سلوى المؤيد
أتابع في هذه الحلقة ذكر الصفات والعقد النفسية التي تتركز في نفسية الطفل بسبب المعاملة السيئة والتحقير أو التحرش والاغتصاب الجنسي.
السلوك العدواني نحو الآخرين:
يقول الدكتور «براد شو» إن الأشخاص الذين عانوا في طفولتهم من المعاملة القاسية مثل الضرب والألفاظ الجارحة أو التحرش والاغتصاب هم السبب في الكثير من الجرائم الأكثر وحشية في العالم وهم من يكونون السبب في اشتعال الحروب العالمية وأكثر الجرائم القائمة على القتل المتسلسل، هتلر كان واحداً منهم كما ذكرت، وصدام حسين مثال آخر لحروبه العبثية العدائية لجيرانه.
كلاهما تربى تحت أب قاسٍ وسادي وتعرضا للضرب والإذلال والتحقير من آبائهم، وسبب عداء هتلر لليهود وإذلالهم وقتلهم حرقاً أن والده كان يهودياً غير شرعي، وقد تعرض هتلر للمهانة والضرب والإذلال دائماً من هذا الأب، أما صدام حسين فقد كان يتعرض إلى ضرب عمه المبرح وإذلاله بالسب والتحقير لشخصه.
ويضرب الدكتور براد شو أحد الأمثلة لنتائج هذه المعاملة القاسية لهذا من خلال مثال لشخص يدعى داوسون يعمل كمصارع وكان يعاني من حياة زوجية بائسة، في إحدى مباراته كسر فك خصم له في المصارعة لأنه على حد قوله أثاره وأغضبه، أي لم يضع اللوم على نفسه وإنما قام بلوم خصمه، وعندما أجرى معه عدة لقاءات لعلاجه، اتضح للطبيب أنه كان يعاني في طفولته من قسوة والده وعدائيته وكان يرتجف خوفاً من اعتداء والده القاسي عليه، وعندما كبر هذا الطفل كبر معه خوفه من ثورات والده العنيفة ووجد نفسه وهو يتعرض لضرب المصارع لا شعورياً.. يتذكر كل العذاب الذي كان يلقاه على يد والده وشعر أنه يجب ألا يكون ذاك المسالم الذي عذبه والده ورغم غضبه وإنما عليه أن يضرب خصمه بعنف أي تلبس شخصية والده من الخوف وضرب المصارع بقسوة وكسر فكه.
السلوك العدواني نحو ذات الشخص:
هناك تصرف عدواني يتجه فيه الشخص المريض نفسياً إلى معاقبة نفسه بدل الاعتداء على الآخرين، حيث يقوم بتحقير نفسه مثلما كان أبواه يعاملانه في طفولته.
أحد مرضى الدكتور براد شو كان يعذب نفسه عندما يرتكب خطأ، يتحدث مع نفسه بسخرية واستهزاء، كانت والدة هذا الشخص لا تسمح له أن يعمل أي شيء يخصه حيث تلبي جميع احتياجاته، وكلما أراد أن يخدم نفسه قفزت له قائلة «أمك تحتاج أن تساعد ولدها الصغير» أو تقول له «أنت تقوم بالعمل جيداً لكن دع أمك تساعدك في أداء مهمتك»، لم تكن هذه الأم تدع ابنها يعتمد على نفسه، لقد تعود أن يطيع أمه بدون نقاش وكان غاضباً جداً في قرارة نفسه لكنه لا يعبر عن غضبه، لأنه تعلم أن الغضب على الوالدين خطيئة، لذلك كان هذا الرجل يوجه غضبه من أمه على نفسه ويحقر شخصيته بضرب رأسه بيده أمام المرآة، ويشعر أنه غير قادر عندما كبر على إنجاز أهدافه.
يقول الدكتور براد شو إن هذا النوع من الغضب يسبب توتراً شديداً في داخل النفس ويسبب أمراضاً عديدة لصاحبه في جهازه الهضمي كم أنه يصاب بالروماتزم وحساسية مفرطة في الجهاز التنفسي إلى جانب الصداع وأمراض القلب والسرطان إذا لم يعالج مشكلته ويتخلص من هذه العادة القائمة على القلق والتوتر.