الثامن من شهر مارس الذي يحتفي به العالم بالمرأة ويغمرها فيه بالورود والهدايا والكلمات الرقيقة، هو يوم خروج العاملات الكادحات في ولاية نيويورك الأمريكية عام 1908، حاملات في أيديهن الخبز اليابس والورود. ومطالبات بالمساواة في الأجور والسماح لهن بحق الاقتراع. كانت احتجاجات عاملات نيويورك واحدة من الوقفات المفصلية في تاريخ الحركات النسوية. ولم تكن المطالب النسوية يوماً تقتصر على المساواة في التوظيف والترقيات والأجور والتشريعات. المطالب النسوية الحديثة في جوهرها تطالب بحق مساواة المرأة في الإنسانية مع الرجل.
تشكلت التصورات الحالية عن المرأة من مجموعة من الأفكار السلبية القديمة، التي اكتسى بعضها طابعاً مقدساً. فالمرأة استناداً إلى تلك الأفكار هي سبب الإثم الأعظم الذي أخرج الإنسان الأول من الجنة وألقى به في دنيا الشقاء على الأرض. وهي أقل في بنيتها البدنية والوجدانية والعقلانية من الرجل. بالتالي، وبشكل طبيعي، فهي بحاجة إلى رعاية الرجل ومتابعته. ليس من باب العون والشراكة بل من باب الوصاية والتقويم. وبالتالي أيضاً، فهي عاجزة عن القيام بأدوار قيادية وتشريعية في الحياة. فتركيبتها العاطفية الهشة تجعلها عاجزة عن العمل في القضاء. ومحدوديتها العقلية تعوقها عن المناصب السياسية الرفيعة!
وقد تجاوزت كثير من دول العالم المتحضر تلك الأفكار ومنحت المرأة منصب رئيس قضاة ورئيس دولة ورئيس وزراء، بل ووزيرة دفاع أو داخلية ومديرة مخابرات. وتحاول كثير من الدول العربية السير في ذات الاتجاه فكسرت حاجز وظيفة قاضٍ ووزير أمام المرأة ومنحتها الكثير من الوظائف القيادية في هذا المجال. ولكن الفارق بين التجربة في الدول المتقدمة ومحاولات بلداننا العربية، أن الدول المتقدمة استبدلت الأفكار القديمة بمقولات جديدة من مواثيق حقوق الإنسان ومن نصوص فلسفية وأدبية رفيعة تحفظ كرامة المرأة وتعلي من شأنها. في حين أن الثقافة العربية مازالت تحافظ على المقولات المؤسسة للتقليل من شأن المرأة وتروج لها. بالتالي فإن المجتمعات العربية برمتها دخلت في تناقض غير منطقي في موضوع المرأة، بسبب تجاور النصوص التشريعية التي تمنح المرأة حقوقاً كبيرة وحصانة خاصة بطبيعة بعض الوظائف، مع نصوص أخرى، ذات طابع إيديولوجي مؤثر على العقلية الجمعية للمجتمع، تضع المرأة في إطار الحاجة للوصاية والرعاية.
إن القضية النسوية، وخصوصاً في مجتمعاتنا الشرقية، ليست في مجالات تمكين المرأة فحسب. إنها مسألة ثقافية تحتاج لتشخيص وتفنيد ابتداء من نظرة المرأة نفسها لذاتها، وتبنيها الأفكار السلبية عن نفسها. ففي كثير من النقاشات مع النساء حول التصورات السلبية التي تنتقص من المرأة تجيبك النساء حول بعض التساؤلات: أنا غير مقتنعة، لكنني أستجيب لهذا الرأي برضا. أو تتلقى إجابة أكثر إدهاشا من النساء، وهي: على الرغم من أني مقتنعة ومسلمة بهذا الرأي، ولكنني لا أستطيع تطبيقه، وأعرف أني مذنبة!! سوف تجد الكثير من النساء اللاتي يتفوقن على الرجال في مجالات الدراسة والعمل والنشاط الاجتماعي مقتنعات أنهن، بطبيعتهن وفطرتهن، أقل كفاءة وجدانية وعقلية من الرجل!!
على صفحته في «تويتر»، وبمناسبة اليوم العالمي للمرأة، عبّر أحد أهم الحداثيين في الخليج أن النسوية هي حركة عنصرية لأن كلا النوعين، الرجل والمرأة، يعانيان من الاضطهاد والتهميش وانتقاص في المكانة والحقوق. هذا صحيح شكلاً، وغير صحيح ثقافياً. وبعيداً عن مناقشة مضمون الرأي، فإن من المؤسف أن يظن أحد المثقفين أن تجاوز القضايا الصغيرة والهامشية في مجتمعات مازالت تعيش على ضفاف طفولتها الأولى، هو السبيل للوصول للإنسانية. فمجتمعاتنا لن تتمكن من مناقشة القضايا الإنسانية الكبرى، مثل الحرية والديمقراطية والمسؤولية و...، ما لم تنصف المرأة من الأفكار البالية، وتحمي الأطفال من العنف والاستغلال، وتحافظ على حقوق العمال، وتتجاوز المسائل العنصرية ضد بعض المكونات،... وغيرهم من الفئات المهمشة والمستضعفة والمستبعدة من قمة هرم القوة والفاعلية الاجتماعية.
