كتاب «غاندي وقضايا العرب والمسلمين» الذي صدر أخيراً للوزير السابق عبدالنبي الشعلة يحتاج إلى أكثر من وقفة وأكثر من التفاتة، ذلك أن الجهد المبذول في تأليفه كبير وطرقت به زوايا من حياة المهاتما غاندي لم يسبق طرقها هي تلك المتعلقة بمواقف هذا المناضل الكبير -الذي حرر الهند من ربقة الاستعمار البريطاني- من القضايا العربية والإسلام.
عن جدوى الكتابة عن غاندي الذي اكتظت رفوف المكتبات في العالم بالكتب التي تم تأليفها عنه قال الشعلة في مقدمة الكتاب الواقع في نحو 260 صفحة من القطع الكبير إنها عديدة منها حاجتنا كعرب إلى «استنهاض قيم ومبادئ المحبة والتسامح والتعايش والسلام التي نادى بها وطبقها المهاتما غاندي» و«حاجتنا الملحة أيضاً إلى الخروج من دوامة الفتن والتناحر والاقتتال وذلك باستنفار الصرخات المدوية التي أطلقها غاندي بقوة في وجه التشدد والعنف والإرهاب»، لافتاً إلى أن «عالمنا العربي يشهد، منذ فترة ليست قصيرة، أفظع وأشنع صور التطرف والعنف والإرهاب، تغذيها وتعززها أطروحات وخطابات تحشيد وتسعير، تنطلق باسم الدين، تحرض على الكراهية والحقد والانشطار المجتمعي، وتدعو إلى الاقتتال وسفك الدماء، وتبرر القتل وتباركه بحماس وقناعة واعتزاز، وتعد القتلة وتغريهم بالجزاء الأوفى»، ومبيناً أنه «في ظل هذه الأوضاع العصيبة المزرية تبرز، بإلحاح شديد، الحاجة إلى استصراخ رسالات السماء واستنهاض حكم العقلاء والحكماء، وعلى رأسهم المهاتما غاندي وتراثه الفكري الصامد الذي يقف على نقيض ذلك ويتمسك بالتزام ثابت راسخ فكرياً وعملياً بثقافة التسامح والتعايش والسلم الإنساني»... «وهذا ما يبرر بل يفرض زيارة المهاتما غاندي والكتابة عنه حتى بعد مضي سبعة عقود على وفاته».
من الأسباب التي يسوقها المؤلف لتبرير الكتابة عن غاندي أيضاً أنه «ولد في أسرة وضمن بيئة هندوسية محافظة، وأصبح هندوسياً ملتزماً حتى النخاع، إلا أن توجهاته ومواقفه اتسمت بقدر بالغ من الاهتمام والتقدير للدين الإسلامي، وانسجاماً تاماً مع قيمه، وإكباراً فائضاً لنبي الإسلام ورسالته، وتماهياً جلياً مع المسلمين وقضاياهم»، لافتاً إلى أن «غاندي أكد في مواقع ومناسبات مختلفة أنه مسلم بقدر ما هو هندوسي.. وأنه في وعيه الديني لا يبتعد كثيراً عن الفكر الإسلامي في تحديد الوجود الإلهي أو الذات والصفات الإلهية وطبيعة الخالق». وتأكيداً لهذا يملأ المؤلف العديد من صفحات الكتاب بالأمثلة على علاقة الود التي جمعت بين غاندي والمسلمين الهنود في جنوب أفريقيا التي عمل فيها كمحامٍ لمدة واحد وعشرين عاماً وقاد نضال الجالية الهندية هناك ضد العنصرية، وفي الهند، فالمسلمون الهنود كانوا على الدوام عوناً وسنداً لغاندي في كل فترات النضال لتحرير الهند من الاستعمار والعنصرية.
الكتاب يركز أيضاً على وقوف غاندي إلى جانب القضايا العربية ويؤكد رفضه لوعد بلفور وكيف أنه قاوم بإصرار ابتزاز الصهاينة وضغوطهم عليه لانتزاع تصريح منه يؤيد «حق اليهود في إقامة دولة خاصة بهم على أرض فلسطين» وأعلن «بأعلى صوته تأييده لعدالة القضية العربية ومساندته للحق العربي وشجبه للظلم الذي تعرض له الشعب الفلسطيني»، مشيراً المؤلف إلى أن غاندى بهذا «أرسى قواعد ثابتة لسياسة الهند الخارجية المساندة بحزم لقضايا الأمة العربية».
الكتاب مشبع وهو من الثراء بحيث يدفع قارئيه إلى الدعوة إلى مناقشته في ندوات عامة يضيف خلالها مؤلفه إليها من تجاربه وخبراته حيث درس العلوم السياسية في الهند وحيث هو على اطلاع واسع بتاريخ الهند ويمتلك علاقات واسعة برجال الأعمال الهنود والعديد من المؤثرين في المجتمع الهندي من مختلف الفئات والشرائح.
