أكدت التربوية بسمة عبدالله أن الكثير من الآباء يلاقون صعوبة في قول كلمة "لا" لأبنائهم، أو رفض بعض طلباتهم تحت ضغوط الإلحاح أو التهديد من الأبناء حتى لو كانت هذه الطلبات تثقل كاهلهم، أو ترهق ميزانيتهم المتواضعة، معتقدين أن التأخير في تلبية بعض المتطلبات أو رفضها نوع من الإهمال أو القسوة في التعامل مع الأبناء، وبالتالي سينتج عن هذا الرفض أو المنع نوع من الضرر النفسي، أو التباعد والجفاء وعدم الألفة بينهم وبين الأبناء.

وقالت إن إحدى أهم مسؤوليات الأهل تجاه أبنائهم هي قول كلمة "لا" لأبنائهم، لأنها تعلمهم الكثير من مهارات ودروس الحياة، تعلّمهم الصبر، تدفعهم للتخطيط لتحقيق أهدافهم، تحثهم على إيجاد بدائل.. وبالتالي تنمي لديهم مهارات التفكير والإبداع، وتطوّر لديهم مهارات حل المشكلات، تعلّمهم أن كلمة "لا" هي جزء طبيعي من الحياة، وبالتالي يحق لهم أيضاً استخدامها دون الشعور بالذنب ولا الاستياء من أنفسهم.

وحول الوقت الذي يجب على الآباء أن يقولوا "لا" لأبنائهم تقول المهتمة بشؤون التربية والطفل بسمة عبدالله أولاً عند كثرة الطلبات غير الضرورية، فإنه حتى لو توفرت الإمكانات المادية ليس من الصحيح تربوياً أن يلبي للأبناء كل ما يطلبونه، إلا إذا كان من الضروريات، ولا نقصد هنا الحرمان ولكن نعني الاستجابة وفي حدود المستطاع لبعض الطلبات الترفيهية وليس كلها، لأن تلبية رغباتهم باستمرار تعودهم على النهم والأخذ باستمرار ومع الوقت يصبحون شرهين للاستهلاك والامتلاك، ولا يتقبلون فكرة الرفض أو المنع، وهذا له تأثيرات خطيرة مستقبلاً مثل الأنانية وعدم تقدير قيمة ما يمتلكونه، ومن الأمور السلبية من قبل بعض الآباء أنهم لا يتعاملون مع أبنائهم بمبدأ الشفافية ويحجبون ظروفهم وإمكاناتهم عن أبنائهم. من الأفضل إشراك الأبناء حتى ولو كانوا أطفالاً، في تعرف ظروف الأسرة وإمكاناتها، وهذا أمر صحي يعوّدهم المشاركة وتحمل المسؤولية، ويحدد طلباتهم.

ثانيا، الطلبات التي تضر بصحتهم، عندما يقوم الأبناء بأمور تضر صحتهم وتؤثر على حياتهم في المستقبل مثل: السهر لفترة طويلة، أو تناول طعام غير صحي، أو الجلوس لفترات طويلة أمام التلفاز أو الأجهزة الإلكترونية واللوحية يجب على الآباء أن يرفضوا تلك السلوكات الخاطئة حتى وإن لاقوا المعارضة من الأبناء.

ثالثا، تنمية العلاقات السلبية وتقليد الآخرين عندما نلاحظ تأثر الأبناء برفقاء السوء في المدرسة، أو تقليدهم للشخصيات المشهورة والهابطة في وسائل التواصل الاجتماعي، فيجب على الآباء رفض تلك السلوكات الخاطئة مع المراقبة والمتابعة المستمرة حتى يتوقفوا عن هذا الفعل، فإذا اعتاد الطفل أو المراهق على تقليد أصدقائه وأقربائه منذ الصغر فلن يكون له شخصية مستقلة وسيبحث دائماً عن شخص يحاكيه السلوكيات الخاطئة التي تنافي القيم والأخلاق الإسلامية.

رابعا، التهاون في القيم الأخلاقية وعدم تطبيقها في حياتهم، عندما نلاحظ قيام أبنائنا بسلوكات تنافي القيم والأخلاق الإسلامية مثل الكذب، والسرقة، والتلفظ بالألفاظ النابية، جميعها سلوكيات يجب أن يرفضها الآباء ولا يسمحون بها، وتعزيز القيم الأخلاقية في نفوسهم منذ الصغر وذلك بقراءة الكتب والقصص التي تنمي الجانب القيمي في حياتهم وتطبيقها في الحياة اليومية.

ونشدد على أهمية الحوار مع الأبناء لتوضيح وتبرير أسباب الرفض وقول كلمة "لا" بأساليب تتناسب مع مراحلهم العمرية، فالرفض بالرغم من أهميته أحياناً في تربية الأبناء إلا أنه أيضاً قد يساء استخدامه من قبل آباء يلقون الأوامر فقط وعلى الأبناء تنفيذها من دون أي اعتراض أو حتى تبرير واضح، مما يؤثر سلباً في نفسية الطفل والمراهق وقد يساهم في زعزعة شخصيته، فقد يشعر بمشاعر سلبية تجاه نفسه مثل الرفض وعدم التقبل والاضطهاد وقلة تقدير الذات، بالإضافة إلى أنه قد يشعر بالحزن والإحباط والحرمان والمشاعر العدوانية تجاه أفراد أسرته والآخرين كالعناد والغضب، والتمرد، والغيرة والقيام ببعض السلوكات السيئة أو المؤذية دون إخبار أهله أو طلب الإذن منهم لأنه اعتاد على الرفض دون شرح الأسباب، فهو لا يعلم أن الرفض جاء لمصلحته وحمايته.