يبدو لي أننا نواجه تقديراً معكوساً للعلوم في مجتمعاتنا العربية، أو أننا ربما لا نُقدّر العلوم بما يكفي بوجه عام، أحياناً نظن أن المجتمعات العربية تمنح المجالات العلمية كالفيزياء والأحياء، أو التقنية كتكنولوجيا المعلومات ومؤخراً الذكاء الاصطناعي، أهمية وأولوية بالغة على العلوم الإنسانية كعلم الاجتماع وعلم النفس والعلوم السياسية وغيرها. والحق يقال، أنه وقياساً بالمجتمعات المتقدمة، فإن بلادنا العربية تعاني تراجعاً معيباً في العناية بكل أنواع التخصصات، وغالباً ما تتعاطى معها بمنظور المستهلك لا المنتج أو المنظر أو المُحدّث، إلاَّ عبر تلك الشطحات الشخصية التي يتبوؤها بعض المختصين والعلماء العرب في مواجهات تيارات الإحباط واللامبالاة من بلدانهم.
ولكني مازلت على نفس الرأي بدرجة التفاضل التي تقيمها البلدان العربية بين التخصصات العلمية والإنسانية، الأمر المتمثل في وفرة فرص العمل مثلاً للتخصصات العلمية بينما يغيب عن كثير من المؤسسات أهمية الحاجة للعلوم الإنسانية فضلاً عن إمكانية توفير فرصة العمل لها. إن المؤسف حقاً ليس ألا تؤمن البلدان والمؤسسات بالعلوم الإنسانية وحسب، بل ألاّ تعي أهمية الحاجة إليها، والكارثة كامنة في أن كثيراً من القائمين على وضع الشواغر أو تصنيف الوظائف في المؤسسات الحكومية والخاصة لا يفقهون ما يكفي عمّا يمكن لبعض التخصصات الإنسانية من تقديمه لهم، وعلم الاجتماع من الأمثلة الشاخصة على ذلك، عندما يسأل كثير من العاملين في أقسام التوظيف والموارد البشرية في المؤسسات، ما تخصص علم الاجتماع وما الذي يقدمه؟!!
أحياناً أسئلة كهذه تجعل سائلها ومستخدمها مدعاة للشفقة، ولكن يلقي باللوم أيضاً على مجلس إدارة جامعة البحرين، المكون من عدة وزراء من بينهم مثلاً وزير العمل، الذي لم يمهد بدوره للأسف لانخراط هذا التخصص في سوق العمل بما يكفي، وذلك من خلال التعريف بالتخصص وأهميته للمؤسسات -على أقل تقدير الكبيرة منها. ومن المؤسف أن يتم التوافق على طرح هذا البرنامج الأكاديمي وأشباهه سنوياً من دون دراسة احتياجات سوق العمل الفعلية أو تبيان مدى الحاجة لها لاستحداث شواغر في مجالات غير مطروقة من ذي قبل.
إن المؤسف أيضاً، أنه حتى تلك المؤسسات التي حملت على عاتقها مسؤولية توظيف بعض من خريجي هذا التخصص، لم تمنحهم ما يستحقون من درجات تخصصية أو من فرص للترقيات في العمل أو مستوى معين من الرواتب والأجور التي قد يحظى بها آخرون من تخصصات علمية سمحت لهم بالتطور والارتقاء أكثر، فقط لإيمان البلدان العربية ومؤسساتها بالتخصص.
* اختلاج النبض:
إن التطور الهائل في المجتمعات العربية على مقاييس عدة، وما يرافقه من ثورة تقنية، باتا يستلزمان الالتفات الجاد لأهمية التخصصات الإنسانية وخصوصاً علم الاجتماع، لحل كثير من المشكلات الاجتماعية التي قد تتحول لأزمات حقيقية يصعب حلها بعد تفاقمها. ولكن قبل ذلك.. مازال الطريق أمامنا طويلاً لإعطاء تلك العلوم حقها وفرصتها في تبوء مكانتها الحقيقية من المجتمعات العربية.
{{ article.visit_count }}
ولكني مازلت على نفس الرأي بدرجة التفاضل التي تقيمها البلدان العربية بين التخصصات العلمية والإنسانية، الأمر المتمثل في وفرة فرص العمل مثلاً للتخصصات العلمية بينما يغيب عن كثير من المؤسسات أهمية الحاجة للعلوم الإنسانية فضلاً عن إمكانية توفير فرصة العمل لها. إن المؤسف حقاً ليس ألا تؤمن البلدان والمؤسسات بالعلوم الإنسانية وحسب، بل ألاّ تعي أهمية الحاجة إليها، والكارثة كامنة في أن كثيراً من القائمين على وضع الشواغر أو تصنيف الوظائف في المؤسسات الحكومية والخاصة لا يفقهون ما يكفي عمّا يمكن لبعض التخصصات الإنسانية من تقديمه لهم، وعلم الاجتماع من الأمثلة الشاخصة على ذلك، عندما يسأل كثير من العاملين في أقسام التوظيف والموارد البشرية في المؤسسات، ما تخصص علم الاجتماع وما الذي يقدمه؟!!
أحياناً أسئلة كهذه تجعل سائلها ومستخدمها مدعاة للشفقة، ولكن يلقي باللوم أيضاً على مجلس إدارة جامعة البحرين، المكون من عدة وزراء من بينهم مثلاً وزير العمل، الذي لم يمهد بدوره للأسف لانخراط هذا التخصص في سوق العمل بما يكفي، وذلك من خلال التعريف بالتخصص وأهميته للمؤسسات -على أقل تقدير الكبيرة منها. ومن المؤسف أن يتم التوافق على طرح هذا البرنامج الأكاديمي وأشباهه سنوياً من دون دراسة احتياجات سوق العمل الفعلية أو تبيان مدى الحاجة لها لاستحداث شواغر في مجالات غير مطروقة من ذي قبل.
إن المؤسف أيضاً، أنه حتى تلك المؤسسات التي حملت على عاتقها مسؤولية توظيف بعض من خريجي هذا التخصص، لم تمنحهم ما يستحقون من درجات تخصصية أو من فرص للترقيات في العمل أو مستوى معين من الرواتب والأجور التي قد يحظى بها آخرون من تخصصات علمية سمحت لهم بالتطور والارتقاء أكثر، فقط لإيمان البلدان العربية ومؤسساتها بالتخصص.
* اختلاج النبض:
إن التطور الهائل في المجتمعات العربية على مقاييس عدة، وما يرافقه من ثورة تقنية، باتا يستلزمان الالتفات الجاد لأهمية التخصصات الإنسانية وخصوصاً علم الاجتماع، لحل كثير من المشكلات الاجتماعية التي قد تتحول لأزمات حقيقية يصعب حلها بعد تفاقمها. ولكن قبل ذلك.. مازال الطريق أمامنا طويلاً لإعطاء تلك العلوم حقها وفرصتها في تبوء مكانتها الحقيقية من المجتمعات العربية.