هذا المقال يتطلب من القارئ الكريم تركيزاً شديداً، حيث سأتحدث عن حوارنا مع الغرب أي الدول الأوروبية ودول أمريكا الشمالية وأخرى ذات طابعٍ أوروبي كأستراليا. فقد عقدت عدة مؤتمرات خلال عقودٍ من الزمن تتركز على التسامح بين الشعوب والأديان وتعزيز التعايش السلمي. وبالرغم من أن أجواء تلك الفعاليات اتسمت بالإيجابية، إلا أن هناك عناصر مفقودة في تلك الحوارات.
والحوار يعني المصارحة وعدم الهروب من الحديث عن واقعٍ مرير، إذ لابد من وجود عناصر واضحة حتى يكون الحوار مجدياً. فالفعاليات التي تنظم حوارات بين الدول والشعوب يجب أن تحدد الأطراف أو الكتل الرئيسة التي تمثل اتجاهات أو أفكاراً معينة وكذلك المسائل التي تعيق التواصل الفكري بين الشرق والغرب والتي من شأنها أن تنعكس على الجوانب الإنسانية والسياسية والاقتصادية للروابطبين الأمم. فإذا أردنا أن ندخل في حوارات مجدية مع الغرب، فهل نحاورهم كعرب أو كمسلمين أو ككتلةٍ تضم دولاً أو شعوباً تشترك في المبادئ والقيم؟
بما أنني شخصٌ عاش فترةً من الزمن في الغربة لغرض التحصيل العلمي، وشارك في عدة مؤتمرات في الخارج كاجتماعات مجلس حقوق الإنسان بجنيف بالإضافة إلى مؤتمر حوار الحضارات في عام 2014 ومؤتمر حوار المنامة في عام 2017، فإن مثل تلك التجارب مكنتني من الإطلاع عن كثب على تجارب الدول والتعرف على مواطن القوة والضعف لديها.
ويؤسفني القول إنه وبالرغم من وجود عادات مذمومة أو غير مألوفة في المجتمعات الغربية، إلا أن ثقافة الانضباط منتشرة في تلك المجتمعات أكثر من مجتمعاتنا. وقد قطعت الدول الغربية شوطاً كبيراً في عمليات التخطيط التنموي، بينما تجد أن هناك دولٌ تفتقر إلى ذلك لأسبابٍ عدة من بينها: تشعب المرجعيات القيادية ودوائر صنع القرار، وعدم وجود مشروعات كاملة أو مكتملة العناصر، وأن الفرد أصبح أقوى من الدولة وهذا بحد ذاته مصيبة، إذ أن الفرد لما لديه من كرامةٍ وحقوق يعد النواة لتشكيل المجتمع والدولة.
وهذا لا يعني أن المجتمعات الغربية مجتمعات ملائكية، فالدول الغربية التي تتباهى بما لديها من تقدمٍ تنموي وتقني وفكري تحاول بشتى الطرق فرض المفاهيم السائدة لديها على الدول الأخرى ومنها ما يتعلق بحقوق الإنسان وأسلوب إدارة الدولة حتى لو كانت تلك المفاهيم تتنافى مع تعاليم ديننا الحنيف، علماً بأن بعض الدول الغربية لديها تاريخٌ أسود من خلال الاستعمار وارتكاب جرائم ضد الإنسانية ونهب ثروات ومقدرات الدول التي استعمرتها أو أخضعتها بشكلٍ أو آخر إلى سيادتها.
وسيدرك القارئ الكريم أن عدداً ليس بالقليل من المعاهدات والإعلانات المهمة التي اعتمدت في نطاق الأمم المتحدة ذات أبعادٍ سياسية وتعكس وجهة نظر الدول المنتصرة في الحرب العالمية الثانية. فلو تم مثلاً إقرار الإعلان العالمي لحقوق الإنسان خلال الفترة ما بعد عام 1975 -أي بعد نيل عددٍ كبيرٍ من الدول استقلاها واعتماد اللغة العربية لغةً رسمية في الأمم المتحدة- لأصبحت صيغة هذا الإعلان ومفاهيمه وآلية ومبررات مراقبة الدول لضمان صون حقوق الإنسان مختلفة، وذلك لوجود كتلٍ تمثل أفكارٍ وتوجهات متنوعة.
ومع ذلك، فإنني أشدد على أهمية بناء علاقات دبلوماسية «ثنائية» طبيعية مع الدول تكون مبنية على المصالح المشتركة على أن تحترم كل دولة سيادة الدولة الأخرى ولا تتدخل في شؤونها الداخلية، وأن يصب التعاون والانفتاح المتبادلين -دون التغاضي عن الحقائق المبينة سلفاً- في صالح البلدين وللبشرية عامةً إن أمكن ذلك، ويكون مدخلاً لتوضيح الصورة الحقيقية للإسلام للأوساط الشعبية في الدول ومن ثم نشره.
