في هذه الزاوية تحديداً وقبل أكثر من عشرة أعوام مضت، تحدثنا هنا عن أهمية ضمان الأمن الغذائي في مملكة البحرين. بعدها وفي العامين 2015-2016 قمنا بفتح ذات الملف لأهميتهُ. من ذلك الوقت وحتى الآن، لم يتغير الوضع بالشكل المؤمَّل. نعم هناك مبادرات صريحة وجميلة، لكنها غير كافية.

أخيراً، صدر ما يثبت خطورة ما ذهبنا إليه، وهو ما جاء به وأكده لنا تقرير ديوان الرقابة المالية والإدارية الأخير. إذ قال الديوان في تقريره إن نسبة الأمن الغذائي في البحرين منخفضة مقارنة بدول مجلس التعاون. وذكر أن نسبة الأمن الغذائي بلغت حوالي 67%، وهي بذلك تعد الأقل بالمقارنة مع نظرائها في دول مجلس التعاون التي تتراوح نسبها بين 81% و68%. وأشار إلى أن نسبة الإنتاج المحلي من اللحوم والدواجن والبيض لا تغطي سوى نسبة 10% و48% و23% على التوالي من حجم الاستهلاك. وأشار إلى الحاجة إلى تعزيز إسهام القطاع في الأمن الغذائي خلال السنوات القادمة. وفي سياق متصل، لاحظ تقرير ديوان الرقابة المالية والإدارية غياب أسس ومعايير واضحة ومعتمدة يتم الاستناد إليها عند تأجير الأراضي الزراعية، سواء على المزارعين أو الشركات الاستثمارية بهورة عالي تحديداً. وأظهر عدم الاحتفاظ بعقود بعض الأراضي الزراعية التي تم تخصيصها للمزارعين والشركات الاستثمارية، وذلك بالمخالفة للفترة «24-1-10» من الدليل المالي الموحد، الأمر الذي أسهم في عدم تحصيل الإيجارات المستحقة على تلك الأراضي.

في ظل الظروف الصعبة الراهنة، ومع تزايد تمدد أزمة جائحة (كوفيد 19)، وصعوبة تأمين المواد الغذائية بشكل سلسل، وكذلك ما قد تسببه أزمات عالمية وصراعات ونزاعات مستقبلية محتملة على الغذاء في العالم، سيكون ملف «التأمين الغذائي» من أبرز الملفات الوطنية على الإطلاق في الوقت الراهن، فهذا ليس بخيار عابر سيواجهنا، بقدر ما هو قدرنا الحتمي في توفير كل ما من شأنه أن يوفر لنا أمننا الغذائي وأمن الأجيال القادمة.

الجميع اليوم مطالب بأن يعمل جاهداً على أن يكون هذا الملف من أولويات الملفات الوطنية الحاضرة، سواء من طرف الحكومة الموقرة أو من طرف مجلسي الشورى والنواب والتجار والمستثمرين والمزارعين وأصحاب الخبرات في هذا المجال. لنعمل كلنا على فتح هذا الملف الوطني الخطير وعدم غلقه إلا بعد تأمينه بشكل قاطع وحاسم.