رئيفة عبدالعزيز
قد يتعرّض الجميع لعمليّة استنزاف طاقيّ من قِبل بعض الأشخاص المُؤذيين، أو بسبب عمل غير مُحبّب، أو بيئة غير متناغمة، أو علم غير مناسب وإلخ.. من الأسباب المتنوعة والمختلفة.
ولكن هناك نوع من الاستنزاف للطاقة قد لا يخطر على البال، فيرى الإنسان نفسهُ بعد أن ابتعد عن كل ما يستنزف طاقته فهو لايزال مستنزف طاقيّاً!! فلايزال يجد نفسهُ متعباً ومرهقاً وغير قادر على إنجاز أعمال في يومه، رغم أنّهُ قد بذل كلّ الجهود المطلوبة من تنظيم لجدول أعماله وترتيب أفكاره وتهيئة الجو والمكان المناسب له وتوفير كل سبل الراحة النفسيّة والجسديّة والماديّة لإنجازات أكبر وتحقيق أهداف طال انتظارها.
فما هو السّبب يا تُرى؟؟ فيظلُّ في حيرةٍ من أمره!! ثُمّ يبدأ يُفكّر ويُفتّش عن أسباب أخرى مؤدّية لاستنزاف طاقته والحدّ من إنجازاته.
وفجأةً يكتشف أنّهُ هو السّبب!! وكما قيل «دواؤك فيك وما تشعر، وداؤك منك ولا تُبصرُ، وتحسبُ أنّك جُرمٌ صغيرٌ، وفيك انطوى العالمُ الأكبرُ»، فلم يخطر بباله أنّهُ هو سبب ذلك الاستنزاف!! فكيف يكون الإنسان هو سبب استنزاف طاقته؟؟
عندما يتحمّس الإنسان للحياة وخاصّةً في البدايات الجميلة، يضع لنفسه الكثير من الأهداف والخطط اليومية المكتظة بالأعمال المتتالية، بحيث أنّهُ قد ينسى أحياناً أموراً مهمّة وأساسيّة في يومه، فمثلاً ينسى أن يأكل وجبته الرئيسة أو أن يُعطي نفسه وقت للرّاحة خلال كل عمل يقوم به، أو أن يُجهد نفسه بالتّفكير إن كان عمله يتطلّب ذلك، أو أن يتأخّر عن موعد نومه والكثير من الأمور المستنزفة لطاقته، وبالتّالي فهو يسبّب الضّغط على نفسه وهو غير منتبه لذلك.
ويأتي الاستنزاف الذّاتي على صور أخرى أحياناً، فمثلاً عندما يغرق الإنسان في بحر الماضي الأليم ويعود للعيش في تفاصيل أحداثه واسترجاع تلك المشاعر التي استنزفت طاقتهُ في السابق!!! أو أنّهُ يعلق في أحلام المستقبل ويحلق فيها، ويستشعر أحداثها المبنيّة على أفكار قد تكون وهميّة نابعة من الخوف من المجهول، وتوقّعات مشؤومة من تلك الأفكار.
فلا تبحث عن الحلول في الخارج وفي داخلك الدّاء والدّواء.