مسلسل "إلى أبي وأمي مع التحية"، من أحد أنجح المسلسلات في تاريخ الدراما الكويتية، والذي أنتج في جزأين الأول في عام 1979 والثاني 1982، وترك بصمة كبيرة في حقبة الثمانينات والتسعينات، ويعد عملاً فريداً من نوعه مختلفاً في طرحه، حيث ناقش المسلسل عدة مواضيع عائلية اجتماعية هادفة ويعتبر الوحيد الذي قدم معالجات موازية مع المشاكل والقضايا الأسرية بأبعاد تربوية تحت إشراف أساتذة في جامعة الكويت بالتربية، مما أضفى مصداقية وواقعية للمعالجات التي طرحت وطرق تناول المشاكل الاجتماعية.

المسلسل عرض وغطى الكثير من السلوكيات الاجتماعية والمشاكل الأسرية، من مشاكل الزوجين في تربية الأبناء وعلاقة الأبناء مع والديهم، بالإضافة إلى استعراض قضايا الأبناء في عدة مراحلها منها النشأة، الطفولة، المراهقة. وكانت الأسرة الرئيسة "عائلة سعود" محور المسلسل وتضم شخصيات بأعمار متفاوتة، حيث يتم التطرق لقضايا جميع الفئات العمرية التي تحدث في المجتمع ومازالت تحدث حتى يومنا هذا.

وهنا فرصة لاستذكار الفنان الراحل خالد النفيسي عملاق الدراما الخليجية والذي أضاف بشخصيته المميزة الفريدة في دور الأب "سعود" حتى كنا نرى فيه الأب المثالي لكل الأبناء.

يومنا هذا، والذي افتقدنا فيه للعمل الدرامي الهادف أو القصة ذات العبرة، إن العمل في هذه الأيام لا يتعدى العمل الاستثماري حيث تنسج القصة والأحداث بشكل إغرائي تشويقي بعيدة كل البعد عن أي هدف اجتماعي أو تربوي كما يدعي منتجو هذه المسلسلات. المسلسلات حالياً فيها قصة الأب صاحب الشركة الذي نهب ورث إخوانه وزوجته مسرفة وأبناؤها بين العاق والمدمن والنصاب الذي في الأخير ينهب شركة والده الذي يصاب بالسكتة القلبية حين يجد زوجته بالسر مع ابن خالها الذي كانت تحبه، وفي الحلقة الأخيرة يموت الشرير ويسجن الحرامي ويصاب المدمن بحادث!! جميع هذه المسلسلات تسير بنفس النهج 29 حلقة ظلم وقهر وفي الحلقة الأخيرة تصطلح جميع الأمور.

مجتمعاتنا في الخليج ليست كما يصور لها في هذه المسلسلات، لسنا كلنا أصحاب الشركات وليس في كل بيت مدمن وليس في كل أسرة أخ ينهب ورث إخوانه، الحياة الواقعية في مجتمعنا ليست هكذا، والحياة تحمل الكثير من القصص والوفاء والكفاح والعبر التي تستحق تسليط الضوء عليها فلماذا التركيز على قضية واحدة في جميع المسلسلات؟

المشاهد الخليجي والعربي متعطش للأعمال التي تلم شمل الأسرة وتستحق المتابعة، المسلسل الهادف هو وسيلة للتسلية ووسيلة لتلقين الأبناء القيم والعادات الأصيلة، كما عرضها مسلسل "إلى أبي وأمي مع التحية".

سيدة الشاشة الخليجية الفنانة حياة الفهد، الفنان القدير عبدالرحمن العقل والفنانة القديرة هدى حسين، نتمنى أن نراكم في عمل يجمعكم ببقية زملائكم في المسلسل القديم وأن تحيوا هذا العمل من جديد بنفس الأفكار التربوية في جزء ثالث فيه الجدة والأب والأم والعمة والعم، وأن تعيدوا للدراما الخليجية بشكل عام والكويتية بشكل خاص قيمتها وتقديرها الذي كانت فيه في تلك الحقبة.

أنا وأي بحريني نتمنى أن تكون بلادنا البحرين صاحبة هذه المبادرة أو تكون شريكاً مع نخبة خليجية وعربية في إنتاج عمل مدروس وهادف يذكر حتى 20 سنة قادمة. وتكون مبادرة تعيد وتصحح مفهوم العمل الدرامي الاجتماعي التائه عن مساره.