رأينا في المقال السابق – ماذا يريد الغرب؟ «1»- على عجالة محطات سياسية وفكرية مهمة ساهمت في نحت العقل الأوروبي الذي نعرفه اليوم، والمراحل التي مرت بها أوروبا: عصر النهضة، عصر العقل، عصر التنوير،عصر العلم. ومن المهم التمييز بأن طبيعة وبنية الفكر المسيحي تختلف عن طبيعة وبنية الفكر الإسلامي رغم اشتراك الدينيين في الدعوة إلى التوحيد، هذا الاختلاف كان سبباً فيما يسمى بالعلمانية الأوروبية والدعوة لفصل الدين عن الدولة، وهذا السياق العلماني الأوروبي من الخطأ التصور بأنه يصلح داخل البنيان الثقافي لجميع الديانات والشعوب حول العالم، فكل ثقافة تختار ما يلائم ويتناسب مع موروثها. في هذا الصدد تجدر الإشارة إلى ما أثار الفيلسوف الألماني المعاصر يورغان هابرماس مسألة مهمة وهي أن الحضارة الغربية/الحديثة بتجريدها العلمي لا توفر المتطلبات الروحية للإنسان، فلاحظ عودة الدين في معناه الروحي وليس الطقوسي في المجتمعات الغربية، ليصل لنتيجة أهمية عدم إلغاء الدين من الفضاء العام وفتح مجال التواصل بين مختلف الأفكار، ولديه نظرية تشرح ذلك بالتفصيل وهي نظرية «الفعل التواصلي».
كما أنه من الضروري الإشارة إلى دور الحضارة العربية الإسلامية في حفظ ونقل الموروث اليوناني الذي مهد لمرحلة عصر النهضة الأوروبي، كذلك العلوم التي انتقلت من المسلمين إلى الأوروبيين كانت الأساس لبناء نهضة العلوم الأوربية، تماماً كما استفاد المسلمون من الحضارات التي سبقتهم في شرق الصين والهند وبلاد الرافدين التي كانت الأساس لنهضة المسلمين في ذلك الزمن. فالأمم والحضارات الإنسانية تشكل سلسلة متصلة، تستلم كل حضارة ثقافة وعلوم من سبقها وتطورها ومن ثم تسلمها للحضارة التي تليها. فهناك عمر افتراضي لكل حضارة، وعلم الحضارات يسلط الضوء على أسباب النهوض وأسباب السقوط، إلا أننا اليوم وبقية شعوب العالم نعيش داخل المحددات التي وضعتها الحضارة الغربية، التي أصبحت تسمى «الحضارة الحديثة»، التي تتشكل داخلها الدولة الحديثة ببنيتها القانونية والدستورية والديمقراطية..إلخ، ويطرح الدكتور خزعل الماجدي بأن الحضارة الحديثة بهذا المعنى هي التي تسود العالم، الاختلاف فقط في البنية الثقافية والإرث الحضاري الذي يميز كل أمة عن الأخرى.
في العالم الذي نعيش فيه لا يوجد ملائكة أو شياطين متجسدين على الأرض، فكل ما هنالك شعوب تخطط وتنظم حياتها وتعمل على مصالحها وتتخذ بالأسباب فتتقدم، وشعوب أخرى حظها أقل من التقدم، بسبب انعدام المنهجية في التفكير وانتشار الخرافة. لقد رأينا في هذه العجالة كيف أن الغرب بشر مثلنا لديهم إيجابيات وعليهم سلبيات، وربما تحتاج الحضارة الغربية إعادة النظر في عقلها الأخلاقي الذي يبدو إنه لم ينل القسط من التقدم الذي ناله الجانب العلمي. كما أننا لم نتطرق للفروقات بين البراجماتية الأوروبية والأمريكية، على أهمية فهم أن هناك اختلافات ثقافية بين الألمان والفرنسيين والبريطانيين والأمريكان، والغرب ليس شيئاً واحداً.
فإذا عدنا إلى السؤال: ماذا يريد الغرب ؟، سنجد الإجابة الأهم هي العمل على سؤال: ماذا نريد نحن ؟، ومحاولة الإجابة عنه، بذلك نحدد للغرب ماذا يريد منا وكيف نتفاعل معه على قاعدة ثقافتنا وموروثنـــــــا نحن وليس هم.
كما أنه من الضروري الإشارة إلى دور الحضارة العربية الإسلامية في حفظ ونقل الموروث اليوناني الذي مهد لمرحلة عصر النهضة الأوروبي، كذلك العلوم التي انتقلت من المسلمين إلى الأوروبيين كانت الأساس لبناء نهضة العلوم الأوربية، تماماً كما استفاد المسلمون من الحضارات التي سبقتهم في شرق الصين والهند وبلاد الرافدين التي كانت الأساس لنهضة المسلمين في ذلك الزمن. فالأمم والحضارات الإنسانية تشكل سلسلة متصلة، تستلم كل حضارة ثقافة وعلوم من سبقها وتطورها ومن ثم تسلمها للحضارة التي تليها. فهناك عمر افتراضي لكل حضارة، وعلم الحضارات يسلط الضوء على أسباب النهوض وأسباب السقوط، إلا أننا اليوم وبقية شعوب العالم نعيش داخل المحددات التي وضعتها الحضارة الغربية، التي أصبحت تسمى «الحضارة الحديثة»، التي تتشكل داخلها الدولة الحديثة ببنيتها القانونية والدستورية والديمقراطية..إلخ، ويطرح الدكتور خزعل الماجدي بأن الحضارة الحديثة بهذا المعنى هي التي تسود العالم، الاختلاف فقط في البنية الثقافية والإرث الحضاري الذي يميز كل أمة عن الأخرى.
في العالم الذي نعيش فيه لا يوجد ملائكة أو شياطين متجسدين على الأرض، فكل ما هنالك شعوب تخطط وتنظم حياتها وتعمل على مصالحها وتتخذ بالأسباب فتتقدم، وشعوب أخرى حظها أقل من التقدم، بسبب انعدام المنهجية في التفكير وانتشار الخرافة. لقد رأينا في هذه العجالة كيف أن الغرب بشر مثلنا لديهم إيجابيات وعليهم سلبيات، وربما تحتاج الحضارة الغربية إعادة النظر في عقلها الأخلاقي الذي يبدو إنه لم ينل القسط من التقدم الذي ناله الجانب العلمي. كما أننا لم نتطرق للفروقات بين البراجماتية الأوروبية والأمريكية، على أهمية فهم أن هناك اختلافات ثقافية بين الألمان والفرنسيين والبريطانيين والأمريكان، والغرب ليس شيئاً واحداً.
فإذا عدنا إلى السؤال: ماذا يريد الغرب ؟، سنجد الإجابة الأهم هي العمل على سؤال: ماذا نريد نحن ؟، ومحاولة الإجابة عنه، بذلك نحدد للغرب ماذا يريد منا وكيف نتفاعل معه على قاعدة ثقافتنا وموروثنـــــــا نحن وليس هم.