رؤى الحايكي


لقد تطرقت في مقال سابق عن أهمية فن الإصغاء للأبناء، ولكون الموضوع مهماً جداً ويعد مهارة وحاجة لابد لنا أن نعيرها اهتماماً أكبر في ظل تحديات الحياة التي تعصف بهم، فقد ارتأيت أن أتطرق مرة أخرى للموضوع وللعلاقة بين الحوار والإصغاء الجيد.

كلنا يدرك بأن الحوار وسيلة مهمة للإقناع وتعديل سلوك الأبناء، كما أن الحوار وسيلة لترويض النفس على قبول النقد وتوسيع المدارك وتنمية الذكاء العاطفي. ولتحقيق حوار ناجح مع الأبناء يتطلب علينا أن نتمكن من الإصغاء جيداً لهم سواء كان ذلك أثناء الحوار أو أثناء تعبيرهم عن آرائهم بشكل عام لنتمكن من الإلمام الكامل بما يدور في وجدانهم وعقولهم. إن فن الإصغاء ملكة من الملكات التي يمتلكها قليلون في هذه الحياة، وهي تعني القدرة على الانتباه الشديد للمتحدث والاستماع إليه بكل حواس الجسم. يستطيع صاحب هذه الملكة الاهتمام الكامل بكل تفاصيل الحديث ابتداء من نبرة الصوت وما يحويه من إحساس كامن ومعانٍ وصولاً لقراءة الكلمات بين السطور والعبارات.

وبصراحة أقولها، ربما نكون كلنا أو البعض منا ومن غير قصد غير مصغين بانتباه لأبنائنا كوننا ربما لا نملك ملكة أو مهارة الإصغاء الجيد، وربما نمتلكها ولكن الضغوطات والمشاغل تفوق طاقة تحملنا فيضيع تركيزنا ونحن نستمع لأبنائنا. ومن غير المنصف منا أن نحاول جاهدين إيجاد وقت لتلبية احتياجاتهم المادية مثل شراء الملابس لهم والتخطيط لتسليتهم والترفيه عنهم ونسيان مسألة الجد والاجتهاد للإصغاء لهم أثناء كلامهم. إن الإصغاء للأبناء يمكننا من معرفة طريقة تفكيرهم والتنبؤ بسلوكياتهم المستقبلية والتدخل في الوقت المناسب في عملية بناء شخصياتهم وأفكارهم لحمايتهم من أي أفكار متطرفة أو سلوكيات غير مقبولة.

ومن الممكن تطوير فن الإصغاء عن طريق تدريب النفس على ذلك وإيجاد التوازن بين الاستماع والكلام أثناء الحوار. إن هناك بعض النصائح التي يمكنها ببساطة مساعدتنا على تطوير فن الإصغاء مثل تعلم الصبر والهدوء أثناء الاستماع للأبناء والابتسام أثناء حديثهم والترحيب بهم في أي وقت يحبون الكلام فيه. كما ومن المهم توجيه الأسئلة لهم بعد انتهائهم من الحديث الأمر الذي يعكس الاهتمام ويشجعهم على مواصلة الشعور بالاطمئنان والثقة عندما يكررون تجربة الحديث معنا مستقبلاً.