{{ article.visit_count }}
والحوار يعني المصارحة وعدم الهروب من الحديث عن واقعٍ مرير، إذ لابد من وجود عناصر واضحة حتى يكون الحوار مجدياً. فالفعاليات التي تنظم حوارات بين الدول والشعوب يجب أن تحدد الأطراف أو الكتل الرئيسة التي تمثل اتجاهات أو أفكاراً معينة وكذلك المسائل التي تعيق التواصل الفكري بين الشرق والغرب والتي من شأنها أن تنعكس على الجوانب الإنسانية والسياسية والاقتصادية للروابطبين الأمم. فإذا أردنا أن ندخل في حوارات مجدية مع الغرب، فهل نحاورهم كعرب أو كمسلمين أو ككتلةٍ تضم دولاً أو شعوباً تشترك في المبادئ والقيم؟
بما أنني شخصٌ عاش فترةً من الزمن في الغربة لغرض التحصيل العلمي، وشارك في عدة مؤتمرات في الخارج كاجتماعات مجلس حقوق الإنسان بجنيف بالإضافة إلى مؤتمر حوار الحضارات في عام 2014 ومؤتمر حوار المنامة في عام 2017، فإن مثل تلك التجارب مكنتني من الإطلاع عن كثب على تجارب الدول والتعرف على مواطن القوة والضعف لديها.
ويؤسفني القول إنه وبالرغم من وجود عادات مذمومة أو غير مألوفة في المجتمعات الغربية، إلا أن ثقافة الانضباط منتشرة في تلك المجتمعات أكثر من مجتمعاتنا. وقد قطعت الدول الغربية شوطاً كبيراً في عمليات التخطيط التنموي، بينما تجد أن هناك دولٌ تفتقر إلى ذلك لأسبابٍ عدة من بينها: تشعب المرجعيات القيادية ودوائر صنع القرار، وعدم وجود مشروعات كاملة أو مكتملة العناصر، وأن الفرد أصبح أقوى من الدولة وهذا بحد ذاته مصيبة، إذ أن الفرد لما لديه من كرامةٍ وحقوق يعد النواة لتشكيل المجتمع والدولة.
وهذا لا يعني أن المجتمعات الغربية مجتمعات ملائكية، فالدول الغربية التي تتباهى بما لديها من تقدمٍ تنموي وتقني وفكري تحاول بشتى الطرق فرض المفاهيم السائدة لديها على الدول الأخرى ومنها ما يتعلق بحقوق الإنسان وأسلوب إدارة الدولة حتى لو كانت تلك المفاهيم تتنافى مع تعاليم ديننا الحنيف، علماً بأن بعض الدول الغربية لديها تاريخٌ أسود من خلال الاستعمار وارتكاب جرائم ضد الإنسانية ونهب ثروات ومقدرات الدول التي استعمرتها أو أخضعتها بشكلٍ أو آخر إلى سيادتها.
وسيدرك القارئ الكريم أن عدداً ليس بالقليل من المعاهدات والإعلانات المهمة التي اعتمدت في نطاق الأمم المتحدة ذات أبعادٍ سياسية وتعكس وجهة نظر الدول المنتصرة في الحرب العالمية الثانية. فلو تم مثلاً إقرار الإعلان العالمي لحقوق الإنسان خلال الفترة ما بعد عام 1975 -أي بعد نيل عددٍ كبيرٍ من الدول استقلاها واعتماد اللغة العربية لغةً رسمية في الأمم المتحدة- لأصبحت صيغة هذا الإعلان ومفاهيمه وآلية ومبررات مراقبة الدول لضمان صون حقوق الإنسان مختلفة، وذلك لوجود كتلٍ تمثل أفكارٍ وتوجهات متنوعة.
ومع ذلك، فإنني أشدد على أهمية بناء علاقات دبلوماسية «ثنائية» طبيعية مع الدول تكون مبنية على المصالح المشتركة على أن تحترم كل دولة سيادة الدولة الأخرى ولا تتدخل في شؤونها الداخلية، وأن يصب التعاون والانفتاح المتبادلين -دون التغاضي عن الحقائق المبينة سلفاً- في صالح البلدين وللبشرية عامةً إن أمكن ذلك، ويكون مدخلاً لتوضيح الصورة الحقيقية للإسلام للأوساط الشعبية في الدول ومن ثم نشره.