أيمن شكل
التنمر خاصة على مواقع التواصل يحتاج لنص عقابي..

منذ بداية العام الدراسي الحالي واجهت وزارة التربية والتعليم وقائع اعتداء من طلبة على بعضهم البعض ومن عاملة على طفلة في روضة، وأيضاً ادعاء من ولي أمر طالب أن ابنه تعرض للاعتداء من معلمته وتبين فيما بعد أن الواقعة غير صحيحة، وحول تلك الوقائع ومدى تجريم التنمر ونشر المقاطع المصورة، والحق في بثها من أشخاص آخرين، أوضح محامون أن التنمر مازال يحتاج لنص عقابي لم يمرر في المجلس التشريعي السابق، وأكدوا الحاجة للموازنة بين تجريم تصوير الحياة الخاصة، ومنح الحق في تصوير جريمة تحدث لاتخاذ المقطع دليلاً على وقوعها ومعاقبة فاعلها.

وحول قضية التنمر والاعتداءات الطلابية والاعتداءات الأخرى التي انتشرت في الأسبوعين الماضيين، لفت المحامي زهير عبداللطيف إلى أن لجنة الشؤون الخارجية والدفاع والأمن الوطني بمجلس النواب قد وافقت في وقت لاحق على مقترح بقانون يقضي بمعاقبة كل من يتنمر على الغير بالقول، أو الإشارة أو عبر مواقع التواصل الاجتماعي أو إطلاق العبارات العنصرية أو فرض السيطرة أو السخرية أو استغلال ضعف المجني عليه، واقترح عقوبة الحبس مدة لا تزيد عن 3 أشهر وبالغرامة التي لا تقل على 300 دينار ولا تجاوز 3 آلاف دينار أو بإحدى هاتين العقوبتين.

لكنه أشار إلى تحفظ وزارة الداخلية على المقترح بقانون، مؤكداً الحاجة الملحة لتقنين ما يحدث عبر وسائل التواصل الاجتماعي، وكذلك ما بين الطلبة في المدارس. وقال عبداللطيف إن المادة 366 من قانون العقوبات قد حددت عقوبة القذف والسب بطريق التلفون أو بدون استفزاز في مواجهة المجني عليه وبحضور غيره، وشددت الظرف إذا وقع القذف أو السب في حق موظف عام في أثناء أو بسبب أو بمناسبة تأديته وظيفته أو كان ماساً بالعرض أو خادشاً لسمعة العائلات أو كان ملحوظاً في تحقيق غرض غير مشروع.

وأوضح أن الاعتداء على سلامة جسم الغير بأي وسيلة يعاقب عليه بالحبس أو بالغرامة بحسب نص المادة 339 من قانون العقوبات، وقال: «إنه في حال ثبوت الاعتداء يكون للقاضي السلطة في تحديد العقوبة المناسبة بحسب الواقعة وأثرها حال أفضت إلى مرض أو عجز مدة تزيد على 20 يوماً».

وأكد أن واقعة الضرب بالسبورة المزعومة في مدرسة عالي الابتدائية والتي نشرها ولي أمر الطالب على مواقع التواصل تمثل جريمة تندرج تحت بث الأخبار الكاذبة، ودعا إلى اتخاذ إجراءات رادعة لمنع انتشار مثل هذه المقاطع التي تبعث برسائل غير حقيقية ومغرضة تعتبر جريمة تستلزم العقوبة.

وعلى الجانب الآخر أشار المحامي عبدالرحمن غنيم إلى إشكالية تداول المقاطع في وسائل التواصل الاجتماعي ومدى أحقية الشخص الذي قام بتصوير هذه المقاطع في نشرها عبر وسائل التواصل الاجتماعي باعتبارها تمثل جرائم جنائية، موضحاً أن المشرع البحريني لم يقر نصاً مباشراً يجرم هذا الفعل، وإنما نص في المادة 370 من قانون العقوبات على أنه «يعاقب بالحبس مدة لا تزيد على ستة أشهر وبالغرامة التي لا تجاوز خمسين ديناراً أو بإحدى هاتين العقوبتين من نشر بإحدى طرق العلانية أخباراً أو صوراً أو تعليقات تتصل بأسرار الحياة الخاصة أو العائلية للأفراد ولو كانت صحيحة إذا كان من شأن نشرها الإساءة إليهم».

وقال غنيم إن هذا النص قد أضفى التشريع الجنائي على النشر بإحدى طرق العلانية أياً كانت الوسيلة أخباراً أو صوراً تتصل بالحياة العائلية للأفراد، ولفت إلى أن القيد الوارد بهذا النص يكون في «الحياة الخاصة» ويكون القصد منه الإساءة للشخص المصور.

وأكد غنيم أن المشرع الجنائي بهذا النص لم يجرم عملية التصوير لفعل يمثل في حقيقة الأمر جريمة؛ فكل من قام بتصوير واقعة تمثل جريمة يعتبر تصويره في حقيقته رفعاً لدليل قد يكون إدانة لمرتكب هذه الجريمة، ولفت إلى أن قانون العقوبات قد أوجب كل من يرى جريمة جنائية بعينيه أن يقوم بالإبلاغ عنها، وقال: إذا كان هناك إبلاغ فإن ذلك يستوجب وجود حق في التصوير كي يكون دليلاً على من ارتكب هذا الفعل، وخاصة أن الفعل لا يشكل جريمة معاقباً عليها إلا في الحالة التي قيدت في نص المادة 370 من قانون العقوبات.

واستدرك المحامي غنيم قائلاً: «لا يعني ذلك الموافقة على جواز إعطاء الحق لأي شخص أن يقوم بالاعتداء على حرية غيره بتصويره في حياته الخاصة أو العامة ونشر هذه الصور؛ لأن ذلك يمثل في حقيقة الأمر اعتداءً على الحرية الشخصية، ولكن إذا كان التصوير متعلقاً بفعل جريمة فإنه لا جريمة على هذا السلوك، ويكون فعلاً واجباً على كل شخص حتى يكشف الجريمة وتتلقاها السلطات المختصة لتحريك الدعوى الجنائية، وتعتبر تلك من أشكال الرقابة الوطنية على السلوك الخارج على القانون».