هل سمعتم عن مصطلح «الثعالب الإدارية»؟!
هذا المصطلح لن تجدوه موثقاً في «علم الإدارة» كتصنيفات يمكن إسقاطها على أنواع معينة من البشر، لكن على أرض الواقع، هناك بشر يمكن توصيفهم بهذا الوصف، بناء على سلوكات وأفعال معينة.
أولاً، البشر عموماً لا يحبون وصفهم أو تشبيههم بأنواع معينة من الكائنات، رغم أن كثيراً يحبون وصفهم بأنواع معينة كالأسود والنمور والصقور وغيرها، وذلك عطفاً على السمات والخصائص المرتبة بهذه الكائنات، أو ما يشتهر عنها من خواص مثل الشجاعة والقوة وحدة النظر وغيرها، في المقابل ينفرون من توصيفهم بكائنات مشهورة بعادات وسلوكات منبوذة، مثل الثعابين ذات السم الزعاف، أو الضباع التي تشتهر بالغدر وأكل الجيف، أو الثعالب الموسومة بالمكر والخداع.
وانطلاقاً من «الثعلب»، هذا المخلوق الذي تراه في شكله ودوداً، وترى في فروه جمالاً وسعراً غالياً، يمكن القول إننا في أوساطنا الاجتماعية نجد طباعاً كثيرة متأصلة تجعلنا نشبه بعض الأشخاص بالثعالب.
أذكر أنني قبل سنوات طوال، وفي أحد مواقع العمل، فاجأني أحد الزملاء المستجدين بسؤال هذا نصه: أخي العزيز هل توجد «ثعالب» في هذا المكان؟!
نعم يا صديقي، توجد ثعالب، بعضها قد يتقاطع معك في عملك، ويكون له احتكاك بك، وبعضها لا علاقة له بك، إلا لو كتبت لك الظروف أن تصل لمرحلة يرى فيك شخصاً يدخل «حيزه» عنوة، ويشكل له تهديداً.
لنتحدث عن «الثعلب الحقيقي» وبعض صفاته، إذ معروف عنه حدة البصر، وقوة حاسة الشم، وصبره الكبير في الترصد لفريسته، ومناوراته العديدة باستخدام وسائل وطرق متعددة لتحقيق غايته، والأخطر أنها -أي الثعالب- تمتلك قدرة كبيرة في «التكيف» مع البيئة المحيطة بها، فتطوع ممارساتها وسلوكاتها على ما تفرضه البيئة وبالطريقة التي تحقق لها الاستفادة القصوى.
طبعاً الثعالب تؤذي البشر، بالأخص من يمتلكون مزارع لتربية الدواجن وأيضاً ينبتون الخضراوات، لأنها لا تتوانى عن مهاجمتها، خاصة في ساعات الغفلة ودون وجود حراسة.
أعود هنا لتوصيف «الثعالب الإدارية»، إذ في كثير من الأوساط المهنية حول العالم، ستجد هناك أشخاصاً تنطبق عليهم صفات الثعلب، في رصد الآخرين ومراقبتهم، في المراوغة والخداع، وفي التلون واستخدام الحيل، وغالباً لا تجد الثعالب تواجه مواجهة مباشرة، خاصة لو كان الخصم يمتلك قوة كالنمر أو الأسد، لكن يمكن للثعالب التعايش مع الأصناف الأقوى، لو نجحت في كسب ثقتها، أو النقل لها ما يستهويها من معلومات، خاصة لمن يسيطر عليهم هوس المنصب ويتلذذون بقوته.
حاذر من الثعالب، نعم هي نصيحة قيمة، لكن في نفس الوقت لا تكن كالدجاجة التي يفترسها أي ثعلب، ففي النهاية لسنا في غابة تفتقر للقانون والعدالة، بل لم توضع القوانين إلا لتحجيم وردع كل من يتصرف وكأن القطاعات العامة غابات يفعل فيها ما يشاء.
أذكر أن زميلي الذي سألني قبل سنوات، أشار لي لشخص معروف بأنه مصدر أذى للموظفين، لكن للأسف لديه حظوة لدى المسؤول، وقال لي: هذا أحد الثعالب، فماذا عن الذي يمشي وراءه؟!
أجبته وأنا أبتسم: هذا «هجرس» صغير للتو بدأ يتعلم، لكن لا تخف غداً سيتم تعيين مسؤول جديد، هوايته «صيد الثعالب»!
* ملاحظة: الهجرس هو ابن الثعلب الصغير.