اختيار غاندي مثالاً لبيان الكيفية التي يمكن بها مواجهة الإرهاب والعنف اختيار موفق.
{{ article.visit_count }}
عن جدوى الكتابة عن غاندي الذي اكتظت رفوف المكتبات في العالم بالكتب التي تم تأليفها عنه قال الشعلة في مقدمة الكتاب الواقع في نحو 260 صفحة من القطع الكبير إنها عديدة منها حاجتنا كعرب إلى «استنهاض قيم ومبادئ المحبة والتسامح والتعايش والسلام التي نادى بها وطبقها المهاتما غاندي» و«حاجتنا الملحة أيضاً إلى الخروج من دوامة الفتن والتناحر والاقتتال وذلك باستنفار الصرخات المدوية التي أطلقها غاندي بقوة في وجه التشدد والعنف والإرهاب»، لافتاً إلى أن «عالمنا العربي يشهد، منذ فترة ليست قصيرة، أفظع وأشنع صور التطرف والعنف والإرهاب، تغذيها وتعززها أطروحات وخطابات تحشيد وتسعير، تنطلق باسم الدين، تحرض على الكراهية والحقد والانشطار المجتمعي، وتدعو إلى الاقتتال وسفك الدماء، وتبرر القتل وتباركه بحماس وقناعة واعتزاز، وتعد القتلة وتغريهم بالجزاء الأوفى»، ومبيناً أنه «في ظل هذه الأوضاع العصيبة المزرية تبرز، بإلحاح شديد، الحاجة إلى استصراخ رسالات السماء واستنهاض حكم العقلاء والحكماء، وعلى رأسهم المهاتما غاندي وتراثه الفكري الصامد الذي يقف على نقيض ذلك ويتمسك بالتزام ثابت راسخ فكرياً وعملياً بثقافة التسامح والتعايش والسلم الإنساني»... «وهذا ما يبرر بل يفرض زيارة المهاتما غاندي والكتابة عنه حتى بعد مضي سبعة عقود على وفاته».
من الأسباب التي يسوقها المؤلف لتبرير الكتابة عن غاندي أيضاً أنه «ولد في أسرة وضمن بيئة هندوسية محافظة، وأصبح هندوسياً ملتزماً حتى النخاع، إلا أن توجهاته ومواقفه اتسمت بقدر بالغ من الاهتمام والتقدير للدين الإسلامي، وانسجاماً تاماً مع قيمه، وإكباراً فائضاً لنبي الإسلام ورسالته، وتماهياً جلياً مع المسلمين وقضاياهم»، لافتاً إلى أن «غاندي أكد في مواقع ومناسبات مختلفة أنه مسلم بقدر ما هو هندوسي.. وأنه في وعيه الديني لا يبتعد كثيراً عن الفكر الإسلامي في تحديد الوجود الإلهي أو الذات والصفات الإلهية وطبيعة الخالق». وتأكيداً لهذا يملأ المؤلف العديد من صفحات الكتاب بالأمثلة على علاقة الود التي جمعت بين غاندي والمسلمين الهنود في جنوب أفريقيا التي عمل فيها كمحامٍ لمدة واحد وعشرين عاماً وقاد نضال الجالية الهندية هناك ضد العنصرية، وفي الهند، فالمسلمون الهنود كانوا على الدوام عوناً وسنداً لغاندي في كل فترات النضال لتحرير الهند من الاستعمار والعنصرية.
الكتاب يركز أيضاً على وقوف غاندي إلى جانب القضايا العربية ويؤكد رفضه لوعد بلفور وكيف أنه قاوم بإصرار ابتزاز الصهاينة وضغوطهم عليه لانتزاع تصريح منه يؤيد «حق اليهود في إقامة دولة خاصة بهم على أرض فلسطين» وأعلن «بأعلى صوته تأييده لعدالة القضية العربية ومساندته للحق العربي وشجبه للظلم الذي تعرض له الشعب الفلسطيني»، مشيراً المؤلف إلى أن غاندى بهذا «أرسى قواعد ثابتة لسياسة الهند الخارجية المساندة بحزم لقضايا الأمة العربية».
الكتاب مشبع وهو من الثراء بحيث يدفع قارئيه إلى الدعوة إلى مناقشته في ندوات عامة يضيف خلالها مؤلفه إليها من تجاربه وخبراته حيث درس العلوم السياسية في الهند وحيث هو على اطلاع واسع بتاريخ الهند ويمتلك علاقات واسعة برجال الأعمال الهنود والعديد من المؤثرين في المجتمع الهندي من مختلف الفئات والشرائح.
اختيار غاندي مثالاً لبيان الكيفية التي يمكن بها مواجهة الإرهاب والعنف اختيار موفق.