أمل الحربي


الإنسان يحب الحركة والعمل منذ صغره، فهي طبيعة البشرية، وكل إنسان منذ صغره لديه أحلام وطموحات مستقبلية ومخططات وأهداف عندما يكبر، ماذا سيتخصص وأين؟ ويتابع الإنسان مسيرة حياته وتعليمه ليستطيع تحقيق أهدافه جميعها أو بعضها التي رسمها بعقله وأحلامه.

وتمر السنوات ويحصل على عمل بعد إكمال دراسته ومتطلبات الوظيفة التي حلم بها، وكان يفكر أن يحصل عليها ليكمل مسيرته العملية، والبعض يعمل في غير تخصصه تبعاً للفرص الوظيفية المتاحة لكنه يستمر بعمله بالرغم من عدم إحساسه بالاندماج فيه، ويمكن لاحقاً أن يحب عمله، والبعض لا، فيستمر فقط لأجل الوظيفة والمكسب المادي لقضاء احتياجات العائلة ومتطلبات الحياة.

من يحب عمله يذهب في نفس وقت العمل كل يوم دون تأخير ولا ملل، ويقوم بكل مهامه الوظيفية ولا يتأخر عن مهام العمل، ويفعل ذلك بحب لوظيفته واستمتاع كأنه ذاهب في رحلة، فيعمل بإخلاص ويصبح شغوفاً بعمله ويسعى كل يوم بتطوير العمل وتطوير نفسه وكفاءته العملية، ولكن للأسف البعض يهمل عائلته لاهتمامه الزائد بعمله، حتى في أوقات راحته والأوقات المخصصة لعائلته يعمل بها، جميل أن نعمل ونحب عملنا لكن لا يكون على حساب صحة الشخص وعائلته لأنها جزء من حياته، فهي درعه الأول بالحياة.

تمر السنوات ويكبر أبناؤه وهو يكبر وتحين ساعة التقاعد، والتقاعد هو بوجهة نظري هو الراحة فكرياً وجسدياً، والاجتماع مع الأسرة، وممارسة الهوايات والمواهب التي لم يكن هناك وقت لممارستها، والسفر أحياناً، فالتقاعد هو ليس الاستغناء عن الموظف لكنه فترة زمنية لها نهاية فقط وليست نهاية الحياة لا لكنها بداية جديدة، فبعد التقاعد بداية جديدة، ويجب وضع خطة وأهداف للاستمتاع بالحياة بعد التقاعد، كإنشاء عمل حر أو التطوع بمجال خيري أو عمل ورش تدريبية للمجتمع من خبرته العملية لكي يستفيد من خبرته المبتدئين، ويا حبذا إذا جهة عمله تعطيه عملاً جزئياً بمكافأة بعد تقاعده لتدريب المبتدئين لأن لديه خبرة بعمله أكثر منهم.

هناك أمور كثيرة وأوجه متعددة يستطيع الإنسان أن يخوضها في الحياة، حتى إذا كان وحيداً فيستطيع إسعاد نفسه بنفسه، فالسعادة ليست حكراً على أشخاص معينين، لكن هي ملك للجميع وتصل للذين يعرفون كيف وماذا يفعلون ليستمتعوا بأوقاتهم وحياتهم، فالحياة لا تتوقف أبداً بعد التقاعد عن العمل، فالمتقاعد يتقاعد عن العمل وليس عن الحياة وعائلته، فهو فرد مهم من أفراد أسرته ويحبون قضاء الأوقات معه، فبعد التقاعد يستطيع تخصيص وقت أكبر لأبنائه وعائلته.

وهناك من يتقاعد في سن مبكر عن اقتناع لأنه يريد أن يقضي وقته مع أسرته ويمارس هواياته.

الحياة أمامنا ونستطيع أن نسعد أنفسنا حتى ولو بالقليل أو المتواجد لدينا، لكن فكروا كيف تستمتعون بما تحبونه وتفعلونه فإن لم يوجد استمتاع بما تفعلونه فلن تحسوا بقيمته أو بسعادة تجاهه، فخططوا جيداً وبحب لأوقاتكم.