إن محاولة تأصيل حرب أكتوبر بين العقل والضمير العربي تدعوني للإشارة إلى عدة حقائق معاصرة بعد مضي 45 عاماً على تلك الحرب وظهور تداعياتها والتي نلخصها في الآتي:
1- إن الحرب أسفرت عن انتصار نسبي-جزئي وليس انتصاراً شاملاً وكاسحاً. ولكنه انتصار أعاد لمصر والعرب الروح الإيجابية والثقة بالنفس.
2- إن من بين أبرز المفكرين في العالم تحدث عن أن على المرء سواء كان قائداً أو دولة أن يفكر في التفاوض من أجل السلام أثناء الحرب. فليست هناك حرب مستمرة والتفاوض هو السبيل الملائم والوحيد لتحقيق السلام.
3- إن الرئيس المصري الراحل محمد أنور السادات وضع أسس السلام حتى قبل أن يبدأ الحرب وهذه هي العقلية الاستراتيجية لو نظرنا إليها اليوم بمنطق موضوعي وواقعي بعد مضي 45 عاماً.
ومن خلال التفاوض أمكنه استعادة سيناء لمصر وإعادة فتح قناة السويس وقيام حكم فلسطيني مؤقت في الأراضي المحتلة كما حدث نتيجة اتفاقيات أوسلو، وللأسف لم تكن هناك قيادة شجاعة تواصل مسيرتها، ولذلك تراجعت القضية الفلسطينية بعد إخفاق محادثات طابا وكامب ديفيد الثانية، وبروز شارون والمتشددين واغتيال رابين وسبقه اغتيال السادات واستفاد المتشددون الإسرائيليون من سلوك المتشددين الفلسطينيين ولو انتهج الفلسطينيون والعرب نهج السادات لكان اليوم لدينا دولة فلسطينية حقيقية وليست شكلية كما حدث الآن. كما كانت لدينا دولة سورية قوية وموحدة وليست دولة ممزقة بين قوى دولية وإقليمية هي الروس والإيرانيون والأتراك والأمريكيون. وكذلك دولة العراق التي أصبحت أسيرة إيران وتمزقها الطائفية.
4- ربما كان العرب أكثر قوة وتوحداً مما هم عليه الآن كفريسة للقوى الكبرى ودول الجوار والطامعين في ثروات العرب، ونفطهم وأرضهم من أصحاب الأساطيل الكبرى ومن القراصنة في خليج عدن وقبالة الساحل الأفريقي ومن عملاء إيران أو عملاء تركيا أو عملاء إسرائيل كما في اليمن وبعض دول الخليج.
5- كذلك لكانت لبنان اليوم غير ما هي عليه فقد كانت لبنان دولة عربية لديها شبه ديمقراطية فتحولت الآن إلى فريسة إيرانية.
لقد انتصر المسلمون في معركة بدر كما انتصرت مصر والعرب في حرب أكتوبر. وأدت معركة بدر بعد ذلك إلى صلح الحديبية الذي أدى إلى فتح مكة، وأدت حرب أكتوبر إلى معاهدة السلام بين مصر وإسرائيل، ثم بين الأردن وإسرائيل، واتفاقات أوسلو، ولكن لم تؤدِّ إلى قيام دولة فلسطينية حقيقية وليس شكلية كما هي الآن.
العبرة والدرس أن أي عمل إيجابي لا بد أن يكون نتيجة لاستراتيجية وتكتيك وقيادة موحدة قوية وهذا ما حدث في غزوة بدر، والتي تراجعت مكاسبها جزئياً في غزوة أحد ولكن تأثيراتها بعيدة تحققت في فتح مكة. أما نصر أكتوبر فقد أدى لشبه سلام عربي إسرائيلي «مصر والأردن»، وإلى حد ما فلسطين ولكن تحولت النتائج الإيجابية لأكتوبر إلى هدنة سورية إسرائيلية دائمة بلا مكسب لشعب سوريا أو للشعب العربي، كذلك تراجع الوضع الفلسطيني لفقدان القيادة والاستراتيجية الموحدة. وكسبت إسرائيل كل ما كانت تصبو إليه وخسر العرب بعض ما حققوه من نصر أكتوبر من مفاوضات السلام لحدوث تراجع في الاستراتيجية والقيادة والقوة الموحدة خاصة بعد اغتيال أبرز القيادات العربية ذات الأصالة وفي مقدمتهم الملك فيصل ملك المملكة العربية السعودية رحمه الله، واغتيال الرئيس أنور السادات. إن الرئيس السادات كان صاحب رؤية استراتيجية والتي لولاها لكانت مصر اليوم مثل سوريا ممزقة وربما في حرب أهلية إرهابية كما في سوريا ولكن تحرك القائد البطل عبدالفتاح السيسي أنقذ مصر اليوم كما أنقذها السادات في السبعينات.
