف على جوانب كثيرة من حياتهم وخصوصياتهم. نعم أعجبني بيت كارلودوسي، وحكاية الكاتبة الدنماركية كارين بليكسون مؤلفة رواية «خارج أفريقيا» التي عاشت في بيت بُني في القرن السادس عشر.. والذي شهد ولادتها وطفولتها وحزنها على أبيها المنتحر.. وأخيراً موتها.. لتدفن تحت شجرة في حديقة البيت نفسه. كما أبهرني مارك توين عندما قال عن قصره: «كأن للبيت قلباً و روحاً وأعيناً لرؤيتنا».. إنه البيت الأكثر غرابة في المنطقة.. فهو عبارة عن قصر ريفي مصنوع من حجر الآجر الأحمر.. ويعد تصميمه خليطاً من هندسة العصور الوسطى والكنائس القوطية.. ليصبح الآن هو البيت الذي تحول إلى متحف في هارتفورد بولاية كونيكتيكت يقبل عليه السياح من كل مكان. أما الإخراج الفني للكتاب فيبدو رائعاً جداً.. يحمل لمسات أنثوية دقيقة بما يحتويه من تفاصيل ومزاج إبداعي محسوس.. ومحتواه جدير بالمعرفة.. فهذا النوع من الكتب تستوقفني لأجعلها فاصلاً بين بعض القراءات.. باختصار هو من الكتب التي كنت أتمنى وأنا أقرأه ألا أنتهي منه!! هذه البيوت حقيقة ليست أماكن عادية للسكن فقط.. إذ في هوائها، وبين جدرانها.. وعلى طاولة وكرسي موجودين داخلها.. ولدت أعظم الأعمال الأدبية التي مازالت تسحرنا عند قراءتها. فعندما يحوّل بيت الكاتب الروسي تولستوي الى متحف ومزار للسائح المثقف.. بينما بيت الشاعر اللبناني بشارة الخوري» الأخطل الصغير» يحوّل الى مرآب بعد رحيله.. أتوقع أن هذه المفارقة تعطي إشارة لشيء ما؟؟!!
تبدأ قصص الكُتّاب والأدباء والشعراء والفنانين من داخل بيوتهم ومساكنهم، ثم مع العالم الخارجي.. فما الذي يمنعنا من تحويل بيوت الفنانين والمبدعين العرب.. والأماكن التي عاشوا وكتبوا فيها أعمالهم الأدبية والفنية الشهيرة إلى مزارات ومتاحف سياحية؟؟ لماذا تغيب السياحة الأدبية الثقافية في الوطن العربي؟؟ عندما نزور أي دولة أوروبية نجد اللافتات على بيوت أعلام ورواد الثقافة والأدب والسياسة والفن تكتسح مدنهم.. بينما يفتقر الوطن العربي إلى هذا النوع من الجذب السياحي الأدبي.. الذي يعيد الذكرى المستدامة إلى رموزه الثقافية..!!
إلا أنه من الجميل أن يعلن منذ أيام عن خبر من بلد الكنانة.. بلد الحضارة والثقافة والأدب.. جمهورية مصر العربية الشقيقة.. وهو إطلاق مشروع «عاش هنا» برعاية كريمة من وزيرة الثقافة المصرية د. إيناس عبدالدايم.. هذا المشروع هو حصيلة جهود عام كامل من أجل تخليد ذكرى رموز جمهورية مصر العربية من الرواد والمبدعين الذين على يدهم تم استكمال مسيرة مصر الأدبية التاريخية الحضارية.
جاء خبر هذا المشروع كبشارة خير لنا.. فالرموز والشخصيات الموجودة في عالمنا العربي تستحق أن تكون حاضرة في أذهاننا وأذهان شباب المستقبل بأكمله.. فكم لهذا المشروع من دور في رسم مسارات جغرافية للحياة الثقافية ليس في مصر بل لكل الوطن العربي. مشروع «عاش هنا» الذي شمل مائتي شخصية مصرية.. وتم تركيب مائة لوحة بأسماء هؤلاء المشاهير ليجري تركيب باقي اللوحات في الأيام القادمة لشخصيات وأعلام نعتز بهم.. كالرئيس أنور السادات والشاعر أحمد شوقي والكاتب نجيب محفوظ والفنان عبدالحليم حافظ والفنانة ليلى مراد والصحفي أنيس منصور وغيرهم من الرواد. والجدير بالذكر أن اللافتات المعدنية المثبتة على منازل أسماء هؤلاء المشاهير جاءت مواكبة للتطور التكنولوجي حيث إن بها شفرة إلكترونية يستطيع السائح من خلال تمرير هاتفه الذكي عليها فتح رابط إلكتروني لصفحة خاصة بتلك الشخصية.
أتمنى وأحلم بأن يمتد هذا المشروع إلى الوطن العربي ليشمل جميع أعلام الثقافة العربية.. حيث إن هوية أي بلد تبدأ من تراثه وحضارته ورموزه.. فكم من بيوت مهجورة تستحق أن يكتب عليها «عاش هنا»!!
