في مجتمعاتنا العربية، باتت صفة «مستشار» تفسر بأنها توصيف لشخص لا نريد إخراجه من منظومة العمل، لكننا لسنا بحاجة له، وهذا توصيف خطير جداً، بل خاطئ تماماً، لأن «المستشار» كوظيفة وموقع تعتبر في الدول المتقدمة من المواقع الهامة جداً، لأنه يمثل شخصاً يمتلك «عصارة خبرة» ويعول عليه «تقديم المشورة» في المواقف الهامة.
لكن السؤال المهم هنا لا علاقة له بعدد المستشارين في مختلف مواقع العمل، ولا بحقيقة ما يقومون به، بل بعملية اختيارهم، وهل كل شخص يصلح أن يكون مستشاراً، سواء في وزارة أو قطاع ما أو حتى في الشركات الخاصة؟!
هناك رواية تقول بأنه في إحدى البلدات الواعدة التي تتبع الحضارة الرومانية، كان عمدة البلدة يسير ليلاً، فاصطدم برجل بسبب شدة الظلام. قام العمدة بإصدار أمر بأن يسير كل إنسان ومعه مصباح. وفي اليوم الثاني ليلاً اصطدم بنفس الرجل، فقال له: ألم أصدر أمراً بأن تحمل مصباحاً معك؟! فأجاب الرجل: نعم المصباح معي، لكنه خالٍ من الشمع. فأصدر العمدة أمراً بوضع الشمع في المصابيح. وفي الليلة الثالثة اصطدم العمدة بنفس الرجل، فقال له: ألم آمر بأن تحمل المصباح وبداخله الشمع؟! فرد الرجل: نعم، لكنك لم تأمر بإشعال الشمع!
في اليوم التالي أصدر العمدة قراراً بتعيين الرجل ليصوغ قوانين البلد، ولما سألوه عن السبب، أجابه بأن هذا الرجل ينظر لجميع التفاصيل، ويمكنه تفكيك وتركيب الأمور بشكلها الصحيح، وعليه هو أفضل من يقيم كل أمر نود سنه وتشريعه، بحيث يكون محكماً من جميع الجوانب، لا يغفل شيئاً فيه، ولا يترك مجالاً للثغرات.
هنا لو حللنا الموقف، سنجد بأن الرجل الذي اصطدم بالعمدة ثلاث ليالٍ متعاقبة، كانت إجاباته تتضمن نقداً لأساليب طبقت، كان أسلوبه في النقد يكشف في كل مرة عن ثغرة يجب سدها وتفاديها، وكان في طريقة تقديمه للمعلومة يبين بأن هناك معالجات لو نفذت فإن القرارات ستكون متكاملة ومحكمة.
هذا الرجل مارس دور «الناقد»، بحيث كان ينظر للأمور ويبحث عن المشكلة والمعضلة فيها، لكنه لم يتوقف عند دور تقديم النقد وبيان الخلل، بل تعدى ذلك، ومارس دوراً تقدمياً إيجابياً، وتمثل ذلك بتقديم الحلول، وإسداء النصح.
هناك في «علم الإدارة» أنماط عديدة لبناء الاستراتيجيات، واختيار أساليب العمل من حلول ومعالجات، من ضمنها تلك التي تبدأ بعملية «العصف الذهني» الذي يشرك فيه الجميع، وهنا دائماً ما يقال بأنك تحتاج لعناصر تمارس «النقد»، تحتاج لعناصر لا تهز الرأس مباشرة دلالة على موافقتها بشأن أي شيء يطرح، بل تحتاج لهذه النوعية من البشر، الذين يمحصون الأمور ويبحثون عن الثغرات فيها، ويبينون لك أين مكمن الخلل.
هؤلاء البشر يمكن الاستفادة منهم لتقييم أي عمل، ولمعرفة مستوى الرضا عنه، وإن اقترن انتقادهم مع إيمانهم بالمصلحة العامة والرغبة في الإصلاح، فإنك ستنجح في الاستفادة من أفضل مستشارين قد تجدهم أمامك. نعم لن تجد أناساً يجاملونك في كل شيء، لن تجد أناساً لا يناقشونك في قراراتك ولا يتكلمون عنها معك بصراحة شفافية. بل ستجد من يقدم لك المشورة الصحيحة، ومن واقع عين المجتمع.
