حين قرأنا قبل أسابيع عن التحالف العسكري البحري الجديد بقيادة واشنطن لأمن الخليج استبشرنا خيراً، لكن تفاصيل المهمة البحرية سنتينل "Operation Sentinel" أظهرت غباء استراتيجياً لا اسم له، فقد صرحت علناً أن المهمة تشمل مياه الخليج، مروراً بمضيق هرمز نحو بحر عمان ووصولاً إلى باب المندب فقط. فكيف تجاوز المخطط العسكري أن البحر الأحمر في الكتابات الاستراتيجية هو الجناح الغربي للخليج "Western flank" وإغلاق باب المندب أو قناة السويس يعني توقف تصدير نفطنا لأوروبا وأمريكا. فالبحر الأحمر يسمى البحيرة العربية "Arabian lake"، وهو ساحة تنافس معلنة بين الدول العربية والمحيطة به، وتنافس بين دوله العربية فيما بينها، بل وبين الدول الخليجية نفسها أيضاً. مما يدفعنا إلى التأكيد على أن البحر الأحمر مصلحة خليجية دوافعها كثيرة توجب التحرك ومنها:
- الاستثمار الخليجي العسكري في البحر الأحمر قديم، ليس لأن سفننا الحربية تمخر عبابه مؤخراً، بل لأن التواجد الخليجي في البر الأفريقي المقابل يعود إلى التسعينات، فقد شاركت الكويت ودول خليجية تحت مظلة الأمم المتحدة في الصومال 1992، كما قاد الخليجيون طوال عقدين قوات الواجب المجمعة، Combined Task Force 151 المكلفة بأمن البحر الأحمر.
- هناك فراغ يتشكل جراء انصراف واشنطن المعلن عن المنطقة برمتها تاركة الصين ومشروعها الطريق والحزام ليضم البحر الأحمر. مما يوجب قفزة خليجية كدول صاعدة، تعزز تحالفاتها ونفوذها.
- لم تكتفِ طهران بالتهديد بإغلاق هرمز بل بالقفز لمساعدة الحوثيين في باب المندب بسفينة التجسس الإيرانية "سافيز" ودعمهم للهجوم الحوثي على الملاحة بواسطة مركب موجه عن بعد، أو بالصواريخ أو نشر الألغام البحرية.
- لقد أصبحت شواطئ البحر الأحمر مرصعة بقواعد أجنبية داخل قواعد أجنبية، فالأمريكان يستضيفون البريطانيين، والفرنسيون يستضيفون الألمان والإسبان، حتى قيل إن الدول الخمس في مجلس الأمن تحت سقف واحد في أفريقيا لا يفصل بين قواعدهم إلا أميال قليلة.
- أهم دوافع التواجد الخليجي في البحر الأحمر هو تلافي تحوله لثغرة أمنية سعتها 2000 كم، يشمل التهريب من خلالها الفحم الذي يمول الإرهاب، والسلاح، وتهريب البشر.
- الدوافع الاقتصادية تتعدى استكشافات الغاز المعلن عنها من قبل السعودية ومصر -التي بنت قواعد "راس بناس" في برنيس أو قاعدة "شرق بورسعيد" البحرية- بل تشمل الاستثمارات الكبرى كإدارة الموانئ وإقامة البنى الأساسية والزراعة بتجاوز لمفهوم دبلوماسية آلة الصرافة الخليجية "The Gulf’sATM diplomacy".
تعاني دول البحر الأحمر الأفريقية من عدم الاستقرار، ومخطئ من يراه بحيرة هادئة، فسفن الصيد الجائر تدفع الأفريقيين للقرصنة، وخلافات الحدود في شماله كما هي في حنيش في جنوبه، وزيادة المشاركة السياسية والاقتصادية والأمنية لدول الخليج في البحر الأحمر ليست خياراً بل هي تحرك واجب.
* بالعجمي الفصيح:
لقد طالت شراكات مجلس التعاون الاستراتيجية أصقاعاً بعيدة، وتجاهل المجلس اقتراح تشكيل ولو مجموعة عمل للأمن في مضيق باب المندب، ولعل قيام كيان البحر الأحمر خطوة إيجابية لكنها مازالت قاصرة إذا لم تكن هناك رؤية خليجية موحدة لأمن البحر الأحمر، كامتداد لأمن الخليج.
* كاتب وأكاديمي كويتي
z4alajmi@
- الاستثمار الخليجي العسكري في البحر الأحمر قديم، ليس لأن سفننا الحربية تمخر عبابه مؤخراً، بل لأن التواجد الخليجي في البر الأفريقي المقابل يعود إلى التسعينات، فقد شاركت الكويت ودول خليجية تحت مظلة الأمم المتحدة في الصومال 1992، كما قاد الخليجيون طوال عقدين قوات الواجب المجمعة، Combined Task Force 151 المكلفة بأمن البحر الأحمر.
- هناك فراغ يتشكل جراء انصراف واشنطن المعلن عن المنطقة برمتها تاركة الصين ومشروعها الطريق والحزام ليضم البحر الأحمر. مما يوجب قفزة خليجية كدول صاعدة، تعزز تحالفاتها ونفوذها.
- لم تكتفِ طهران بالتهديد بإغلاق هرمز بل بالقفز لمساعدة الحوثيين في باب المندب بسفينة التجسس الإيرانية "سافيز" ودعمهم للهجوم الحوثي على الملاحة بواسطة مركب موجه عن بعد، أو بالصواريخ أو نشر الألغام البحرية.
- لقد أصبحت شواطئ البحر الأحمر مرصعة بقواعد أجنبية داخل قواعد أجنبية، فالأمريكان يستضيفون البريطانيين، والفرنسيون يستضيفون الألمان والإسبان، حتى قيل إن الدول الخمس في مجلس الأمن تحت سقف واحد في أفريقيا لا يفصل بين قواعدهم إلا أميال قليلة.
- أهم دوافع التواجد الخليجي في البحر الأحمر هو تلافي تحوله لثغرة أمنية سعتها 2000 كم، يشمل التهريب من خلالها الفحم الذي يمول الإرهاب، والسلاح، وتهريب البشر.
- الدوافع الاقتصادية تتعدى استكشافات الغاز المعلن عنها من قبل السعودية ومصر -التي بنت قواعد "راس بناس" في برنيس أو قاعدة "شرق بورسعيد" البحرية- بل تشمل الاستثمارات الكبرى كإدارة الموانئ وإقامة البنى الأساسية والزراعة بتجاوز لمفهوم دبلوماسية آلة الصرافة الخليجية "The Gulf’sATM diplomacy".
تعاني دول البحر الأحمر الأفريقية من عدم الاستقرار، ومخطئ من يراه بحيرة هادئة، فسفن الصيد الجائر تدفع الأفريقيين للقرصنة، وخلافات الحدود في شماله كما هي في حنيش في جنوبه، وزيادة المشاركة السياسية والاقتصادية والأمنية لدول الخليج في البحر الأحمر ليست خياراً بل هي تحرك واجب.
* بالعجمي الفصيح:
لقد طالت شراكات مجلس التعاون الاستراتيجية أصقاعاً بعيدة، وتجاهل المجلس اقتراح تشكيل ولو مجموعة عمل للأمن في مضيق باب المندب، ولعل قيام كيان البحر الأحمر خطوة إيجابية لكنها مازالت قاصرة إذا لم تكن هناك رؤية خليجية موحدة لأمن البحر الأحمر، كامتداد لأمن الخليج.
* كاتب وأكاديمي كويتي
z4alajmi@