رئيفة عبدالعزيزي
كلّ شيء تضع فيه جهدك، سوف ترى فيه تغييراً نتيجة لذلك الجهد!! ماعدا شيئاً واحداً !! مهما وضعت فيه من جهد وطاقة ووقت لتغييره.. فعبثاً تُحاول!! لن ترى منهُ النتيجة المرجوّة: ألا وهو الإنسان..
نعم الإنسان الذي تريد تغييرهُ حتى يكون صالحاً لنفسه أو محباً أو مسؤولاً، الذي تُسخّر لهُ كل وقتك وطاقتك. لقد خلق اللهُ الإنسان حراً لا يقبل أن يُغيّرهُ أحد مادام هو لم يُقرّر ذلك، وإن استطعت أن تُؤثّر على شخصٍ ما فهذا يعني أنّهُ هو من قرّر أن يتأثّر بك سواء كان التّأثير إيجابياً أم سلبياً، عدا ذلك فلا يوجد شيء آخر. ولذلك نسمع دائماً «ابدأ أنت بنفسك أولاً»، فمثلاً إن أرادت الأمّ أن تُحدث تغييراً معيّناً في ابنتها، فإنّ أسلوب النّصح لن يُجدي نفعاً!! ولا أي أسلوب آخر مهما كانت الأمّ ذكيّة في أساليبها، فإن لم تُقرّر البنت أن تتغيّر فلن تستطيع الأم تغييرها أبداً، وإن تغيّرت؛ فإمّا أنّها فعلاً أرادت التّغيير وإمّا أنّها تُمثّل ذلك من باب الخوف من والدتها أو من حكم الناس عليها وإلخ. ونعود هنا إلى نقطة التّربية بحرّيّة والتي أدعو لها دائماً وهي أنجح طريقة لتخريج أجيال مسؤولة يمكن للمجتمع الاعتماد عليها.
فالتربية بحرية تتطلب مربّياً شُجاعاً ومتحرراً من برمجات وأحكام المجتمع عليه، وبالتّالي بمجرّد أن يعيش المربّي حريّته الشخصية أمام أبنائه بعيداً عن كل أنواع المخاوف، فسوف يعكس صورة الشّجاعة والحرية عليهم بشكل واضح، وسيصبح لهم بمثابة الملهم والقدوة الحسنة، وبهذه الطريقة سيتأثّرون منه بالتأكيد، ولأنّهم أحرار فلن يشعروا بأن هناك من يطمح لتغييرهم أو تقييدهم بشكل مباشر.
وعندما يصل المربّي لهذا المستوى من الوعي.. سوف لن يخاف على أبنائه من أيّ شيء، لأنّهُ واثق من تأسيسهُ لهم على القيم والأخلاق، ومدرك بعدم أحقيّته في تغييرهم، ويعلم أنّ من حقهم اختيار حياتهم دون التّحكم بهم، وإن أخطؤوا في اختيارهم فسوف تُعلّمهم الحياة.
فلا تجعل جهودك ضائعةً على أحد وكن ذكيّاً واستثمرها في نفسك، فمنك أنت يبدأ التغيير الحقيقي.