رئيفه عبدالعزيز


واقع لا خلاف عليه نعيشه ونسمعه ونردّده كثيراً «كلّ مر سيمر»!!!

نعم سيمر بالتأكيد، شئنا أم أبينا سيمُر، فالوقت والزّمن لن يوقفهُ أيّ مُر، فلذلك هُو يمر.

ولكن السّؤال هو كيف سيمرّ؟ كيف سنمرّرهُ نحن؟ وهل سنمررهُ بسلام أم بمعاناة؟

إنّ أيّامنا في هذه الحياة قائمةً على حصيلة النتائج من تلك المرارات الصادرة من إبتلاءات الحياة، والتي هي أساس إستمرارنا فيها، فالذي يحصل أنّ معظم النّاس يجهلون جزئية أنّ الإبتلاءات نعمة عظيمة على البشريّة، ولولا تلك الإبتلاءات لما تعلمنا من دروس الحياة ولما تطورت أرواحنا وعقولنا ولما أصبحنا أقوياء لمواجهة تحديات الحياة بشكل أكبر.

إنّ الإنسان المُدرك لهذهِ الجُزئيّة هو إنسان ذكيّ ومحظوظ فعلاً لأنّهُ يستغل تلك التحديات ويُفعّلها في حياته لتطوير نفسه وإرتقاء روحه، ويعمل على تصفيتها من الشّوائب قدر الإمكان ثمّ الإستمتاع بما نال منها لإكمال مسيرته، وهذا من أسباب وجودنا على هذهِ الأرض.

فمن الطبيعي أن يكون الناس بمستويات مختلفة من التفكير والوعي، ومن رحمة الله علينا أن جعل لكلّ إنسان إبتلاء خاص به على حسب مستواه، فكُّلما إستطاع الإنسان تمرير المُرّ في حياته بوعي اكبر كلّما ارتقت روحه لمستوى أعلى بحيث أنّه يرى نتائج ذلك الإرتقاء منعكساً على حياته ممّا يجعلها أكثر توسّع وبركة وتيسير.

ولكن مع الأسف الذين مازالوا يعيشون في الوعي الجمعي، الذين مازالت ردود أفعالهم إتّجاه الإبتلاءات مبنيّةً على برمجيات تبرمجوا عليها ثمّ آمنوا بها، وعلى ما تمّ حشوهُ في عقولهم من قِبل المجتمع، أولئك الذين يعيشون المرارة والمعاناة بشكل كبير جداً، وأولئك الذين تتكرّر عليهم الإبتلاءات وتزداد شدّتها أكثر وأكثر لأنّهُم يرفضون تمريرها بسلام، وذلك بسبب أنّهم جميعاً يفكرون ويتصرفون ويتكلمون بعقليّة واحدة فقط، عقليّة واحدة تمّ تعزيزها من قِبل تِلك الفئة المبرمجة جيلاً بعد جيل، وبالتّالي تُصبح حياتهم تُخالف الفطرة البشريّة التي فطرنا الله عليها.

ولكي يمر المُر بسلام علينا التّعامل مع إبتلاءاتنا بذكاء، وعدم إستخدام برمجة العقل اللّاواعي كردّ فعل في حياتنا، وهكذا نستطيع تخطّي المرارات بأفضل النتائج.