حتى لو التزمنا جميعاً كمواطنين بالإرشادات والإجراءات الوقائية التي تدعو لها الدولة في سبيل الوقاية من تفشي فيروس «كورونا»، فإن عنصر المعادلة الآخر الذي قد يخل بكل هذه الجهود يتمثل بوضع العمالة الوافدة، ومدى التزامها هي بهذه الإرشادات والإجراءات!
قلنا في البداية إن حملات التوعية لن تجد صعوبة في نشر رسائلها وهدفها في صفوف المواطنين، لأن النسبة الغالبة بينت تفاعلها الإيجابي على الفور، والتزمت بالإرشادات، ويفترض أن يكون الوصول إليها سهلاً، وعليه فإن الأكثر أهمية كان ضرورة تكثيف الحملات التوعوية الموجهة للعمالة الأجنبية، وهذا ما تم أيضاً بشكل إعلامي وميداني. وبلغات هذه الفئات.
لكن الفارق يتمثل في عوامل أخرى محددة، هي التي تفصل بين وضعية المواطنين والعمالة، وتجعل التعامل والاحتواء بالنسبة للنوع الثاني أصعب جداً.
على سبيل المثال، حينما يتم توجيه الناس إلى الجلوس في بيوتهم وعدم الخروج لتجنب التجمعات والمخالطة، فإن هذا الأمر سيكون ممكناً لكثير من العائلات التي تعيش في بيوتها وأماكنها الخاصة، باستثناء العوائل كبيرة العدد التي تعيش في مسكن واحد، وهي التي يتوجب عليها مزيد من الحرص، لكن في المقابل حين توجه نفس الإرشادات للعمالة الأجنبية، فالسؤال كيف سيلزمون أماكن سكنهم بحيث يتجنبون التجمعات والمخالطة، في حين أن أماكن سكنهم هي نفسها بؤرة للاختلاط والتجمع؟! والجميع يعرف في البحرين حالة السكن الجماعي للعمالة، وكيف أن الشقة الواحدة قد يسكنها عشرة أو أكثر.
لذلك فإن سكن العمال مشكلة أساسية، وعملية تخصيص بعض المدارس لوضع العمال فيها قد تكون حلاً، لكن الشرح المفصل بشأنها واجب أيضاً، فكيف ستكون الطريقة؟ وكيف ستكون الإجراءات؟ وهل سيوضع فيها المصابون حتى يتم ضمان عزلهم، أم ستوزع عليها أعداد العمالة بهدف السيطرة على الاكتظاظ في أماكن سكنهم الفعلية؟! وماذا عن العمال المستمرين في أعمالهم، كيف ستعالج مسألة تنقلاتهم؟! وهل سيستمر عملهم خاصة من هم في النظافة والخدمات المكتبية والحراسات بشكل عادي؟! وهنا نتحدث عن العمالة في القطاعات الحكومية، فوجودهم بات مصدر قلق للموظفين.
ما نتمناه بقوة أن تنجح الدولة في جهودها للتعامل مع ملف العمالة هذا، خاصة مع تزايد تسجيل حالات الإصابات في صفوفهم، والتي حصلت بالضرورة بسبب المخالطة. ونرجو أن نسيطر على الوضع قبل أن يتفاقم.
ما أريد قوله إن التوعية وتطبيق الإجراءات والأخذ بالاحترازات لن تمثل مشكلة بالنسبة إلى المواطنين، لكن العمالة الوافدة لديها أوضاع مقلقة وغير صحية منذ زمن طويل جداً، وليست أوضاعاً طارئة بسبب «كورونا»، وما نقوله هنا ليس سوى توجس من عدم معادلة طرفي المعادلة بين المواطنين والوافدين، إذ وكأن الجهود ستضيع لو التزم المواطنون وأخذوا احتياطاتهم واحترازاتهم، بينما في جانب آخر العمالة الوافدة يأتي من صوبها الخطر بسبب أوضاعها أو ممارساتها أو طرق معيشتها.
نأمل من القائمين على الجهود الوطنية لمكافحة تفشي الفيروس أن ينجحوا في ملف العمالة الوافدة، لأنه ملف يمثل بالفعل نقطة تحول حرجة، ندعو أن تكون للأفضل.
