أميرة صليبيخ


ربما يبدو العنوان غريباً بالنسبة للبعض، وربما يبدو أكثر ألفة لمن قرأ الكتاب الذي يحمل الاسم نفسه «العادات الذرية: منهج سهل لبناء عادات جيدة والتخلص من العادات السيئة» للكاتب جيمس كيلر. يقع الكتاب في 304 صفحات ويكاد يكون دستوراً شاملاً وكاملاً للفرد من أجل تبني توجه ذهني إيجابي ينعكس على نمط الحياة، من خلال ممارسة تغييرات بسيطة وصغيرة، ولكنها مستمرة، تضمن تحقيق كل أهدافك وأحلامك.

الضجة التي أثارها الكتاب جعلتني أتطلّع لقراءته بالرغم من أني لست من مؤيدي قراءة الكتب التي يتهافت عليها الأغلبية لأنها دائماً ما تكون دون المستوى المتوقع، كما أن أغلب هذه التقييمات تكون من قبل حديثي القراءة الذين لا تعّول على توصيتاهم كثيراً. لكن هذا الكتاب مختلف، ويأخذك من الأسطر الأولى لرحلة تأمل داخلية في ذاتك، تجعلك تتفحص معتقداتك وممارساتك اليومية التي تشكل حياتك والتي تجعلك أنت تكون أنت، فهذه الذرات الصغيرة من العادات هي المحرك الخفي لك.

وتأتي تسمية الكتاب بالعادات الذّرية من «الذرّة» وهي أصغر جزء من العناصر في الكون، وبالرغم من حجمها الذي لا يكاد يوزن أو يؤخذ بالحسبان إلا أن تأثيرها خارق، ويفوق ما قد يتوقعه الشخص. فتراكم هذه الذّرات الصغيرة وتجمعها مع الوقت يخلق كياناً كبيراً، تماماً كما يحدث مع تراكم العادات البسيطة التي نمارسها كل يوم دون وعي فهي ما تشكل في النهاية حياتنا. وحتى نتقن فن تشكيل الحياة علينا أن نبدأ في تأمل هذه الذرات الصغيرة التي تصنع كياننا.

وحتى تستفيد من قوة الذرة في تحسين جودة حياتك، يقول الكاتب أن النجاحات الكبيرة لا تأتي بالضرورة من التغيرات الكبيرة، بل من الأمور الصغيرة فهي التي تحدث الفرق. فتعلم لغة على سبيل المثال لن يحدث لأنك عكفت لمدة يومين على قراءة كتب في اللغة، ولكن يحدث بالاستمرارية والالتزام من أجل تحقيق الهدف، ففي النهاية الهدف لن يصنع الفرق، ما يصنعه هو نمط الحياة الذي تبتكره أنت والعادات الذرية المستمرة التي تلتزم بها. فالسر كله يكمن في هذه الذرة الصغيرة، فهي التي ستقودك نحو تحقيق النجاح.

وفي القرآن ورد مفهوم الذرة في قوله تعالى «فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ»، وهذا أكبر دليل على أن هذه الذرة التافهة لها قيمة ووزن عند الله، لذا عليك أن تعرف قيمة هذه الذرات في تسيير حياتك والتأثير عليها.