{{ article.visit_count }}
ومن الجميل أن المؤلفة «فرانسيسكا» قامت بزيارة بيوت بعض الكُتّاب وتصويرها ليكتشف القارىء بيوتهم التي سكنوها.. وما هي طقوسهم في الكتابة.. وما هي مصادر إلهامهم.. وكيف كتبوا أعمالهم الجميلة في تلك البيوت؟ بالإضافة إلى التعرف على جوانب كثيرة من حياتهم وخصوصياتهم. نعم أعجبني بيت كارلودوسي، وحكاية الكاتبة الدنماركية كارين بليكسون مؤلفة رواية «خارج أفريقيا» التي عاشت في بيت بُني في القرن السادس عشر.. والذي شهد ولادتها وطفولتها وحزنها على أبيها المنتحر.. وأخيراً موتها.. لتدفن تحت شجرة في حديقة البيت نفسه. كما أبهرني مارك توين عندما قال عن قصره: «كأن للبيت قلباً و روحاً وأعيناً لرؤيتنا».. إنه البيت الأكثر غرابة في المنطقة.. فهو عبارة عن قصر ريفي مصنوع من حجر الآجر الأحمر.. ويعد تصميمه خليطاً من هندسة العصور الوسطى والكنائس القوطية.. ليصبح الآن هو البيت الذي تحول إلى متحف في هارتفورد بولاية كونيكتيكت يقبل عليه السياح من كل مكان. أما الإخراج الفني للكتاب فيبدو رائعاً جداً.. يحمل لمسات أنثوية دقيقة بما يحتويه من تفاصيل ومزاج إبداعي محسوس.. ومحتواه جدير بالمعرفة.. فهذا النوع من الكتب تستوقفني لأجعلها فاصلاً بين بعض القراءات.. باختصار هو من الكتب التي كنت أتمنى وأنا أقرأه ألا أنتهي منه!! هذه البيوت حقيقة ليست أماكن عادية للسكن فقط.. إذ في هوائها، وبين جدرانها.. وعلى طاولة وكرسي موجودين داخلها.. ولدت أعظم الأعمال الأدبية التي مازالت تسحرنا عند قراءتها. فعندما يحوّل بيت الكاتب الروسي تولستوي الى متحف ومزار للسائح المثقف.. بينما بيت الشاعر اللبناني بشارة الخوري» الأخطل الصغير» يحوّل الى مرآب بعد رحيله.. أتوقع أن هذه المفارقة تعطي إشارة لشيء ما؟؟!!
تبدأ قصص الكُتّاب والأدباء والشعراء والفنانين من داخل بيوتهم ومساكنهم، ثم مع العالم الخارجي.. فما الذي يمنعنا من تحويل بيوت الفنانين والمبدعين العرب.. والأماكن التي عاشوا وكتبوا فيها أعمالهم الأدبية والفنية الشهيرة إلى مزارات ومتاحف سياحية؟؟ لماذا تغيب السياحة الأدبية الثقافية في الوطن العربي؟؟ عندما نزور أي دولة أوروبية نجد اللافتات على بيوت أعلام ورواد الثقافة والأدب والسياسة والفن تكتسح مدنهم.. بينما يفتقر الوطن العربي إلى هذا النوع من الجذب السياحي الأدبي.. الذي يعيد الذكرى المستدامة إلى رموزه الثقافية..!!
إلا أنه من الجميل أن يعلن منذ أيام عن خبر من بلد الكنانة.. بلد الحضارة والثقافة والأدب.. جمهورية مصر العربية الشقيقة.. وهو إطلاق مشروع «عاش هنا» برعاية كريمة من وزيرة الثقافة المصرية د. إيناس عبدالدايم.. هذا المشروع هو حصيلة جهود عام كامل من أجل تخليد ذكرى رموز جمهورية مصر العربية من الرواد والمبدعين الذين على يدهم تم استكمال مسيرة مصر الأدبية التاريخية الحضارية.
جاء خبر هذا المشروع كبشارة خير لنا.. فالرموز والشخصيات الموجودة في عالمنا العربي تستحق أن تكون حاضرة في أذهاننا وأذهان شباب المستقبل بأكمله.. فكم لهذا المشروع من دور في رسم مسارات جغرافية للحياة الثقافية ليس في مصر بل لكل الوطن العربي. مشروع «عاش هنا» الذي شمل مائتي شخصية مصرية.. وتم تركيب مائة لوحة بأسماء هؤلاء المشاهير ليجري تركيب باقي اللوحات في الأيام القادمة لشخصيات وأعلام نعتز بهم.. كالرئيس أنور السادات والشاعر أحمد شوقي والكاتب نجيب محفوظ والفنان عبدالحليم حافظ والفنانة ليلى مراد والصحفي أنيس منصور وغيرهم من الرواد. والجدير بالذكر أن اللافتات المعدنية المثبتة على منازل أسماء هؤلاء المشاهير جاءت مواكبة للتطور التكنولوجي حيث إن بها شفرة إلكترونية يستطيع السائح من خلال تمرير هاتفه الذكي عليها فتح رابط إلكتروني لصفحة خاصة بتلك الشخصية.
أتمنى وأحلم بأن يمتد هذا المشروع إلى الوطن العربي ليشمل جميع أعلام الثقافة العربية.. حيث إن هوية أي بلد تبدأ من تراثه وحضارته ورموزه.. فكم من بيوت مهجورة تستحق أن يكتب عليها «عاش هنا»!!