* ملاحظة: حتى كتابة هذه السطور الرقم المتداول لحالات الإصابة بين العمالة الوافدة 629 حالة، والرقم بحد ذاته ينذر، ويدفع للتوجس.
{{ article.visit_count }}
قلنا في البداية إن حملات التوعية لن تجد صعوبة في نشر رسائلها وهدفها في صفوف المواطنين، لأن النسبة الغالبة بينت تفاعلها الإيجابي على الفور، والتزمت بالإرشادات، ويفترض أن يكون الوصول إليها سهلاً، وعليه فإن الأكثر أهمية كان ضرورة تكثيف الحملات التوعوية الموجهة للعمالة الأجنبية، وهذا ما تم أيضاً بشكل إعلامي وميداني. وبلغات هذه الفئات.
لكن الفارق يتمثل في عوامل أخرى محددة، هي التي تفصل بين وضعية المواطنين والعمالة، وتجعل التعامل والاحتواء بالنسبة للنوع الثاني أصعب جداً.
على سبيل المثال، حينما يتم توجيه الناس إلى الجلوس في بيوتهم وعدم الخروج لتجنب التجمعات والمخالطة، فإن هذا الأمر سيكون ممكناً لكثير من العائلات التي تعيش في بيوتها وأماكنها الخاصة، باستثناء العوائل كبيرة العدد التي تعيش في مسكن واحد، وهي التي يتوجب عليها مزيد من الحرص، لكن في المقابل حين توجه نفس الإرشادات للعمالة الأجنبية، فالسؤال كيف سيلزمون أماكن سكنهم بحيث يتجنبون التجمعات والمخالطة، في حين أن أماكن سكنهم هي نفسها بؤرة للاختلاط والتجمع؟! والجميع يعرف في البحرين حالة السكن الجماعي للعمالة، وكيف أن الشقة الواحدة قد يسكنها عشرة أو أكثر.
لذلك فإن سكن العمال مشكلة أساسية، وعملية تخصيص بعض المدارس لوضع العمال فيها قد تكون حلاً، لكن الشرح المفصل بشأنها واجب أيضاً، فكيف ستكون الطريقة؟ وكيف ستكون الإجراءات؟ وهل سيوضع فيها المصابون حتى يتم ضمان عزلهم، أم ستوزع عليها أعداد العمالة بهدف السيطرة على الاكتظاظ في أماكن سكنهم الفعلية؟! وماذا عن العمال المستمرين في أعمالهم، كيف ستعالج مسألة تنقلاتهم؟! وهل سيستمر عملهم خاصة من هم في النظافة والخدمات المكتبية والحراسات بشكل عادي؟! وهنا نتحدث عن العمالة في القطاعات الحكومية، فوجودهم بات مصدر قلق للموظفين.
ما نتمناه بقوة أن تنجح الدولة في جهودها للتعامل مع ملف العمالة هذا، خاصة مع تزايد تسجيل حالات الإصابات في صفوفهم، والتي حصلت بالضرورة بسبب المخالطة. ونرجو أن نسيطر على الوضع قبل أن يتفاقم.
ما أريد قوله إن التوعية وتطبيق الإجراءات والأخذ بالاحترازات لن تمثل مشكلة بالنسبة إلى المواطنين، لكن العمالة الوافدة لديها أوضاع مقلقة وغير صحية منذ زمن طويل جداً، وليست أوضاعاً طارئة بسبب «كورونا»، وما نقوله هنا ليس سوى توجس من عدم معادلة طرفي المعادلة بين المواطنين والوافدين، إذ وكأن الجهود ستضيع لو التزم المواطنون وأخذوا احتياطاتهم واحترازاتهم، بينما في جانب آخر العمالة الوافدة يأتي من صوبها الخطر بسبب أوضاعها أو ممارساتها أو طرق معيشتها.
نأمل من القائمين على الجهود الوطنية لمكافحة تفشي الفيروس أن ينجحوا في ملف العمالة الوافدة، لأنه ملف يمثل بالفعل نقطة تحول حرجة، ندعو أن تكون للأفضل.
* ملاحظة: حتى كتابة هذه السطور الرقم المتداول لحالات الإصابة بين العمالة الوافدة 629 حالة، والرقم بحد ذاته ينذر، ويدفع للتوجس.