أميرة صليبيخ


قام مجموعة من العلماء بإجراء تجربة على ضفدع، تم رميه في قدر ماء مغلي لاختبار قدرته على التكيف والاحتمال، فما كان منه إلا أن قفز بسرعة كبيرة وتمّكن من النجاة.

في التجربة الثانية، قام العلماء بتغيير البيئة التي سيوضع فيها الضفدع، فلم يكن الماء ساخناً، بل كان بحرارة الغرفة والنار من تحته ليغلي على مهل.

كان الضفدع مرتاحاً في هذه البيئة لدرجة أنه عندما ارتفعت حرارة الماء ووصلت للغليان لم يتمكن من القفز ولم تسعفه عضلاته التي كانت في أقصى درجة من الاسترخاء، وبالتالي لم ينجُ.

ذاب في القِدر! هكذا يحدث لنا نحن البشر في حياتنا وبصورة يومية دون أن ندرك ذلك.

جميعنا لنا القدرة الهائلة على التكيف مع مختلف الظروف المحيطة بنا، فالتكيف أمر جيد وسيئ في الوقت ذاته. فالتكيف السلبي هو أن تتأقلم مع ظروفك لدرجة تنسيك أن تسعى لتغيير هذا المحيط والخروج من دائرة الراحة، تماماً مثل الضفدع.

وللأسف مهما ترى من مؤشرات وعلامات لأزمات قادمة فإنك حينها تعجز عن القيام بأي خطوة لتلافي حدوثها لأنها تجاوزتك بأشواط كثيرة فلم تعد النجاة ممكنة ولم يعد الضرر قابلاً للتلافي.

فمثلاً أنت تمتنع عن ممارسة الرياضة لسنوات طويلة، متجاهلاً الطعام الصحي، غارقاً في ملذاتك من الحلويات بشراهة، حتى يفاجئك الطبيب بإصابتك بمرض السكري أو أي مرض آخر.

أنت هنا لم تختلف عن الضفدع، فقد كنت ترى الإشارات والمعطيات، ولكنك تكيفت بصورة سلبية مع الوضع لدرجة أنك لم تعد قادراً على اتخاذ أي إجراء يُذكر لإنقاذ نفسك.

وقس على ذلك بقية أمور حياتك الإيجابية والسلبية. فالنتائج التي تراها في حياتك اليوم ما هي إلا حصيلة لعاداتك المتكررة بشكل يومي مستمر.

الخطورة تكمن في هذه العادات الصغيرة البسيطة وقدرتها الهائلة في التأثير على حياتك بشكل جذري.

إن التزامك بإجراء تغيير بسيط بنسبة 1% كفيل بتحقيق تغيير ملموس مع نهاية العام. لا تحتقر التغييرات البسيطة والدائمة مهما بدت تافهة، فهي ما يصنع الفرق.

ومن أجل تحسين جودة حياتك، اختر جانباً ترغب في تغييره، وابدأ من الآن في خلق عادة يومية لتحسين هذا الجانب، وستذهلك النتائج التي ستحققها بعد فترة من الزمن.

فالتغيرات العظيمة تبدأ بخطوات بسيطة ومستمرة. وتعوّد النظر إلى النتائج المرجوة لا إلى طول الطريق.