أحياناً، وحين تسمع بعض حوادث العنف المرعبة ضد النساء، لا تصدق أنك تعيش في القرن الحادي والعشرين. آخر تلك الحوادث، وليست آخرها، ما صار يعرف في الأردن بحادثة عيون فاطمة. حيث نشب شجار عائلي بين رجل وزوجته وهددها إما بقتلها أمام أطفالها، أو قتل الأطفال أمام عينيها، ولكن الشجار تطور ليعتدي عليها جسدياً، ويقتلع عينيها واحدة بعد الأخرى أمام الأطفال.
تشير نتائج آخر الدراسات التي تعدها المنظمات الدولية إلى أن العنف ضد المرأة يزداد ولا يقل. وهو ليس حكراً على دول دون الأخرى، ولا على ثقافات دون أخرى. ولا على طبقة اجتماعية دون الأخرى. ولكن الفارق في التفاوت فحسب. تشير إحدى الدراسات المهمة، التي طبقت على دول كثيرة في العالم، إلى أن 35% من النساء يقضين حياتهن خاضعات للعنف. وأن 70% من النساء قد مررن بتجارب عنف. ولم تطلب المساعدة سوى 44% من النساء فقط. و10% منهن فقط لجأن للجهات الأمنية لحمايتهن من العنف. وبينت الدراسة كذلك أن 70% من العنف الذي تواجهه النساء والطفلات الصغيرات مصدره أفراد الأسرة المقربين. وأن ممارسات العنف الأسري تتنوع من جرائم اغتصاب المحارم إلى الاعتداءات الجسدية إلى الإهانات اللفظية إلى الزواج في سن صغيرة أو الإرغام على الزواج. وكذلك جرائم القتل لأسباب متعددة.
أما الـ30% الأخرى من ممارسة العنف غير الأسري فتحظى الصراعات السياسية بالنصيب الأكبر منها. تليها ظروف الفقر التي تنزلق فيها المرأة لأنواع العمل القاسي أو الدعارة أو السقوط بين عصابات الاتجار بالبشر.
ومن المعلوم أن هذه النسب المروعة هي نسب افتراضية لحوادث تمكنت المنظمات الحقوقية من رصدها بعد الإعلان عنها. أما المسكوت عنه من الحوادث والانتهاكات فهو يفوق هذه النسب بأضعاف كثيرة، خصوصاً في المجتمعات الشرقية. إذ تسود فيها قناعات بأن ممارسة الرجل للعنف هو شكل من أشكال التعبير عن «الشرف والحمية» التي تشكل مفهوم «الرجولة»، وأنه سلوك لا يترتب عليه لوم من أحد. كما تذعن المرأة، في نطاق الثقافة الشرقية، للصمت حفاظاً على سمعتها وسمعة العائلة. حيث إن الشبهات دائماً ستحوم حولها، كما لا يجوز الشكوى ضد رجال العائلة.
الإشكالية الأخرى أن التشريعات الخاصة بالاعتداءات ضد المرأة غير كافية ومنصفة. حيث يجري كثيراً التغاضي عن الاعتداءات العائلية. ويتم التفاهم حول «لملمة» الاعتداءات غير العائلية، مثل إسقاط العقوبة عن المغتصب في حال قبوله الزواج من الضحية. أو تنازل المرأة عن الشكوى ضد الرجل خوفاً من «الفضيحة»، مما يثبت موقع المرأة في الرتبة الدنيا من المجتمع التي بإمكان الآخرين القفز على حقوقها والإضرار بها. وهذا جزء من الواقع الذي يعوق تقدم دولنا نحو الحداثة، إذ إن التحدي الحقيقي لتطور بلداننا يكمن في تجاوز الثقافة التقليدية التي لا تؤمن بالحقوق ولا بالمساواة ولا بالإنسانية المتكافئة للمرأة مع الرجل.
لذلك، وتزامناً مع اليوم العالمي لمناهضة العنف ضد المرأة، وبمناسبة الاحتفال بيوم المرأة البحرينية، فإن دوراً كبيراً يقع على المؤسسات التعليمية وعلى مؤسسات المجتمع المدني في توعية النساء، أولاً، بعدم الصمت عن العنف الممارس ضدهن ومواجهته والتقدم بالشكوى القانونية بشأنه. والضغط من أجل تعديل التشريعات الخاصة بالعنف ضد المرأة لتغليظها واعتبارها شكلاً من أشكال تهديد الأمن العام وانتهاكاً لحقوق الإنسان.
