وصلني مؤخراً فيديو لأحد المراهقين الذين يعانون من زيادة في الوزن وهو في حالة انهيار تام، ويبكي بحرقه وهو يتمنى الموت لأن معظم الناس يصفونه «بالسمين»، أرجعني هذا الفيديو إلى الوراء لأتذكر بنت جيراننا التي تصغرني بعدد من السنوات رحمها الله، كانت فتاة ذكية ومرحة، كانت تعاني من فرط في الوزن أيضاً، صعقت عندما أخبرتني أمي بوفاتها وهي لم تتجاوز 14 عاماً فقط، تقول أمي إنها «انتحرت» بسبب أن أمها سحبت من أمامها الطبق ولم تدعها تكمل طعامها قائلة لها «يكفي هذا القدر من الطعام، فأنتِ سمينة جداً» تقول أمي إن بنت جيراننا رحمها الله ذهبت إلى غرفتها منهارة من الكلام الذي سمعته من والدتها، وألقت بنفسها من الشباك، وانتحرت.. لا شك في أنها لم تستطع تحمل الكم الكبير من التنمر. فأنهت حياتها لتنهي فصلاً مريعاً من الألم النفسي الذي عانت منه بسبب التنمر.

قد يقف عدد من القراء ويعتقدون أن ما أقوله مبالغة أدبية، ولكن للأسف ما أقوله قصة واقعية شهدتها عن قرب، وهذا ما يفسر سر الكلمة!! فهل يفكر المتنمرون في الأذى النفسي الذي يعاني منه الطرف الآخر «المجني عليه»؟ هل يفكر المتنمر بأنه قد يوصل أحدهم إلى حد التفكير من التخلص من حياته بسبب كلمة أو وصف سيء نعت به الآخر؟

ومع وجود التطبيقات الإلكترونية، زاد التنمر الذي تم وصفه بالتنمر الإلكتروني، فما أن يضع أحدهم صورة إلا وتأتي التعليقات المتنمرة من كل حدب وصوب. وفي دراسة حول الانتحار والتنمر الإلكتروني توصلت الدراسة إلى أن 75% ممن نسب الانتحار بين المراهقين بسبب التنمر الإلكتروني.

* رأيي المتواضع:

أوصانا ديننا الإسلامي بعدم التنابز بالألقاب، وذكرنا بأن الكلمة الطيبة صدقة، فأين نحن من هذه التعاليم؟! مازلت أسمع أشخاصاً ينعتون الآخر بتنمر «العبد، الدب، بو خنافر، القصير، الكريه، الأسود، أم العبل، القرعة، أم كشة»، والقائمة تطول، ليس هذا وحسب بل إن أبناءهم يرثون منهم هذه العادة فتراهم يكررون نفس الألفاظ، مما يجعل دائرة التنمر غير منتهية.

في رأيي المتواضع إن تدريس مادة الأخلاقيات، والمواطنة الرقمية أصبحتا ذواتيْ أهمية قصوى إذا ما أردنا السيطرة على التنمر.