* خبير في الدراسات الاستراتيجية الدولية
{{ article.visit_count }}
1- إن الحرب أسفرت عن انتصار نسبي-جزئي وليس انتصاراً شاملاً وكاسحاً. ولكنه انتصار أعاد لمصر والعرب الروح الإيجابية والثقة بالنفس.
2- إن من بين أبرز المفكرين في العالم تحدث عن أن على المرء سواء كان قائداً أو دولة أن يفكر في التفاوض من أجل السلام أثناء الحرب. فليست هناك حرب مستمرة والتفاوض هو السبيل الملائم والوحيد لتحقيق السلام.
3- إن الرئيس المصري الراحل محمد أنور السادات وضع أسس السلام حتى قبل أن يبدأ الحرب وهذه هي العقلية الاستراتيجية لو نظرنا إليها اليوم بمنطق موضوعي وواقعي بعد مضي 45 عاماً.
ومن خلال التفاوض أمكنه استعادة سيناء لمصر وإعادة فتح قناة السويس وقيام حكم فلسطيني مؤقت في الأراضي المحتلة كما حدث نتيجة اتفاقيات أوسلو، وللأسف لم تكن هناك قيادة شجاعة تواصل مسيرتها، ولذلك تراجعت القضية الفلسطينية بعد إخفاق محادثات طابا وكامب ديفيد الثانية، وبروز شارون والمتشددين واغتيال رابين وسبقه اغتيال السادات واستفاد المتشددون الإسرائيليون من سلوك المتشددين الفلسطينيين ولو انتهج الفلسطينيون والعرب نهج السادات لكان اليوم لدينا دولة فلسطينية حقيقية وليست شكلية كما حدث الآن. كما كانت لدينا دولة سورية قوية وموحدة وليست دولة ممزقة بين قوى دولية وإقليمية هي الروس والإيرانيون والأتراك والأمريكيون. وكذلك دولة العراق التي أصبحت أسيرة إيران وتمزقها الطائفية.
4- ربما كان العرب أكثر قوة وتوحداً مما هم عليه الآن كفريسة للقوى الكبرى ودول الجوار والطامعين في ثروات العرب، ونفطهم وأرضهم من أصحاب الأساطيل الكبرى ومن القراصنة في خليج عدن وقبالة الساحل الأفريقي ومن عملاء إيران أو عملاء تركيا أو عملاء إسرائيل كما في اليمن وبعض دول الخليج.
5- كذلك لكانت لبنان اليوم غير ما هي عليه فقد كانت لبنان دولة عربية لديها شبه ديمقراطية فتحولت الآن إلى فريسة إيرانية.
لقد انتصر المسلمون في معركة بدر كما انتصرت مصر والعرب في حرب أكتوبر. وأدت معركة بدر بعد ذلك إلى صلح الحديبية الذي أدى إلى فتح مكة، وأدت حرب أكتوبر إلى معاهدة السلام بين مصر وإسرائيل، ثم بين الأردن وإسرائيل، واتفاقات أوسلو، ولكن لم تؤدِّ إلى قيام دولة فلسطينية حقيقية وليس شكلية كما هي الآن.
العبرة والدرس أن أي عمل إيجابي لا بد أن يكون نتيجة لاستراتيجية وتكتيك وقيادة موحدة قوية وهذا ما حدث في غزوة بدر، والتي تراجعت مكاسبها جزئياً في غزوة أحد ولكن تأثيراتها بعيدة تحققت في فتح مكة. أما نصر أكتوبر فقد أدى لشبه سلام عربي إسرائيلي «مصر والأردن»، وإلى حد ما فلسطين ولكن تحولت النتائج الإيجابية لأكتوبر إلى هدنة سورية إسرائيلية دائمة بلا مكسب لشعب سوريا أو للشعب العربي، كذلك تراجع الوضع الفلسطيني لفقدان القيادة والاستراتيجية الموحدة. وكسبت إسرائيل كل ما كانت تصبو إليه وخسر العرب بعض ما حققوه من نصر أكتوبر من مفاوضات السلام لحدوث تراجع في الاستراتيجية والقيادة والقوة الموحدة خاصة بعد اغتيال أبرز القيادات العربية ذات الأصالة وفي مقدمتهم الملك فيصل ملك المملكة العربية السعودية رحمه الله، واغتيال الرئيس أنور السادات. إن الرئيس السادات كان صاحب رؤية استراتيجية والتي لولاها لكانت مصر اليوم مثل سوريا ممزقة وربما في حرب أهلية إرهابية كما في سوريا ولكن تحرك القائد البطل عبدالفتاح السيسي أنقذ مصر اليوم كما أنقذها السادات في السبعينات.
* خبير في الدراسات الاستراتيجية الدولية