أميرة صليبيخ


أتينا إلى هذا العالم حاملين في جيناتنا إرث والدينا وأجدادنا من صفات وطباع وأمراض جسدية ونفسية، فحتى لون العيون ونوع الشعر والمخاوف يعود إلى جينات منقولة من أحد الأجداد، فأنت تحمل في دمك كل الخواص التي تشكل الجين الموروث والذي بدورك ستنقله لأبنائك المستقبليين، جيلاً بعد جيل، فالعيون الخضراء التي تحملها والدتك ولم ترثها أنت ربما ترثها حفيدة حفيدتك بعد عدة أجيال.

المدهش في موضوع الجينات المتوارثة هو أن العلم الحديث اكتشف أن هناك قابلية للتحكم فيها بحيث لا تكون أنت أسيراً للصفات أو الاضطرابات التي ورثتها من والديك وأجدادك، فطالما كنت واعياً لما تريد تغييره فلديك القوة الكافية لتغييره، وبالتالي فهذا الاكتشاف العلمي يضعك أمام مسؤولية عظيمة وهي أنك أنت سيد مصيرك، وهو ما يؤكد الآية العظيمة «إِنَّ اللّهَ لاَ يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُواْ مَا بِأَنْفُسِهِمْ»، فكيف تغير ما بنفسك حقاً؟

بحسب الدكتور بروس ليبتون الذي أتى بهذا الاكتشاف فهو يفترض بأن كل معتقد أو فكرة نحملها في عقولنا سواء كانت إيجابية أو سلبية تؤثر على كيمياء الدم وعلى الجينات، وبالتالي فإن تغيير فكرة ما يؤدي إلى تغيير كيمياء الدم وبدوره يغير سلوك الجينات! بعبارة أخرى إن فكرة إيجابية / سلبية واحدة لها القدرة على إحداث إفرازات في الدماغ، تنتقل إلى الدم ثم إلى الخلية وبالتالي تعزز من حيوية الخلايا التي تحملها فتؤثر عليك بالكامل مع الوقت، فكيمياء الدم هي التي تؤثر على صحتك وحياتك وسعادتك كما يقول ليبتون.

وتأتي هذه الفكرة المثبتة علمياً من تجربة «البلاسيبو» أي الدواء الوهمي، فخلال القرن الماضي أثبتت التجارب أن إيهام المريض بأن نوعاً معيناً من الدواء له القدرة على الشفاء، فإن التجارب أثبتت التشافي التام للمريض «بالرغم من أنه لم يتناول الدواء الحقيقي، بل استخدم حبوب السكر الوهمية». فالشفاء لم يأتِ من الدواء، بل من المعتقد بأن هذه الأدوية هي الشافية! قس على ذلك كل أمور حياتك وراجع مرة أخرى المعتقدات التي تحملها.

لذا إن أردت أن تتغير للأفضل عليك أن تدرك أن التغييرات الداخلية تبدأ في الخلايا منذ اللحظة التي تقرر فيها بوعي تغيير فكرة ما، ومع الوقت ستشعر وكأن جسمك بأكمله وبكل الخلايا التي فيه يتواطأ لتحقيق ما تريده. فكل يوم لديك فرصة أن تكون كما تريد، فقط إن قررت ذلك وتوقفت عن الشعور بأنك ضحية العُقد المتوارثة من أجدادك.