عبارة عفوية ألقت بها على مسامعي فأغرقتني في تأملات بعيدة، تلك العبارة قالتها «السستر» الممرضة المتخصصة في رعاية المسنين، عندما سألتها أيهما أكثر تجاوباً معك في الرعاية الرجال أم النساء؟ أجابت بتلقائيه وعفويه أدهشتني، قالت «لا فرق بين الرجال أو النساء في التعاون، لكن الكسول في شبابه، يتعبنا في كبره، سواء رجل أو امرأة، فأكثرهم تجاوباً معنا وتعاوناً محبو الرياضة والحركة في شبابهم، فيقومون بالتدريبات والحركات الرياضية، ويكونون أكثر نشاطاً فلا يكثرون الجلوس، وهذا النشاط ينعكس على صحتهم إيجاباً، فتسهل السيطرة على أمراض الكبر كمرض السكر، والضغط وكوليسترول الدم، أكملت حديثها بإصرار، الكسول في شبابه يتعبنا في كبره، فهو غير متعاون ويميل للجلوس وعدم الحركة، وبالتالي يصبح لزيم الفراش غير قادر على الاعتماد على نفسه، فيعتمد على من حوله».

كلماتها لفتت نظري إلى دعاء علمنا إياه رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو «رب إني أعوذ بك من الكسل وسوء الكبر»، كم رددنا هذا الدعاء، لكننا لم ندرك عمق معناه، فالكسل يورث سوء الكبر، فقد ربط رسول الله صلى الله عليه وسلم بين الكسل وسوء الكبر واستعاذ منهما كما يستعيذ من كل سوء، وقد قدم الاستعاذة من الكسل على الاستعاذة من سوء الكبر، فندرك من هذا الدعاء أنه علينا أن نقي أنفسنا في شبابنا من الكسل، لنقي أنفسنا في شيخوختنا من أمراض الكبر ومعاناته، من هذا الدعاء نتعلم أن الكسل عدو لدود علينا أن نحمي أجسادنا وصحتنا منه، فالكسل وقلة الحركة وعدم ممارسة الرياضة تورث الأمراض كالسمنة، وضعف العضلات، وتيبس المفاصل. فقديماً قالوا الحركة بركة.

في هذا الدعاء نرى أن الرسول صلى الله عليه وسلم لم يستعذ من الكبر بل استعاذ من سوء الكبر، ويقصد بسوء الكبر أعراض الضعف التي تظهر على المسن فتجعله إنساناً متكلاً على الآخرين غير قادر على الاعتماد على نفسه، وتجعله شخصاً سلبياً فلا يتفاعل في المجتمع فيعزل نفسه عن الناس ليدخل في دوامة من الآلام النفسية والجسدية لا نعرف نهايتها، لكننا نعرف بدايتها التي تجرنا إلى هذا المصير تلك البداية قالتها «السستر»، الممرضة «الكسول في شبابه يتعبنا في كبره».. ودمتم أبناء قومي سالمين.