وكل عام ونساء العالم في خير وقوة.
تشكلت التصورات الحالية عن المرأة من مجموعة من الأفكار السلبية القديمة، التي اكتسى بعضها طابعاً مقدساً. فالمرأة استناداً إلى تلك الأفكار هي سبب الإثم الأعظم الذي أخرج الإنسان الأول من الجنة وألقى به في دنيا الشقاء على الأرض. وهي أقل في بنيتها البدنية والوجدانية والعقلانية من الرجل. بالتالي، وبشكل طبيعي، فهي بحاجة إلى رعاية الرجل ومتابعته. ليس من باب العون والشراكة بل من باب الوصاية والتقويم. وبالتالي أيضاً، فهي عاجزة عن القيام بأدوار قيادية وتشريعية في الحياة. فتركيبتها العاطفية الهشة تجعلها عاجزة عن العمل في القضاء. ومحدوديتها العقلية تعوقها عن المناصب السياسية الرفيعة!
وقد تجاوزت كثير من دول العالم المتحضر تلك الأفكار ومنحت المرأة منصب رئيس قضاة ورئيس دولة ورئيس وزراء، بل ووزيرة دفاع أو داخلية ومديرة مخابرات. وتحاول كثير من الدول العربية السير في ذات الاتجاه فكسرت حاجز وظيفة قاضٍ ووزير أمام المرأة ومنحتها الكثير من الوظائف القيادية في هذا المجال. ولكن الفارق بين التجربة في الدول المتقدمة ومحاولات بلداننا العربية، أن الدول المتقدمة استبدلت الأفكار القديمة بمقولات جديدة من مواثيق حقوق الإنسان ومن نصوص فلسفية وأدبية رفيعة تحفظ كرامة المرأة وتعلي من شأنها. في حين أن الثقافة العربية مازالت تحافظ على المقولات المؤسسة للتقليل من شأن المرأة وتروج لها. بالتالي فإن المجتمعات العربية برمتها دخلت في تناقض غير منطقي في موضوع المرأة، بسبب تجاور النصوص التشريعية التي تمنح المرأة حقوقاً كبيرة وحصانة خاصة بطبيعة بعض الوظائف، مع نصوص أخرى، ذات طابع إيديولوجي مؤثر على العقلية الجمعية للمجتمع، تضع المرأة في إطار الحاجة للوصاية والرعاية.
إن القضية النسوية، وخصوصاً في مجتمعاتنا الشرقية، ليست في مجالات تمكين المرأة فحسب. إنها مسألة ثقافية تحتاج لتشخيص وتفنيد ابتداء من نظرة المرأة نفسها لذاتها، وتبنيها الأفكار السلبية عن نفسها. ففي كثير من النقاشات مع النساء حول التصورات السلبية التي تنتقص من المرأة تجيبك النساء حول بعض التساؤلات: أنا غير مقتنعة، لكنني أستجيب لهذا الرأي برضا. أو تتلقى إجابة أكثر إدهاشا من النساء، وهي: على الرغم من أني مقتنعة ومسلمة بهذا الرأي، ولكنني لا أستطيع تطبيقه، وأعرف أني مذنبة!! سوف تجد الكثير من النساء اللاتي يتفوقن على الرجال في مجالات الدراسة والعمل والنشاط الاجتماعي مقتنعات أنهن، بطبيعتهن وفطرتهن، أقل كفاءة وجدانية وعقلية من الرجل!!
على صفحته في «تويتر»، وبمناسبة اليوم العالمي للمرأة، عبّر أحد أهم الحداثيين في الخليج أن النسوية هي حركة عنصرية لأن كلا النوعين، الرجل والمرأة، يعانيان من الاضطهاد والتهميش وانتقاص في المكانة والحقوق. هذا صحيح شكلاً، وغير صحيح ثقافياً. وبعيداً عن مناقشة مضمون الرأي، فإن من المؤسف أن يظن أحد المثقفين أن تجاوز القضايا الصغيرة والهامشية في مجتمعات مازالت تعيش على ضفاف طفولتها الأولى، هو السبيل للوصول للإنسانية. فمجتمعاتنا لن تتمكن من مناقشة القضايا الإنسانية الكبرى، مثل الحرية والديمقراطية والمسؤولية و...، ما لم تنصف المرأة من الأفكار البالية، وتحمي الأطفال من العنف والاستغلال، وتحافظ على حقوق العمال، وتتجاوز المسائل العنصرية ضد بعض المكونات،... وغيرهم من الفئات المهمشة والمستضعفة والمستبعدة من قمة هرم القوة والفاعلية الاجتماعية.
وكل عام ونساء العالم في خير وقوة.