الحوار والتفاهم وتقديم التنازلات المشتركة أبرز الأسباب لأسرة نموذجية
صفا حبيب
انتقد أخصائيون ظاهرة استمرار العلاقة الزوجية على الورق فقط، من دون أن يكون لهذه العلاقة وجود حقيقي بين الزوجين، مشيرين إلى أن كثيراً من الأزواج يكونون منفصلين في الواقع عن بعضهم من دون إيقاع طلاق، ما يعني أن الحياة الزوجية بينهم مجرد صورة أمام الآخرين.
وذكروا أن الأسباب المادية والاجتماعية العامل الأبرز لاستمرار الحياة الزوجية بشكل صوري فقط.
من جانبها، قالت الأخصائية النفسية خديجة العالي: "لا تخلو الحياة الزوجية من المشكلات مادام الزوجان يتفاوتان في مستوى تفكيرهما ويختلفان في طبيعتهما ونظرتهما للأمور، وحينما تزداد الخلافات بين الزوجين ويغيب الحوار يشعر الطرفان بأن هناك حاجزاً نفسياً يصعب إزالته فتبدأ مرحلة الانفصال العاطفي ثم تتحول تدريجياً إلى هجر المضاجع ثم يبتعدان عن بعضهما بعداً روحياً وجغرافياً مما يزيد من حدة المشكلة فيصبحان زوجان تحت سقف واحد ولكنهما غرباء عن بعض مفضلين الشكل الاجتماعي الزائف تربطهم مسؤولية الأسرة، وبعضهم لا يجمعهم حتى السقف، وإنما تجمعهم الورقة الرسمية".
وتابعت: "التفاهم بين الزوجين يذيب عقد المشاكل واستخدام الحوار والتفاهم والمرونة والقليل من التضحيات من الطرفين والتنازلات، فالحياة الزوجية تستحق التضحية والصبر والإحسان إلى الشريك".
وأضافت: "ينفصل الزوجان واقعاً، ولكن يبقيان مع بعض لمصالح مشتركة من الطرفين، فالزوجة تريد تأمين الجانب المادي والسكن والبقاء مع الأولاد بينما مصلحة الزوج أن تبقى ترعى الأبناء وتستقر الأسرة".
من جانبها، أكدت زهراء سند "اختصاصية في الإرشاد الأسري": "قد يصح الطلاق وصف الطلاق العاطفي على مثل هذا الانفصال، كما هو معروف أن الآباء يشكلون نماذج حية لأبنائهم يستقون منهم شخصياتهم، ويتشربون الأبوة والأمومة مما يلاحظونه من سلوك آبائهم ونظراتهم وكلامهم وسكوتهم أيضاً، عندما يتحول الوضع بين الزوجين إلى انفصال داخلي فإنه لا ينبغي على الزوجين السكوت واعتبارها مشكلة صغيرة، فآثارها على الأبناء على المدى البعيد أشد وطأة على الأبناء منها على الآباء".
وأضافت: "التربية المشبعة بأجواء الحب العائلية أمام الأبناء تخلق منهم أشخاصاً ناضجين انفعالياً وأكثر قدرة على مواجهة مشكلاتهم وحلها، وأكثر مهارة في التواصل بينهم، ينبغي على الآباء الوقوف على أسباب هذا الانفصال الداخلي، وغالباً ما تكون هروباً من مشاكل صغيرة أو إدماناً للإنترنت أو انشغال أحد الزوجين المفرط ولساعات طويلة بالعمل أو العلاقات الشخصية خارج نطاق الأسرة".
وتابعت: "بالإمكان تخصيص أوقات للعائلة خلال الأسبوع بحيث يكون هناك يوم للتعبير عن المشاعر ويوم للترفيه المشترك، كما ينبغي أن تكون هناك وجبة تجتمع عليها العائلة بشرط أن تكون هذه الأنشطة خالية من استعمال الأجهزة المتصلة بالإنترنت، والشرط الآخر بعيداً عن المحاسبة وتذكر الأخطاء".
من جانبه، أفاد المحامي والمأذون الشرعي عمر العيد: "العلاقة بين الزوجين تبنى على المودة الرحمة والتسامح وحسن العشرة كما علمنا الإسلام، ومن أهدافها الكف عن المحرمات وإذا ما تخلفت هذه المقاصد فإن مآل هذه العلاقة الفشل، وما فائدة استمرار الزوجية دون تواصل نفسي وعاطفي وروحي بينهما وان الاستمرار في هذه الحياة المعدومة باختيار الزوجين يفوتون على انفسهم الهدف من الزواج، وهو بناء أسرة مجتمعة تسودها الألفة والمحبة".
وأضاف: "إن حجة استمرار هذه العلاقة المعدومة لمصلحة الأولاد في غير محلها لأنه ليست الأسرة وحدها هي المسؤولة عن تربية الأبناء بل إن جميع ما في المجتمع كالأصدقاء والزملاء في المدارس أو الجامعات. يجب ألا نجعل الأولاد عائقاً ونضحي بأنفسنا فالتضحية بالروح والعاطفة والاستقرار النفسي أشد إيلاماً، يعتقدون أن الطلاق الرسمي يفكك الأسرة، ولذلك يستمرون في زواج على الورق فقط، وهذا غير صحيح كما أن هناك زواجاً ناجحاً وهناك طلاق ناجح إذا وصلت العلاقة بينهم لطريق مسدود، إضافة إلى أنهم يعتقدون أنهم يحمون أبناءهم وهذا غير صحيح، هذا يؤثر في نفسية الأطفال مستقبلاً، وسيجعلهم يؤسسون حياتهم بنفس الطريقة التي رأوا فيها أبوتهم، أو يعزفون عن الزواج بسبب ما رأوه في بيتهم مع والديهم".