«الناقد» الإيجابي، الراغب في التطوير والتصحيح، هو أفضل من يكون مستشاراً يستشار في أمور تخدم الناس والمجتمع، هذا في حالة كان «مستشاراً يُستشار».
لكن السؤال المهم هنا لا علاقة له بعدد المستشارين في مختلف مواقع العمل، ولا بحقيقة ما يقومون به، بل بعملية اختيارهم، وهل كل شخص يصلح أن يكون مستشاراً، سواء في وزارة أو قطاع ما أو حتى في الشركات الخاصة؟!
هناك رواية تقول بأنه في إحدى البلدات الواعدة التي تتبع الحضارة الرومانية، كان عمدة البلدة يسير ليلاً، فاصطدم برجل بسبب شدة الظلام. قام العمدة بإصدار أمر بأن يسير كل إنسان ومعه مصباح. وفي اليوم الثاني ليلاً اصطدم بنفس الرجل، فقال له: ألم أصدر أمراً بأن تحمل مصباحاً معك؟! فأجاب الرجل: نعم المصباح معي، لكنه خالٍ من الشمع. فأصدر العمدة أمراً بوضع الشمع في المصابيح. وفي الليلة الثالثة اصطدم العمدة بنفس الرجل، فقال له: ألم آمر بأن تحمل المصباح وبداخله الشمع؟! فرد الرجل: نعم، لكنك لم تأمر بإشعال الشمع!
في اليوم التالي أصدر العمدة قراراً بتعيين الرجل ليصوغ قوانين البلد، ولما سألوه عن السبب، أجابه بأن هذا الرجل ينظر لجميع التفاصيل، ويمكنه تفكيك وتركيب الأمور بشكلها الصحيح، وعليه هو أفضل من يقيم كل أمر نود سنه وتشريعه، بحيث يكون محكماً من جميع الجوانب، لا يغفل شيئاً فيه، ولا يترك مجالاً للثغرات.
هنا لو حللنا الموقف، سنجد بأن الرجل الذي اصطدم بالعمدة ثلاث ليالٍ متعاقبة، كانت إجاباته تتضمن نقداً لأساليب طبقت، كان أسلوبه في النقد يكشف في كل مرة عن ثغرة يجب سدها وتفاديها، وكان في طريقة تقديمه للمعلومة يبين بأن هناك معالجات لو نفذت فإن القرارات ستكون متكاملة ومحكمة.
هذا الرجل مارس دور «الناقد»، بحيث كان ينظر للأمور ويبحث عن المشكلة والمعضلة فيها، لكنه لم يتوقف عند دور تقديم النقد وبيان الخلل، بل تعدى ذلك، ومارس دوراً تقدمياً إيجابياً، وتمثل ذلك بتقديم الحلول، وإسداء النصح.
هناك في «علم الإدارة» أنماط عديدة لبناء الاستراتيجيات، واختيار أساليب العمل من حلول ومعالجات، من ضمنها تلك التي تبدأ بعملية «العصف الذهني» الذي يشرك فيه الجميع، وهنا دائماً ما يقال بأنك تحتاج لعناصر تمارس «النقد»، تحتاج لعناصر لا تهز الرأس مباشرة دلالة على موافقتها بشأن أي شيء يطرح، بل تحتاج لهذه النوعية من البشر، الذين يمحصون الأمور ويبحثون عن الثغرات فيها، ويبينون لك أين مكمن الخلل.
هؤلاء البشر يمكن الاستفادة منهم لتقييم أي عمل، ولمعرفة مستوى الرضا عنه، وإن اقترن انتقادهم مع إيمانهم بالمصلحة العامة والرغبة في الإصلاح، فإنك ستنجح في الاستفادة من أفضل مستشارين قد تجدهم أمامك. نعم لن تجد أناساً يجاملونك في كل شيء، لن تجد أناساً لا يناقشونك في قراراتك ولا يتكلمون عنها معك بصراحة شفافية. بل ستجد من يقدم لك المشورة الصحيحة، ومن واقع عين المجتمع.
«الناقد» الإيجابي، الراغب في التطوير والتصحيح، هو أفضل من يكون مستشاراً يستشار في أمور تخدم الناس والمجتمع، هذا في حالة كان «مستشاراً يُستشار».