محمد إسحاق عبدالحميد
في إحدى القرى الساحلية، وفي كل عام يجتمع الشباب على متن إحدى السفن ويتم أخذهم إلى مكان بعيد ورميهم وسط البحر ثم الرجوع إلى الشاطئ بمركب فارغ، ومن يستطيع من الشباب السباحة والرجوع للقرية سالماً يتم تكريمه والاحتفاء به كقصة كفاح وصمود.

ومضت هذه القبيلة على هذا المنوال حتى ما بقي من شبابها إلا القليل، وحينها استفاق أحدهم وتأمل فيما جرى قال: هلاّ علمنا الشباب السباحة قبل رميهم في البحر!!

قصة رمزية، وتحكي واقعاً شبيهاً يعيشه الكثير من الشباب مع سوق العمل والتوظيف.

فهناك الكثير ممن يُلقي اللوم والعتاب على الشباب وعلى تكاسلهم وتراخيهم، وبأنهم هم السبب في البطالة، فهل هذا الكلام صحيح على إطلاقه؟

وأين دورنا نحن كمرشدين وأساتذة ومتخصصين في توجيه الشباب نحو المهارات والأمور المطلوبة للنجاح في سوق العمل وضرورة تعلمها قبل التخرج من المدرسة والجامعة والانطلاق لسوق العمل؟

وعندما يتخرج الطالب من الجامعة ولا يجد من التوجيه أو من البرامج العملية المكثفة لفهم سوق العمل إلا القليل من البرامج السريعة والمختصرة، فكيف سيستوعب واقع سوق العمل من خلال ذلك؟

وفي عالم التوظيف وسوق العمل المزدحم، يصطدم الشاب بشروط الخبرة وأمور لا يكاد يمتلكها أحد من الخريجين، فكيف سيبدأ الشاب مسيرته العملية ويتعلم وبعض الجهات تضع أمامه العراقيل والشروط المستحيلة للعمل!!

صحيح أن الشاب مسؤول عن نفسه في المقام الأول، وليس هذا الكلام عُذراً للتكاسل والتراخي ورمي اللوم على الآخرين، وإنما المقصد أن نكون كلنا طرفاً في الحل وفي تهيئة الشباب لسوق العمل مُبكراً.

وإن لم تجد أيها الشاب والباحث عن العمل من ينصحك ويوجهك فابحث أنت عن ذلك، واسأل وتعلم واجتهد في اكتساب المهارات التي ستؤهلك للنجاح في سوق العمل بإذن الله.

فهل سنُعلم الشباب السباحة قبل رحلتهم القادمة؟