تعليقاً على المقال السابق المنشور في مثل هذه المساحة، بعنوان «ما الذي يقلق ماكرون؟» وردني تعقيب طويل من أحد الأصدقاء، فيما يلي ملخصه:
«إن الربط بين ما يسمى بالتطرف الإسلامي في الغرب، وبين قصة الغيتوهات ربطاً آلياً لا يستقيم من وجهة نظري، لأنه لا يرقى ليكون سببياً للأفعال البغيضة لبعض المسلمين في البلدان الغربية التي تحتضنهم وتعاملهم معاملة المواطنين. فإذا كان صحيحاً أن الفرنسيين من أصول عربية مسلمة قد اعترى استقدامهم بعض الخلل في عملية الإدماج والاندماج، وبعض التهميش الاجتماعي، فإن ما يجب أن يقال أيضاً، إن مثل هذه الغيتوهات تحتضن أيضاً الأفارقة السود، والبلقانيين والإيطاليين والبرتغاليين وغيرهم، وأغلبهم من المهاجرين الفقراء من ديانات أخرى. فلماذا لا يظهر هذا الإشكال إلا مع المسلمين تقريباً»؟
ويضيف الصديق:«إن ما يجب معرفته أن العلمانية في فرنسا قد خرجت من رحم صراع مرير بين منطق الدولة ومنطق الكنيسة، والتي انتهت إلى إقصاء الكنيسة عن الشأن السياسي العام. فالعلمانية لم تكن خطاباً مثالياً يريد أن ينأى بالدين عن دوائر الشأن العام فحسب، بل أداة فعالة لتحرير المجتمع والسياسة من سلطة الكهنوت، ولم يكن الإسلام بالتالي مستهدفاً من قوانين العلمانية الفرنسية، كما قد يتوهم البعض. إذ يقوم النظام الفرنسي على احترام حرية الفرد ومساواته مجرداً من انتمائه الإثني أو الديني. ولذلك فإن التعامل مع المواطن كفرد هو وراء صيانة حريته واحترام حقوقه.». «انتهى التعقيب».
قلت للصديق:«أتفق معك في أكثر من جانب، منه أن الغيتوهات تحتضن ملايين المهاجرين من أصول وديانات مختلفة، ولكن لابد أيضاً من التوضيح أن ردود أفعالهم تختلف وتتنوع بكل تأكيد، بحسب الخلفية الاجتماعية-الثقافية. كما لابد من الاعتراف بأن قيم الجمهورية الفرنسية لا يكاد يستوعبها العديد من المهاجرين المسلمين بوجه خاص، وهذا أمر معقد لا يجوز تبسيطه بنسبته إلى الديانة الإسلامية ذاتها. وذلك لأن غالب هؤلاء سريعاً ما يصطدمون مع نموذج العلمانية الفرنسية، بما يؤخر اندماجهم أو يجعله مستحيلاً. حيث يدور لبّ التوجه الفرنسي حول حشد المواطنة خلف قيم العلمانية بما يرتب الفرد وفق نموذج الجمهورية الجماعي، ووأضح أن نموذج فرنسا في الانصهار الاجتماعي يختلف عن الأنموذج الأنغلوسكسوني الذي يتأسس على فكرة تعايش المجموعات مع الإبقاء على خصائصها ضمن الوطن الكبير وقواعده الأخلاقية والقانونية.
وقد يكون الحل في تقديري فيما اقترحه عالم الاجتماع البولندي زيغمونت باومان فيما يسميه: «ضرورة القبول بأننا مختلفون وقد نظل مختلفين إلى الأبد، ولذلك، يتوجب أن نتعايش باختلافاتنا الأبدية، بدلاً من السعي المستمر إلى الاندماج المستحيل».
* همس:
في انتظار المطر،
تغرق المدينة فرحاً،
فتغدو دفئاً في المساء
يضيء السماء.
«إن الربط بين ما يسمى بالتطرف الإسلامي في الغرب، وبين قصة الغيتوهات ربطاً آلياً لا يستقيم من وجهة نظري، لأنه لا يرقى ليكون سببياً للأفعال البغيضة لبعض المسلمين في البلدان الغربية التي تحتضنهم وتعاملهم معاملة المواطنين. فإذا كان صحيحاً أن الفرنسيين من أصول عربية مسلمة قد اعترى استقدامهم بعض الخلل في عملية الإدماج والاندماج، وبعض التهميش الاجتماعي، فإن ما يجب أن يقال أيضاً، إن مثل هذه الغيتوهات تحتضن أيضاً الأفارقة السود، والبلقانيين والإيطاليين والبرتغاليين وغيرهم، وأغلبهم من المهاجرين الفقراء من ديانات أخرى. فلماذا لا يظهر هذا الإشكال إلا مع المسلمين تقريباً»؟
ويضيف الصديق:«إن ما يجب معرفته أن العلمانية في فرنسا قد خرجت من رحم صراع مرير بين منطق الدولة ومنطق الكنيسة، والتي انتهت إلى إقصاء الكنيسة عن الشأن السياسي العام. فالعلمانية لم تكن خطاباً مثالياً يريد أن ينأى بالدين عن دوائر الشأن العام فحسب، بل أداة فعالة لتحرير المجتمع والسياسة من سلطة الكهنوت، ولم يكن الإسلام بالتالي مستهدفاً من قوانين العلمانية الفرنسية، كما قد يتوهم البعض. إذ يقوم النظام الفرنسي على احترام حرية الفرد ومساواته مجرداً من انتمائه الإثني أو الديني. ولذلك فإن التعامل مع المواطن كفرد هو وراء صيانة حريته واحترام حقوقه.». «انتهى التعقيب».
قلت للصديق:«أتفق معك في أكثر من جانب، منه أن الغيتوهات تحتضن ملايين المهاجرين من أصول وديانات مختلفة، ولكن لابد أيضاً من التوضيح أن ردود أفعالهم تختلف وتتنوع بكل تأكيد، بحسب الخلفية الاجتماعية-الثقافية. كما لابد من الاعتراف بأن قيم الجمهورية الفرنسية لا يكاد يستوعبها العديد من المهاجرين المسلمين بوجه خاص، وهذا أمر معقد لا يجوز تبسيطه بنسبته إلى الديانة الإسلامية ذاتها. وذلك لأن غالب هؤلاء سريعاً ما يصطدمون مع نموذج العلمانية الفرنسية، بما يؤخر اندماجهم أو يجعله مستحيلاً. حيث يدور لبّ التوجه الفرنسي حول حشد المواطنة خلف قيم العلمانية بما يرتب الفرد وفق نموذج الجمهورية الجماعي، ووأضح أن نموذج فرنسا في الانصهار الاجتماعي يختلف عن الأنموذج الأنغلوسكسوني الذي يتأسس على فكرة تعايش المجموعات مع الإبقاء على خصائصها ضمن الوطن الكبير وقواعده الأخلاقية والقانونية.
وقد يكون الحل في تقديري فيما اقترحه عالم الاجتماع البولندي زيغمونت باومان فيما يسميه: «ضرورة القبول بأننا مختلفون وقد نظل مختلفين إلى الأبد، ولذلك، يتوجب أن نتعايش باختلافاتنا الأبدية، بدلاً من السعي المستمر إلى الاندماج المستحيل».
* همس:
في انتظار المطر،
تغرق المدينة فرحاً،
فتغدو دفئاً في المساء
يضيء السماء.