لا أحد ينكر أن جائحة «كوفيد 19» لم تصب الجوانب الصحية للإنسان فقط، بل أضرت بالاقتصاد الدولي، وأصابت موارد الأسرة بشكل يقترب في بعض الحالات من الكارثة، وكما أن دراسة نشأة فيروس كورونا تساهم في كيفية التصدي لآثاره الصحية، فإن دراسة الأوضاع الاقتصادية قبل الوباء تساهم في دراسة مدى استعدادنا لكل ما يستجد، ما يسهم في وضع حلول لتفادي أضرار الأزمات التي تطرأ علينا مثل (كوفيد 19).إن الأسرة العربية كانت تعاني من فقدان الاتزان لإدارة مواردها المالية، وأصبحت شهوة الامتلاك تغلب على قدرتها المالية، فلجأت للقروض، رغم أن الوضع الاقتصادي وخصوصاً مع طفرة البترول التي انقضت كان يستدعي أن تدخر ويكون لها مقدرات تساهم في تخفيف الأعباء المترتبة على الكارثة الاقتصادية التي يعيشها العالم الآن.إن 75% من الأسر العربية لم تكن تضع أي خطط للادخار والبقية الباقية متوسط ادخارها السنوي لا يتعدى 1,5%، و80% من العرب لا يقومون بأي ادخار أو خطط لما بعد التقاعد طبقاً لإحصائية البنك الدولي، مع أن أول بنك أقيم على وجه الأرض الذي أنشأه سيدنا يوسف لادخار الحبوب، فهل لنا أن نتعلم من أخطاء الماضي، وألا نتذرع بضعف المدخول الحالي عما سبق، وأن ندخر جزءاً ثابتاً من دخلنا لمواجهة تطلعاتنا المستقبلية، وعمل احتياطنا من أجل تقلبات الحياة، وها هي الجائحة العالمية تثبت أثرها السيئ على الاقتصاد. فمن المرشح أن يفقد العالم ملايين الوظائف خلال هذا العام.إن الأسرة في الصين تدخر 35% من دخلها في حين أن الأسر في أوروبا تضع خططاً للتقاعد وما بعد التقاعد فتجد الأسرة في ألمانيا على سبيل المثال تدخر 11% من دخلها السنوي، لذا يجب أن يكون لدينا نحن أيضاً تصور أفضل لكيفية إدارة حياتنا، فلماذا لا يكون هناك مستشارون ماليون للأسر ومساعدتهم في كيفية إدارة دخلهم، كما يحدث في بعض الدول مثل كندا، فعلى صغر الدخل أو كبره يجب أن يكون هناك خطة احتياطية لمواجهة التقلبات التي قد تحدث في الحياة.إن ارتفاع مدخول الفرد العربي جعله مستهدفاً للشركات كأحد أكثر القوى الشرائية فتمت محاصرته بما هو جديد، فتمت صناعة منتجات له هو فقط، بل إن المنتج لا يتم طرحه مرة واحدة بل يتم طرحه على مراحل ومستويات حتى يتم استنفاد أكبر قدر من دخلنا، ففي الماضي كان كثير منا يدخر من أجل شراء منزل أو سيارة، وعند امتلاكه تكون السعادة كبيرة لتحقيق الهدف الذي وضعناه نصب أعيننا واجتهدنا للوصول إليه أما الآن امتلاك الأساسيات أو حتى الرفاهيات أسهل لأننا نلجأ للقروض فهناك قرض السيارة وقرض السفر، وقرض المنزل وغيره، فأحياناً تكون السعادة بامتلاك ما نصبو إليه يعقبه ضيق وحسرة على الضغوط المالية التي نضع أنفسنا فيها، فهل لنا أن نتعلم الدرس وندير مواردنا بشكل أفضل وأن نسيطر على شهوة الشراء التي اندلعت في نفوسنا وأصبحت تضغط على قدرتنا، فلتعد الأسرة لسياسة الادخار ليكون لديها أمان اقتصادي وخاصة مع تقلبات الحياة.
{{ article.visit_count }}
970x90
{{ article.article_title }}
970x90