تشير نتائج آخر الدراسات التي تعدها المنظمات الدولية إلى أن العنف ضد المرأة يزداد ولا يقل. وهو ليس حكراً على دول دون الأخرى، ولا على ثقافات دون أخرى. ولا على طبقة اجتماعية دون الأخرى. ولكن الفارق في التفاوت فحسب. تشير إحدى الدراسات المهمة، التي طبقت على دول كثيرة في العالم، إلى أن 35% من النساء يقضين حياتهن خاضعات للعنف. وأن 70% من النساء قد مررن بتجارب عنف. ولم تطلب المساعدة سوى 44% من النساء فقط. و10% منهن فقط لجأن للجهات الأمنية لحمايتهن من العنف. وبينت الدراسة كذلك أن 70% من العنف الذي تواجهه النساء والطفلات الصغيرات مصدره أفراد الأسرة المقربين. وأن ممارسات العنف الأسري تتنوع من جرائم اغتصاب المحارم إلى الاعتداءات الجسدية إلى الإهانات اللفظية إلى الزواج في سن صغيرة أو الإرغام على الزواج. وكذلك جرائم القتل لأسباب متعددة.
أما الـ30% الأخرى من ممارسة العنف غير الأسري فتحظى الصراعات السياسية بالنصيب الأكبر منها. تليها ظروف الفقر التي تنزلق فيها المرأة لأنواع العمل القاسي أو الدعارة أو السقوط بين عصابات الاتجار بالبشر.
ومن المعلوم أن هذه النسب المروعة هي نسب افتراضية لحوادث تمكنت المنظمات الحقوقية من رصدها بعد الإعلان عنها. أما المسكوت عنه من الحوادث والانتهاكات فهو يفوق هذه النسب بأضعاف كثيرة، خصوصاً في المجتمعات الشرقية. إذ تسود فيها قناعات بأن ممارسة الرجل للعنف هو شكل من أشكال التعبير عن «الشرف والحمية» التي تشكل مفهوم «الرجولة»، وأنه سلوك لا يترتب عليه لوم من أحد. كما تذعن المرأة، في نطاق الثقافة الشرقية، للصمت حفاظاً على سمعتها وسمعة العائلة. حيث إن الشبهات دائماً ستحوم حولها، كما لا يجوز الشكوى ضد رجال العائلة.
الإشكالية الأخرى أن التشريعات الخاصة بالاعتداءات ضد المرأة غير كافية ومنصفة. حيث يجري كثيراً التغاضي عن الاعتداءات العائلية. ويتم التفاهم حول «لملمة» الاعتداءات غير العائلية، مثل إسقاط العقوبة عن المغتصب في حال قبوله الزواج من الضحية. أو تنازل المرأة عن الشكوى ضد الرجل خوفاً من «الفضيحة»، مما يثبت موقع المرأة في الرتبة الدنيا من المجتمع التي بإمكان الآخرين القفز على حقوقها والإضرار بها. وهذا جزء من الواقع الذي يعوق تقدم دولنا نحو الحداثة، إذ إن التحدي الحقيقي لتطور بلداننا يكمن في تجاوز الثقافة التقليدية التي لا تؤمن بالحقوق ولا بالمساواة ولا بالإنسانية المتكافئة للمرأة مع الرجل.
لذلك، وتزامناً مع اليوم العالمي لمناهضة العنف ضد المرأة، وبمناسبة الاحتفال بيوم المرأة البحرينية، فإن دوراً كبيراً يقع على المؤسسات التعليمية وعلى مؤسسات المجتمع المدني في توعية النساء، أولاً، بعدم الصمت عن العنف الممارس ضدهن ومواجهته والتقدم بالشكوى القانونية بشأنه. والضغط من أجل تعديل التشريعات الخاصة بالعنف ضد المرأة لتغليظها واعتبارها شكلاً من أشكال تهديد الأمن العام وانتهاكاً لحقوق الإنسان.