{{ article.visit_count }}
هذا المصطلح لن تجدوه موثقاً في «علم الإدارة» كتصنيفات يمكن إسقاطها على أنواع معينة من البشر، لكن على أرض الواقع، هناك بشر يمكن توصيفهم بهذا الوصف، بناء على سلوكات وأفعال معينة.
أولاً، البشر عموماً لا يحبون وصفهم أو تشبيههم بأنواع معينة من الكائنات، رغم أن كثيراً يحبون وصفهم بأنواع معينة كالأسود والنمور والصقور وغيرها، وذلك عطفاً على السمات والخصائص المرتبة بهذه الكائنات، أو ما يشتهر عنها من خواص مثل الشجاعة والقوة وحدة النظر وغيرها، في المقابل ينفرون من توصيفهم بكائنات مشهورة بعادات وسلوكات منبوذة، مثل الثعابين ذات السم الزعاف، أو الضباع التي تشتهر بالغدر وأكل الجيف، أو الثعالب الموسومة بالمكر والخداع.
وانطلاقاً من «الثعلب»، هذا المخلوق الذي تراه في شكله ودوداً، وترى في فروه جمالاً وسعراً غالياً، يمكن القول إننا في أوساطنا الاجتماعية نجد طباعاً كثيرة متأصلة تجعلنا نشبه بعض الأشخاص بالثعالب.
أذكر أنني قبل سنوات طوال، وفي أحد مواقع العمل، فاجأني أحد الزملاء المستجدين بسؤال هذا نصه: أخي العزيز هل توجد «ثعالب» في هذا المكان؟!
نعم يا صديقي، توجد ثعالب، بعضها قد يتقاطع معك في عملك، ويكون له احتكاك بك، وبعضها لا علاقة له بك، إلا لو كتبت لك الظروف أن تصل لمرحلة يرى فيك شخصاً يدخل «حيزه» عنوة، ويشكل له تهديداً.
لنتحدث عن «الثعلب الحقيقي» وبعض صفاته، إذ معروف عنه حدة البصر، وقوة حاسة الشم، وصبره الكبير في الترصد لفريسته، ومناوراته العديدة باستخدام وسائل وطرق متعددة لتحقيق غايته، والأخطر أنها -أي الثعالب- تمتلك قدرة كبيرة في «التكيف» مع البيئة المحيطة بها، فتطوع ممارساتها وسلوكاتها على ما تفرضه البيئة وبالطريقة التي تحقق لها الاستفادة القصوى.
طبعاً الثعالب تؤذي البشر، بالأخص من يمتلكون مزارع لتربية الدواجن وأيضاً ينبتون الخضراوات، لأنها لا تتوانى عن مهاجمتها، خاصة في ساعات الغفلة ودون وجود حراسة.
أعود هنا لتوصيف «الثعالب الإدارية»، إذ في كثير من الأوساط المهنية حول العالم، ستجد هناك أشخاصاً تنطبق عليهم صفات الثعلب، في رصد الآخرين ومراقبتهم، في المراوغة والخداع، وفي التلون واستخدام الحيل، وغالباً لا تجد الثعالب تواجه مواجهة مباشرة، خاصة لو كان الخصم يمتلك قوة كالنمر أو الأسد، لكن يمكن للثعالب التعايش مع الأصناف الأقوى، لو نجحت في كسب ثقتها، أو النقل لها ما يستهويها من معلومات، خاصة لمن يسيطر عليهم هوس المنصب ويتلذذون بقوته.
حاذر من الثعالب، نعم هي نصيحة قيمة، لكن في نفس الوقت لا تكن كالدجاجة التي يفترسها أي ثعلب، ففي النهاية لسنا في غابة تفتقر للقانون والعدالة، بل لم توضع القوانين إلا لتحجيم وردع كل من يتصرف وكأن القطاعات العامة غابات يفعل فيها ما يشاء.
أذكر أن زميلي الذي سألني قبل سنوات، أشار لي لشخص معروف بأنه مصدر أذى للموظفين، لكن للأسف لديه حظوة لدى المسؤول، وقال لي: هذا أحد الثعالب، فماذا عن الذي يمشي وراءه؟!
أجبته وأنا أبتسم: هذا «هجرس» صغير للتو بدأ يتعلم، لكن لا تخف غداً سيتم تعيين مسؤول جديد، هوايته «صيد الثعالب»!
* ملاحظة: الهجرس هو ابن الثعلب الصغير.